22 ديسمبر، 2024 4:35 م

تسوية وثوابت وبريق خافت!

تسوية وثوابت وبريق خافت!

هناك عبارة للإمام المغيب موسى الصدر تقول: (الحاكم يجب أن يكون بعيداً عن الحزب، والطائفة، والفئة) كما قال (الطوائف نعمة، والطائفية نقمة).
 إن واقعنا اليوم، يحتم علينا النظر الى الخيارات المطروحة على الساحة العراقية، لمعرفة الأجدى لوطننا ومواطنينا، والمتابع للشأن السياسي يرى، بان الورقة المقدمة من التحالف الوطني، (التسوية الوطنية) تعتبر أفضل من جميع المبادرات، والأوراق السابقة، لأن ورقة اليوم تحظى بمتابع ومساندة دولية، وكذلك قبولها من الدول الإقليمية، مع الملفت للنظر بأنها ما زالت في مراحلها الأولى. مرحلة ما بعد داعش، تستحق أن تتبلور لها مصالحة، وتسوية وطنية وتاريخية، لتكون مفخرة وهذه المفخرة، لا تحسب لجهة دون جهة أخرى، بل يصار الى رؤية واحدة تجمع العراقيين تحت خيمة واحدة، وراية واحدة، وقلب عراقي نابض بالحب والاحترام، بين المكونات البلد الواحد.
هدف الأديان واحد، وتعددها يجعلها قوية بهذا التنوع وتحديداً بالعراق، فمجموع الطوائف التي يتكون منها مجتمعنا، تشبه باقة ورد عطرة، لكل منها رائحة ولون، وبريق خاص بها يميزها عن البقية، رغم أن الهدف واحد هو الأمن والأمان، لممارسة طقوسهم وحرياتهم بحرية دون خوف.
 إذن لا بد أن نكون مع التسويات، ونخفي مخاوفنا التي من المؤكد، أنها تحتاج الى تطمينات وضمانات، لكن العراق مقبل على مرحلة شديدة الحساسية، والمنطقة العربية بأكملها شهدت تسويات دولية، فمن الطبيعي تأثر العراق بهكذا إحداث، فهل يعقل أن صاحب التجربة الديمقراطية الكبيرة، وحارس بوابة التغيير العربي، لا يؤمن بورقة عمل وطنية، تعالج فيها مشاكل العراق أمنياً، وسياسياً، وإقتصادياً، وثقافياً؟!
مَنْ يقرأ عبارات الإمام المغيب السيد موسى الصدر، يلاحظ أن تنوع الديانات والطوائف، شبيه بما حدث في لبنان، لكن القلوب الصادقة والنيات الخالصة، بلورت مجتمعاً متعاوناً شد العزم على المضي، بوحدته وبالعمل الجمعي والجماعي، حفاظاً على الأرض والعرض، عليه ما الضير من تسوية، تعالج أزمات أمة وتحيلها الى أمن وإستقرار؟ وما الأهداف التي يسعى إليها بعض الساسة، إن كانت غير الأمن والتعايش، والحوار والوئام، أسئلة موجهة الى مَنْ يُشكل على التسوية قبل ولادتها؟!
ختاماً: التسوية فيها ثوابت وأسس، ومزايا وآليات تحدد عملها، والمضي بها في حال قبولها، لكنها تعتمد مبادئ لا يمكن تجاوزها، أبرزها عدم المصالحة مع مَنْ تلطخت يداه بدماء الأبرياء، ومَنْ يريد وينادي دائماً بالتقسيم، وأيضاً لا تسوية مع الدواعش، من أجل عدم الإستهانة بدماء الضحايا، لذا فلا تجعلوا من يريقها خافتاً.