أسوأ ما يمكن أن تقدمه للسياحة هو التسويق السلبي أو التسويق بطريقة تنفر السائح منك أو أن يصل إليه الشعور بأنك مستفيد بشكل أو بآخر من وراء ما تقدمه له. العميل يريد أن يشعر أن إلاستفادة موجهة إليه وحده ولا يشاركه فيها أحد لأنه من يدفع مقابل ما تعرضه عليه. والتسويق كما نعلم فن وعلم ودراسة وموهبة وقبول وإقناع وخدمات تقدم على أرض الواقع. ويخطيء من يظن أن السائح لا يدرك كل ما يدور حوله ويقيم كل مرحلة من مراحل عطلته ويكْون خبرة يستفيد منها في إتخاذ القرارات. لذلك فالتصدي لمهمة التسويق ليست مجرد عملية بسيطة فهي تمس قرار العميل مباشرة وأي تسويق غير مدروس سوف يؤدي بالتبعية إلى إبتعاد العميل وإنصرافه عن المسوق. هذا الكلام السابق بديهيات يعرفها أهل التخصص. فالعميل هو قمة هرم المنظومة السياحية والكل يجب أن يعمل علي إرضاءه وكسب وده. حينئذ وعندما يستطيع المسوق أن يقنع العميل بأنه الأحق والأولى بالعناية فيكون بذلك قد حقق الهدف المستهدف. التسويق مسؤول عن مشاعر العميل وعليه أن يجعل العميل يصدق كل ما يقال له وهي مهمة صعبة وتحتاج إلى مهارات خاصة. مناسبة هذه المقدمة ما أراه من محاولات البعض إنشاء محتوى ترويجي وإستغلال مواقع التواصل الإجتماعي المتعددة للتسويق لبعض المواقع والمنشآت والمعالم السياحية، وهي محاولة في مضمونها نبيلة وتستحق الدعم والمساندة والإشارة إليها. بيد أن البعض (وليس الكل) إنحرف عن فكرة التسويق الرشيد وتحولت إهتمامات معظم من يسمون أنفسهم (مسوقون سياحيون) أو (محبي السياحة) إلى طريق آخر وأهداف مختلفة مثل فكرة الإعلان الصريح والفج لبعض الفنادق والمطاعم والمنشآت السياحية مقابل الإقامة المجانية مما حول الأمر إلى تجارة وليس تسويق. من حق كل شخص أن يفعل ما يريد ولكن ليس من حق أحد أن يتكلم بإسم السياحة والسياحيبن إذا ما تعلق الأمر بجوهر صناعة السياحة. من المؤكد أن المكاسب المادية مغرية وطالما لا توجد شبهة فساد فكل من يطلق علي نفسه مسوق سياحي له الحق أن يفعل ما يراه صوابا ولكن ليس له الحق في فرض وجهة نظره على المتلقي. ولكنني أري(من وجهة نظري المحدودة) أنك عزيزي المسوق إن كنت ستعلن عن منشآت وفنادق ومطاعم من خلال المحتوي الذي تبثه لمتابعينك فأنت هنا تفتقر الي الحيادية، لأنك وبكل تأكيد سوف تحكم علي المنشأة بأنها في أفضل حال وهذا ليس من صميم عملك،فهناك أجهزة مسؤولة عن ذلك وبهذا الحكم فأنت تضلل الناس.
ثم ما هي المعلومات السياحية أو التاريخية المشوقة التي تقدمها للمتابعين لصفحاتك علي وسائل التواصل؟ أكيد ليس مطلوبا منك تقديم معلومات مكثفة ولكن على أقل تقدير محتوى جذاب وصورة تعكس هذا المعني بعيدا عن التعمق فنحن لا نريد محاضرة عن التاريخ والآثار. عندما يقوم أحدهم بزيارة فندق أو مطعم أو كافيه ويسهب في وصف جمال وجودة المكان والخدمات فهو هنا يقوم بعمل إعلان صريح ويحكم ويؤثر في قرارت العميل والمفترض أن نصدق كل ما يقال. الحكم هنا باطل لأن هذا المسوق قد حصل على إقامة مجانية وربما أشياء أخرى ولا أقول هنا قانونية أو غير قانونية ولكن الحيدة هنا قد إنعدمت. أنا أريد منك أن تحدثني عن سانت كاترين أو الكانيون الملون أو وادي غزالة أو جزيرة شدوان أو جبل موسى أو وادي الحيتان أو معبد الأقصر أو جزيرة الفنتين أو محمية ابوجالوم أو محمية رأس محمد أو مرسي علم أو البلو هول. شبابنا لا يعرف الكثير عن وجهاتنا السياحية وبصفتك من المؤثرين ومتابعينك بالملايين فعليك جزء يسير من مسؤولية تثقيف الشباب ونشر الوعي السياحي. أريد منك أن تستغل مواقعك الإلكترونية وكاميراتك الحديثة غالية الثمن لتظهر جمال جبال سيناء ومعالم البحر الأحمر برا وبحرا. أريدك أن تقدم معلومة بسيطة للشباب الذي يفكر في السفر إلى مدننا السياحية،كيف يسافر وأسعار تذاكر مركبات النقل وأسعار نزل وبيوت الشباب والفنادق متوسطة المستوى وأماكن السهر وغيرها من المعلومات البسيطة. أما الحديث عن منشأة بحد ذاتها لأنك أقمت بها وأعجبتك فما هي مدى إستفادتي من ذلك! أرجوكم رفقا بالسياحة المصرية وحافظوا على سمعتها الطيبة التي اكتسبتها خلال سنوات طويلة من العرق والجهد. وأنصح نفسي وكل من يريد أن يتصدى للتسويق السياحي أن نخلص النوايا وألا نستغل ما وهبنا الله من قبول ومحبة في أشياء شخصية حتي وإن كان مبدأ الربح غير مرفوض فليكن بطريقة لا تسيء الي التسويق السياحي أو إلى وجه السياحة المصرية. حفظ الله مصر جيشا وشعبًا.