عمره ثلاثة وعشرون عاما فقط ، وهو طالب في الصف الثالث متوسط/المرحلة المسائية ، اعتقلته شرطة الانبار في عامرية الفلوجة وسلمته الى مقر الفرقة الثامنة / الاستخبارات العسكرية فقاموا بتعذيبه بتعليقه وربط يديه بالحبال لمدة اسبوع ووضع الحصى الساخن فيها ، ثم اطلق سراحه !!
لماذا تم اعتقاله ؟ لأن اسمه هو( عدي حاتم سليمان ) …ولماذا اطلق سراحه ؟ لأن الأمر برمته كان عبارة عن (تشابه اسماء ) كما اتضح للجيش فيما بعد !..لكن القضية لاتكمن في سبب اعتقاله بل في كيفية تعذيبه بشكل وحشي اذ تبين بعد خروجه من المعتقل ونقله الى المستشفى ان على الاطباء قطع يديه المتورمتين والمسودتين ، وكتب عليه ان يعيش بقية حياته معاقا بدنيا بسبب قطع يديه ، ونفسيا لشدة احساسه بالظلم والاهانة ..وكل ذلك بسبب ( تشابه اسماء ) ..
في حادثة اخرى ، ظهرت صورة احد افراد الصحوة من سكنة اطراف بغداد في الشوارع وهي تحمل صفة ( ارهابي ) واضطر الى التخفي خشية اعتقاله ، لكنه أصر على معرفة سبب اتهامه بالارهاب وكان عليه ان يثبت براءته فتابع مسؤول الصحوة في المنطقة قضيته وتبين بعد فترة ان الأمر برمته كان ايضا ( تشابه اسماء ) وان ظهور اسمه في حاسبات احدى نقاط التفتيش في منطقته اقترن بأسم ارهابي مطلوب ، وحين جرى البحث عن صورته في الحاسبات ظهرت صورة عضو الصحوة المخزونة اصلا كونه منتسبا لديهم، ولم يتم التأكد بالطبع من هوية صاحبها فأصبح الرجل ارهابيا دون أن يعلم ورافقه عدم الاحساس بالأمان حتى بعد انكشاف الأمر ورفع
صورته من الشوارع ، فهناك من سيصدق مارأته عيناه ولن ينتظر ايضاحا من الرجل بأن كل ماحدث كان نتيجة (تشابه اسماء )!!
واذا كان منتسب الصحوة قد خرج من هذا الالتباس بشعور الخوف فقط وعاد لممارسة حياته بشكل طبيعي فان الشاب الذي فقد يديه لن ينسى يوما انه كان ضحية اعتقال عشوائي وتعذيب يتنافى مع مواثيق حقوق الانسان وانه لن يمارس حياته يوما بشكل طبيعي …
قبل فترة ، كشفت لجنة حقوق الانسان البرلمانية عن انتهاكات لحقوق الانسان في السجون العراقية ففضلا عن مكوث السجناء في سجون تفتقر الى ابسط شروط الراحة فهم يتعرضون الى ابشع وسائل التعذيب لانتزاع الاعترافات منهم كما يقضي العديد منهم سنوات في سجون التوقيف دون صدور احكام بحقهم ..وقتها طالب بعض مدراء السجون بافتتاح سجون اخرى لتقليل الزخم الحاصل في عدد السجناء لكثرة الملفات غير المحسومة في الوقت الذي ينبغي فيه محاكمتهم خاصة وان السجون تضم العديد من الابرياء الذين تم اعتقالهم عشوائيا ..لكن المتهم بريءحتى تثبت ادانته في قوانين الدول الأخرى ، اما لدينا فالبريء متهم حتى تتم محاكمته ولأن ذلك قد يستغرق سنينا ، ستظل السجون تغص بالسجناء -الابرياء منهم وغير الابرياء – وسيتواصل انتزاع الاعترافات منهم بالتعذيب المؤدي احيانا الى الموت او الاعاقة ، بينما يحتاج القضاء العراقي احيانا الى اقل من ساعة لمحاكمة مسؤول وتبرئته، ودون أن يمر المسؤول بمراحل (انتظار التحقيق الطويل ) او (حفلات التعذيب الصاخبة ) !!