الأحداث تتسارع في المنطقة, الأمور تتسارع, الفتن تقترب, الخطر بدأ يداهم, الكفة بدأت تميل للجانب الآخر, بهذه العبارات إستقرأ المرجع العراقي الصرخي قبل عامين ونصف العام مجريات الأحداث في المنطقة الشرق أوسطية في خطبة له بصلاة عيد الأضحى لعام 1434هـ, وفعلاً تسارعت الأحداث وتغيرت موازين القوى بين الجهات المتصارعة على النفوذ في المنطقة عموماً والعراق خصوصاً, وحدثت الفتن ومضلات الفتن, والخطر داهم الجميع دون إستثناء, سواء خطر الإرهاب أو خطر المليشيات, وخطر تغيير المناصب والكراسي, ودخلت قوى دولية جديدة غير تلك القوى المعروفة في حلبة الصراع في العراق, فدخلت روسيا من جهة والسعودية من جهة أخرى, وبدأت كفة السيطرة ترجح للجانب الغربي بقيادة أميركا وبدأ نفوذ إيران يضعف شيئاً فشيئاً, فبعدما كانت هي المهيمن على الشارع العراقي بكل اتجاهاته وخصوصاً الشارع الشيعي إلا إنها الآن فقدت قوة وزخم الشارع الذي ندد بوجودها والآن كل قوتها مقتصرة على المليشيات الموالية لها بعدما فقدت زخم الشارع الشيعي لها.
وهذا الأمر أدى إلى عودة الهيمنة الأميركية لكن بصورة غير مباشرة على الساحة العراقية يرافقه دخول الوافد الجديد السعودي على المشهد السياسي العراقي والذي كان له الدور والتأثير الواضح في حركة التظاهرات والإعتصامات الأخيرة ومحاولة قلب موازين المسرح السياسي العراقي, فكانت قراءة المرجع العراقي الصرخي للأحداث قبل وقوعها بأكثر من عامين قد تحققت فعلاً وما زالت الأحداث تتسارع وتترجم قراءة المرجع الصرخي إلى وقائع ملموسة, لكن السؤال المهم هنا أين موقف السيستاني من كل تلك الأحداث ؟ خصوصاً وإنه يدعي بأنه هو رأس الهرم وهو الزعيم وقائد وحكيم القوم والحل والعقد بيده ؟ فعندما كانت الأمور بيد الأميركان كان مؤيداً وموالياً لهم بالفتوى وبالمواقف وبكل شي, وبعدما تحولت الكفة لإيران أيضاً ارتمى بأحضانها وبالطريقة والآلية ذاتها, لكن الآن وفي خضم عودة الصراع وعدم وضوح من هي الكفة الغالبة على المشهد السياسي العراقي الذي إنعكس على كل المشاهد الأخرى في حياة العراقيين نلاحظ إن السيستاني قد إنزوى وإعتزل وغيب نفسه – مواقفه – دون أن يعطي رأياً يوضح رؤيته الفكرية والسياسية لما يمر به العراق!!.
هل موقفه يؤيد رؤية وتحرك القطب الأميركي ومن دار في فلكه من دول وأجندات ؟ هل موقفه ورؤيته تؤيد وتوافق التحرك الإيراني ومن معه من دول وأجندات ؟ هل موقفه ورؤيته تخالف الجميع وله رؤيته الخاصة ؟ إن كان الأمر كذلك – أي له رؤية تخالف الجميع – فلماذا اعتزل الرأي السياسي وهرب منزوياً في جحره ؟ لماذا لا يصرح برؤيته ويعطي الخطوط العامة لمستقبل السياسية العراقية ويحررها من قيود التبعية ؟ لماذا إلى الآن التزم الصمت والسكوت والعراق الآن يمر باعقد المراحل التاريخية التي يمر بها وتتطلب وجود المشروع الذي ينقذه ويخلصه من هذا المأزق و تخط له آفاق المستقبل بعيداً عن هيمنة إيران أو أميركا ؟ لماذا خيم الصمت, صمت القبور على السيستاني ؟.
لكن هذا الصمت والسكوت لا يوجد له سوى تفسير واحد, وهو انتظار الكفة الراجحة لكي يفتي السيستاني لصالحها, فهو الآن يراقب الأحداث ويشاهد وينتظر من هي الدولة والجهة التي ستبسط نفوذها على العراق, وبعد ذلك نرى ونسمع ونشاهد ونقرأ صدور المواقف للسيستاني التي ستكون مؤيدة وموالية لتلك الدولة أو الجهة التي رجحت كفتها, وهو الأمر نفسه الذي وضحه المرجع العراقي الصرخي في نفس الخطبة – خطبة عيد الأضحى – التي استقرأ فيها تسارع الأحداث, وأشار فيها إلى تلون السيستاني وتعدد ولاءاته وتسخير فتاواه للجانب الأقوى دائماَ فهو لا يتورع أن يضحي بكامل رعيته من أجل أن يبقى على عرش الزعامة الحوزوية يتنعم بأموال تلك الرعية هو وحاشيته ووكلائه الفاجرون.
فالسيستاني لا يملك أي منظومة فكرية عقائدية تدل على إنه مسلم شيعي أو إنه قائد ديني بالمعنى الحقيقي ولا يملك اي واعز أو دافع وطني وإنما إكتفى برفع الشعارات البراقة التي يحاول من خلالها كسب الشارع لصالحه خدمة للجهات الإستكبارية التي تبسط نفوذها على العراق, فلا يعرف للإصلاح طريقاً وللوطنية مسرباً ولا للتشيع مبدءاً,, يقول المرجع العراقي الصرخي في المحاضرة السادسة من بحث ” السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد ” ..
{{… إذن هل يكفي أن نرفع عنوان التشيع أو عنوان الوطنية أو عنوان الإصلاح وهو – السيستاني – لا يوجد في فكره لا يوجد في منظومته الفكرية لا يوجد في ثقافته أي شيء يدل على التشيع أو أي شيء يدل على الإصلاح أو أي شيء يدل على الوطنية فالذي يدعي التشيع ويقود حركة التشيع المفروض يملك نظريات يملك رؤية يملك منظومة فكرية صالحة للتطبيق أو ممكنة التطبيق وكذلك من يتحدث يريد قيادة الإصلاح هل عنده فكر الإصلاح؟ هل عنده منظومة الإصلاح ؟ هل عنده أساس الإصلاح؟ والذي يدعي الوطنية هل يحمل الفكر الوطني؟ هل عنده المنظومة الفكرية التي تحقق الوطنية التي تنظر للوطنية التي بتطبيقها تجسد النظرية والنظرية تجسد الوطنية حقيقة وواقعا؟ هل السلوك الذي مرّ به يدل على انه وطني على انه مصلح على أنه يقود إلى الخير يقود إلى الأمان يقود إلى الخلاص …}}.
فكل ما رفعه السيستاني من شعارات هي خاوية وفارغة من أي منظومة فكرية نظرية أو تطبيقية, بل هي تعكس مدى انتهازيته وبحثه عن الجهات الأستعمارية الأقوى ليفتي لصالحها كي يضمن البقاء في مكانته ومنصبه ويحافظ على الجاه والسمعة والأموال والإعلام الذي هيمن عليه منذ عشرات السنين بسبب تملقه لقوى الإحتلال وتعاونه معها.