23 ديسمبر، 2024 8:29 ص

تسيس الإنسان بين الدين والقرآن

تسيس الإنسان بين الدين والقرآن

(( أن كل الأنبياء والرسل كانوا في أزمنتهم قادة لمجتمعاتهم قادوهم نحو الخير والتفاضل والرقي والقيم الأخلاقية وخصوصا في أسرهم ومجتمعاتهم في ظل تطبيق سنن وشرائع وقوانين رسمها لهم رب السماء والأرض وخالقهم والعالِم بهم وبسريرتهم البشرية آنذاك إلا شرذمة من أقوامهم وهم أراذل القوم الذين أبوا ذلك بالابتعاد عن الحقيقة الربانية والحق والبينة حين تخلوا العقائد والتفكك الأسري ومشاكلهم مع الغير التي أدت إلى الصراعات الدموية أودت بحياة الكثير لذا تتابعت الرسل والرسالات السماوية كل حسب متطلبات مجتمعه وزمانه وطبيعته النفسية وموقعه الجغرافي وزاد التشدد في التعاليم والقوانين وتطورت مفاهيمها ونصوصها حسب التشدد في ممارسات البشر ومدا ابتعادهم عن قيم السماء التي رُسمت لهم من قبل الله تعالى عز وجل . لقد كان للأنبياء والرسل القيادة العامة والمطلقة والتخويل الألهي لهم في قيادة مجتمعهم وزمام المبادرة في تنظيم شؤونها حيث يقع على عاتق الكهنة والحواريين وعباد المعابد والرهبان الذين يأتمرون بأوامر النبي وأما المنسقون مع الخارج فكان رجالا على صلة وثيقة بالرسالة في أدارة شؤون المجتمع ولا يكادون الابتعاد عن منظومة المركز لقطب رحى النبوة والقيادة الدينية . أما بعد الانحراف الذي حصل في عقيدة الشعوب والانقلاب العقائدي والتداخل في الصلاحيات والسلطتين السلطة الدينية التي انحرفت عن مسارها الحقيقي المتمثلة برجال الدين الذين خانوا العقيدة والمبادئ والتجأو إلى الدنيا وزخرفها ومكاسبها والاستعلاء على الناس وتفريغ العقائد الدينية من محتواها وشرعيتها وشرائعها أوجد هذا التنافر والصراع بين عامة الناس ورجال الدين المتنفذين هنا برزت طائفة ركبت موجة الصراع وقدمت نفسها بديلا عن الكهنة والرهبان في قيادة المجتمع على أساس تصحيح مسار البشرية وأعادتها إلى جادت الصواب بإقناع عامة الناس أن الدين لا يلبي طموحهم ولا يحل مشاكلهم مما حصل الصدام بين السلطة الدينية المطلقة آنذاك وبين رجالا سموا أنفسهم رجال سياسة سيسو الناس على آرائهم وطرقهم ونادوا بالإصلاح الديني والإنساني والفصل بين السلطتين وتحجيم السلطة الدينية وإبعاد الناس عنها وتشويه صورتها ومحاولة منها حرفها عن مبادئها وقيمها كما حصل في أوربا في القرون الماضية وما يجري حاليا في زمننا هذا بعد ما وصل الإنسان إلى النضج الفكري والتطور الاجتماعي الذي أراده الله تعالى بإرادته أن يُصِل البشر على الأرض في زمن ولادة النبي محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه ختم بذلك الرسالات السماوية بنبوة محمد ورسالته التي أنزلها عليه ليكون خاتم الرسل وبين يديه أرقى منهاجا كاملا وضع للبشرية كل الأحكام ومصادر التشريع وقوانين تُستنبط منه الأحكام الشرعية الدينية والدنيوية وقوانين وكتب المعاملات والعبادات وسنن التعامل بين أفراد المجتمع الإنساني على حدا سواء ضم بين دفته كل الرسالات التي سبقت الرسالة المحمدية حيث ألمت بكل تطور الزمن وطابقت كل الأزمنة ومحدثاتها الفكرية والاجتماعية والعقائدية والعلمية فجاء القرآن الكريم من السماء جامعا وهاديا ومهديا ونذيرا ومفسرا لكل الألغاز الكونية وظواهرها التي حدثت والتي سوف تحدث مستقبلا حتى قيام الساعة ويوم الحساب واصفا الأسس المحكمة بقوانين قابلة للتطور الزمني والعقلي للبشرية من تنظيم علاقاتها مع بعضها البعض ومع جيرانها من المجتمعات الأخرى وملبيا لكل مستحدثات العصر ليكون مرجعا موحدا للبشرية العربية والغير عربية المسلمة والغير مسلمة يستطيع أن يقود به العالم بنظريته المتكاملة لكن بشرط أن يُفهم القرآن بمعانيه وسياقه الفهمي المعرفي من الاعتماد على الأفكار الماضية والمنحرفة والعقول التي سبقتنا بمئات السنين لكي نسن منه سياسة شاملة لسياسة المجتمع وقيادته عندما نأخذ من منبعه البين المبين . لكن مع الأسف أن الناس قد صدقوا فكرة فصل السياسة عن رجال الدين وإبعادهم عن قيادة المجتمع بذريعة أن رجال الدين لهم مؤسساتهم الدينية والتشريعية والتعريف العبادات والمعاملات وكيفية الوصول إلى الله تعالى ومعرفته وحلاله وحرامه فقط وأنهم لا يلبوا متطلبات المرحلة الجديدة من التطور للعقل البشري ولا معرفة سايكلوجية الفرد ولا يرتقي بما لديهم من أفكار إلى ما وصلت إلية الأمم الأخرى من تطور حضاري وعلمي ورقي اجتماعي وهذا يتحمل مسئوليته المؤسسات الدينية والعقليات المتسلطة التي بقيت قابعة على العقول ومهيمنة على الإرث التاريخي لتفسير القرآن والسنة النبوية الشريفة المزيف القسم الكبير منها وانحرافها عن حقيقتها والسكوت عن الحقائق التي اندثرت مع أصحابها وعلا عليها غبار السياسة . أما الآن علينا أصلاح المنظومة الدينية ورجالها وأفكارهم وأعادت صياغة تفسيرها بالعقلية الجديدة المعاصرة والمواكبة للعصر المتطور مع الحفاظ على النص والمضمون وتهذيب ما شاب من منهج النظرية الألهية وهي ( القرآن ) الكريم الذي هو هدى وتبيان وصراطا مستقيما نحو التقدم والرقي كما قال عز وجل ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ) وكذلك ( فيه آيات بينات وهدى للناس )و( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) وغيرها من الآيات التي تخاطب الناس في جميع أرجاء الأرض المعمورة ولكل الأزمان لهذا الإنسان الذي أوجده من غير عبث فكيف يعقل أن يتركه من غير هدى وسبيل يصارع الحياة ويخوض غمارها بدون منهج ومرجعية يتبعها نستطيع بعدها أنتاج مؤسسات دينية رصينة لكتابة منهاج دستورا موحدا للإنسانية مستوحى من الآيات القرآنية والسنة النبوية الخالصة الواضحة والبينة لقيادة العالم لإعادة كرامته وإنسانيته التي سلبت منه من قبل السياسيين الدنيويين الذين لا يخدمون إلا مصالحهم الضيقة )