من المبادئ الأساسية لأية موازنة او ميزانية هو التوازن والتناسب المنطقي لجانبيها الأيمن والأيسر ، والموازنات المالية الحكومية وغير الحكومية تتكون من طرفين أساسيين هما المدين والدائن وعندما يكون الطرفين غير متساويين فان الفرق بينهما يكون بمقدار معين يوضع في احد الجانبين فيقال عنه مثلا فائضا او عجزا بمقدار الفرق زيادة او نقصان ، وهذه القاعدة ابسط ما يتم تطبيقه في الموازنات للحكم على دقتها من حيث الحكم الأولي ، ورغم بساطة هذه القاعدة إلا إن الموازنات الاتحادية التي تم إعدادها في السنوات السابقة شهدت العديد من الأخطاء منها عدم توازن جانبي الإيرادات والنفقات ، وهي أخطاء غالبا ما تحصل بعد إحالتها من قبل الحكومة ومناقشة محتوياتها في لجان مجلس النواب وإجراء التغييرات عليها ، وتزداد في القراءة الثالثة لمشروع الموازنة حيث تتصاعد الأصوات للزيادة والنقصان في اللحظات الأخيرة لبعض الفقرات ، وموازنة 2023 رغم ما قيل عنها من إنها موازنة أكثر ضبطا باعتبارها موازنة سيتم سريانها لثلاث سنوات ( 203، 2024 ، 2025 ) ، ألا إنها تضمنت العديد من الأخطاء و( التجاوزات ) سواء ما يتعلق بعدم تطابق جانبيها او الاختلاف بين النص الوارد في فقراتها والجداول المرافقة لها او من حيث الحذف والإضافة والتغيير ، وتلك الأمور لها العديد من الدلالات والمؤشرات التي تتعلق بموضوعية الموازنة ومنطقيتها من الناحيتين الحسابية والرياضية على الأقل ، وأخطاء الموازنة من السهولة اكتشافها من قبل المختصين و من المفروض أن لا ترسل من قبل اللجنة المالية في مجلس النواب ورئاسته للمصادقة عليها من قبل رئاسة الجمهورية إلا بعد تدقيق محتوياتها تدقيقا شاملا لكي تكون الجهات التنفيذية ( المالية والتخطيط ) بتمام الجاهزية لإصدار تعليمات تنفيذها بيسر ، آخذين بنظر الاعتبار إن كل الموازنات التي صدرت متأخرة لعدة شهور عن موعد بدايتها المفترض في الأول من كانون الثاني كل عام .
وبموجب السياقات المعتمدة فان الموازنة لا يمكن أن تعد نافذة إلا بعد تصحيح الفقرات التي تستوجب التصحيح لما تحتويه من أخطاء من مختلف الأسباب ، ولان الموازنة الاتحادية لعام 2023 صدرت بموجب القانون 13 في 26 حزيران و بمرسوم جمهوري ، فان التصحيح فيها يجب أن يستند لبيان من رئاسة ديوان الجمهورية ويعد نافذا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية ، وبتاريخ 17 تموز الحالي صدر العدد 4729 من جريدة الوقائع العراقية الذي خصص لنشر بيان تصحيح صادر عن رئاسة الجمهورية بشان قانون الموازنة الاتحادية رقم 13 لسنة 2023 ، وقد تضمن بيان التصحيح العديد من الفقرات وسنعرض جانبا منها : تصحيح المبلغ الوارد في المادة 2- أولا النفقات والمتعلق بمجمل النفقات ، تعديل المبلغ الوارد في التسلسل 2 المخصص للنفقات الرأسمالية ، تعديل المبلغ المخصص لإعمار المشاريع الاستثمارية الممولة من القروض الأجنبية الوارد في ج من فقرة النفقات الاستثمارية ، تعديل مبلغ العجز الوارد في الفقرة ثانيا من المادة 2 ، تعديل الفقرات (1- ب ) و3(و ) و( ذ، ك ) في الجدول الوارد في الصفحة 10 من قانون الموازنة سابق الذكر بما ينسجم مع التصحيح للفقرات أعلاه ، تعديل المبلغ الوارد في الفقرة 5 من المحور الأول والمبلغ الوارد في الفقرة 1 من المحور الثالث ، وتضمن البيان أيضا تعديلات عديدة شملت ( 21 ) فقرة من الفقرات التي وردت في قانون الموازنة ، وهناك فقرتين مهمتين وجوهريتين في التعديلات إضافة لما ذكر في الفقرات السابقة الأولى ، تضمنت ( يلغى الجدول ( ب المعدل ) و ( هاء المعدل ) و ( د المعدل ) لكون نص المادة 76 من قانون الموازنة 13 لسنة 2023 من صلاحية وزير المالية إجراء التعديل للجداول مدار البحث وفقا للجدول ( هاء المعدل ) وكذلك يلغى جدول البرنامج الحكومي مرفق قانون الموازنة وذلك لعدم وجود أي نص ضمن نصوص قانون الموازنة المذكورة يشير إليه وإنما تضمنت التقديرات المدرجة بجدول البرنامج الحكومي ضمن جدول ( هاء ) المعد من قبل الحكومة والذي جرى التعديل عليه بجدول ( هاء ) المعدل من قبل مجلس النواب ) ، والفقرة الثانية ، تضمنت ( تعتمد الجداول المرفقة مع هذا البيان والمرسلة من وزارة المالية مع ملاحظة الفقرة 22 منه )، مما يعني إجراء تعديلات على الجداول الواردة في الصفحات 10 و11 و12 من نص قانون الموازنة رقم 13 المنشور في الجريدة الرسمية 4726 في 26 حزيران 2023.
ومن حق المواطن أي مواطن أن يسأل ، هل إن التفاصيل الواردة بهذا البيان والتي تتضمن ، إضافة وتعديل وتعطيل وتغيير في مبالغ التخصيصات والجداول ، اطلع عليها السادة النواب واللجنة المالية باعتبارهم هم من صوتوا على الموازنة أم إنها تصويب وتصحيح لفقرة لا يعارضها مجلس النواب وليس من الواجب إعادة عرضها عليه ؟ ، كما أن التساؤل قد يشمل لماذا لم يتم التفاهم والتنسيق المسبق بين الجهة التي طلبت إصدار البيان ( وزارة المالية ) ومجلس النواب لتصحيح ما ورد أعلاه قبل صدور المرسوم الجمهوري والنشر في الجريدة الرسمية لعدم ترك الانطباع للمواطن والمطلعين بوجود الأخطاء ولاختصار الزمن لإصدار تعليمات التنفيذ بما لا يؤخر مصالح الشعب المتعطش للموازنة منذ سنة ونصف وجعل الناس يستفيدون من التخصيصات بلا مزيدا من التاخير؟ ، والسؤال الذي يمكن أن يطرح بهذا الخصوص أيضا ، إذا كانت هذه الموازنة قد تعرضت للطعن من قبل الحكومة أمام المحكمة الاتحادية ل12 من موادها 6 منها حصل القرار بتعطيلها لحين البت بها بشكل قطعي وهي اليوم تتعرض ل( تصحيح ) بهذا القدر فماذا تبقى من الموازنة ؟ ، وما هو التقدير لدرجة جودتها بمقاسات الموازنات آخذين بالحسبان إنها موازنة يجب إن تكون سارية المفعول ل3 سنوات ( إن شاء الله ) ؟! .