8 أبريل، 2024 9:08 م
Search
Close this search box.

تشدد.. و اعتدال

Facebook
Twitter
LinkedIn

“هل تقصد ان قلة اطلاع الفرد هو سبب التشدد؟”
قالت لي ذلك،، وهي تتطلع الى فهم العلاقة بين العلم والتشدد. فقلت لها:
“يفترض ان نحدد معنى الاطلاع.. واقصد به سعة الاطلاع… اي المعلومات التي يكتسبها الانسان.
ولا يشترط ان يكون الاطلاع بالقراءة، لكنها الوسيلة الاكثر فاعلية.
الا ان سعة الاطلاع، قد تعني الانفتاح.. وليس الاعتدال .
يعني كل معتدل منفتح… وليس كل منفتح معتدل..!
انا اعتقد ان الاعتدال، يحتاج إلى امرين، هما:
اولا. الانفتاح، او سعة الاطلاع المتنوع.
ثانيا. القدرة على الاستقراء. ثم الاستنتاج.. .”
ابتسمت باستغراب.. والقت بنظرها حولنا، حيث تتوزع الموائد،، ويشغلها ضيوف من مختلف البلدان. ثم قالت:
” انا فهمت منك، ان الاطلاع والقراءة، هو الذي يجعل الانسان، غنيا بالمعلومات، فلا يتمسك باتجاه معين ويتشدد له. بل يكون محايدا او متوازنا تجاه النظريات والافكار،، فيكون منفتحا ومعتدلا.
لكن، انت الان تضبف بعدا او شرطا جديدا للاعتدال.. شلون؟؟”
لفت انتباهي الشاب الانيق، الذي يعمل في صالة الفندق وهو يقدم الماء ثم الشاي لنا. كانت ذراعه تتحرك بزوايا قائمة، مثل الروبوت. يبدو لي انه تدرب طويلا على مهنة الخدمة في الفندق. وشكلت ماهيته وشخصيته.
اشرت لها لتشرب الشاي. وقلت:
” نعم، قبل ايام كنت افكر هكذا…
ان القراءة وسعة الاطلاع، تجعل الانسان معتدلا.
لكن، الان، اعتقد ان هذا غير صحيح، الا بوجود قدرة عند ذلك الانسان على الاستقراء والمقارنة والاستنتاج. تلك القدرة تجعله، مستوعبا للتنوع البشري، وموضوعيا تجاه الاخر. ومستعدا لحبه، وفهمه.”
اخذت رشفة شاي من كوبها، ثم سالتني:
” لماذا بدلت رايك؟
انا اجد ان القراءة هي تنتج سعة اطلاع، تجعل الشخص منفتحا او معتدلا. مو..؟ ”
ابتسمت لها. وسالتها:
” هل تعتقدين ان الفرد الذي يقرا عشرات الكتب… او مئات.. او الاف.. وكلها مادية، هو شخص منفتح؟
او ذلك الذي يقرا الاف الكتب الدينية، من اتجاه معين.. هل هو منفتح؟
لذلك، الافضل، ان نحدد مفهوم القراءة، بالقراءة المتنوعة، او الثقافية. طبعا، الافضل ان يجمع الانسان بين القراءة العلمية والثقافية،، ليكون منفتحا…
لكن، لا يعني ذلك، انه قد اصبح معتدلا…!
نظرت بدهشة وسالت:
“وكيف يكون معتدلا.؟”
قلت:
“ان يكون مستوعبا لاهمية التنوع والاختلاف.”
ثم خطر في بالي:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا
قلت لها:
“لاحظي حتى الاعتدال في التعامل مع الجنس الاخر، يحتاج فهما لهذه الاية، والتي تعبر عن هدف او الية من اليات المشروع الالهي… فضلا عن قبول الاخر بعيدا عن العنصرية او التشدد الفكري،، والتشدد موجود عند اغلب الاتجاهات، حتى الليبرالي، بسبب قلة الاطلاع… وقلة التفكر”
وللحديث بقية…

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب