23 ديسمبر، 2024 8:25 ص

في كثير من الاحيان،تتقمص الضحية ودون أن تدرك شخصية الجلاد بكل قسوته ووحشيته ودناءته،بل تبدو في أغلب الحالات اكثر منه بدرجات،وكأنها تريد بذلك ان تثبت للجلاد قبل أن تثبت لنفسها على انها اكثر قدرة وتفوقا منه عليه .

وفي اللحظة التي تحاول فيها ان تقدم لها المشورة والنصيحة عطفا وشفقة ورحمة بها وعليها ،فتنبهها الى ماهي عليه من حالة التقمص التي وصلت بها الى حالة من التماهي مع شخصية الجلاد،حتى اصبح من الصعب التفريق بينهما شكلا وممارسة ومنطقا ومنهجا،تجدها تستثار وتغضب وتستنكر ماانت أقدمت عليه،وكأنها تريد بذلك أن تقول لك: لااريد العودة مرة اخرى الى موقع الضحية، حتى لو كان السبيل الى ذلك أن اكون الجلاد نفسه.!

هي تدرك جيدا في حالتها هذه بأنها مازالت تعيش مشاعر وهواجس الضحية..فهي خائفة،مرعوبة،ضعيفة،مسلوبة الارادة،حتى لو كانت تقف امام صورة فوتوغرافية للجلاد..فكيف بها إذا ماوقفت امام الجلاد نفسه بشحمه ولحمه ؟

الضحية هنا اكثر خطورة من الجلاد،يمكن ان تذهب في قسوتها الى اقصى مدى،يمكن أن تحرق الاخضر واليابس دون أن تشعر بالألم،أو الندم .

وكلما انساقت مندفعة وراء حدة مشاعرها وارتكبت مارتكبت من اخطاء وخطايا،كلما زادت شهوتها الى القتل والتدمير،ولن يوقفها رادع عن الاستمرار،فكل القيم والمعايير الانسانية والسماوية تصبح لاقيمة ولاوجود لها في حساباتها .

من الصعوبة بمكان والضحية على هذه الحالة المَرَضيَّة المتقدمة إعادتها الى ذاتها الانسانية الحقيقية التي كانت تدرك فيها معنى ألم الضحية.

فلاسبيل إلاَّ أنْ توضع في مَصح نَفسي وأنْ تعزل عن المجتمع الطبيعي السليم.

فكم من الشخصيات تعيش بيننا تتحكم بمصائرنا وهي على هذه الصورة ونحن لم نكتشف بعد علتها.

وأخرى كانت مكشوفة لنا،لكننا – وهنا تكمن العلة – مشينا خلفها