19 ديسمبر، 2024 7:00 ص

تسويات ومساومات واتفاقات ومناصب ومنافع وترقيات

تسويات ومساومات واتفاقات ومناصب ومنافع وترقيات

يبدو ان امراض السياسية العراقية وما تفرزه من اضرار جسيمة واضطرابات وعدم استقرار في حياة الوطن والمواطن قد انتقلت الى المؤسسة العسكرية باعتبار ان تشكيل هذه المؤسسة وبعثها من جديد كان وليد السرعة وردة الفعل غير المدروسة على  ضغط الارهاب والعنف الذي اصطبغت بها تلك الفترة والتي سهلت للضباط السيئين والانتهازيين والمتلونين التغلغل في هذه المؤسسة الامنية المؤثرة والحساسة . وكما عودنا سياسيو ما بعد التغيير على الاتفاقات والتسويات والتنازلات المتبادلة لتحقيق مصالح شخصية او حزبية بعيدا عن مصالح الشعب وهمومه فان القادة العسكريين في وزارة الدفاع نهجوا ذات النهج ودبت في عروقهم لعبة الاتفاقات والمساومات والعطايا والرشاوى خصوصاً في تقلد المناصب والحصول على الترقيات ، فالجميع يعلم ان المناصب في وزارة الدفاع تباع وتشترى بعيداً عن مبدا الكفاءة والنزاهة وبأسعار تتناسب مع اهمية هذا الموقع او ذاك وما يدره على مشتريه من ارباح تعوض عليه ما دفعه من مبالغ كبيرة واصبح هذا الامر من البديهيات التي لا يختلف عليها اثنان ، وما تشهده الساحة العراقية من خروقات امنية متكررة يدفع ثمنها العراقيون الابرياء دليل على وجود بعض الضباط في مواقع لا تتناسب مع مؤهلاتهم وتدريبهم وكفائتهم ، اما ترقيات الضباط التي تخضع الى تصويت شكلي في مجلس الدفاع فحدث ولا حرج ، وكما يقول بعض منتسبي وزارة الدفاع فان اجتماع هذا المجلس المخصص للتصويت على هذه الترقيات تسبقه حركة مكوكية نشيطة وسريعة للضباط الساعين الى هذه الترقيات وتتمثل هذه الحركة في اتصالات مكثفة باعضاء المجلس واصحاب القرار بهدف كسب ودهم وضمان اصواتهم ، ومن الطبيعي ان لا يكون هذا الكسب بدون مقابل حيث تختلف اشكال هذا المقابل وتتـنوع ابتداءاً من دفع الرشاوى المالية التي تتناسب مع الرتبة العسكرية المنشودة ولا تنتهي بالتهديد بكشف المستور وفضح عضو المجلس او صاحب القرار اذا لم يصوت لصالح هذا الضابط او ذاك ، وكل ذلك يتم دون ادنى شعور بالمسؤولية تجاه الوطن والمواطن ودون اي تفكير بتاريخ هذا المرشح وسمعته المهنية والاخلاقية .
واذا كانت الاتفاقات والمساومات على المناصب والمواقع العسكرية أفضت الى كوارث امنية دفع ثمنها  العراقيون الابرياء بسبب وجود الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب فان الاتفاقات والمساومات على ترقية ضباط غير مؤهلين مهنياً او اخلاقياً الى رتب عسكرية رفيعة قد افضت الى ايصال عناصر ووجوه يصفها العسكريون بالانتهازية والسقوط الاخلاقي والتمرس على النصب والاحتيال الى مواقع متقدمة في وزارة الدفاع الامر الذي سينعكس بالتأكيد على كفاءة هذه الوزارة في ادارة الملفات المكلفة بها وطنياً ودستورياً ، بالاضافة الى ما سيولده ذلك من تخلخل الثقة في الحكومة بسبب الوجوه العسكرية الهابطة التي ستكون في الواجهة والقيادة . لقد استوقفني حديث بعض منتسبي وزارة الدفاع عن ما يحدث وقال احدهم انهم غير مكترثين بذلك لان رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة يعلم علم اليقين بكل تفاصيل ما يجري في هذه الوزارة من سلوكيات منحرفة لا يمكن ان توصف الا بالخيانة للشعب والوطن ولكنه يعلم ايضاً ان الوقت غير مناسب لاثارة وفضح هذه الممارسات لأنه بحاجة ماسة الى كسب المؤسسة العسكرية لضمان ولائها ولحاجته لهؤلاء الضباط  المنحرفين في الوقت الحاضر باعتبار ان المرحلة الحالية تحتاج الى هذه الشخوص الساقطة التي تعرف كيف تتعامل مع الاحداث والضغوط الامنية  ، وما تحدث عنه المنتسبين بمرارة هو حرص هذه القيادات العسكرية على ان لا تترك الادلة التي تدينها امام القضاء نتيجة ما تمرست عليه في السابق من خداع وغش وتضليل واخفاء ما يدينها بمهارة وذكاء .

أحدث المقالات

أحدث المقالات