23 ديسمبر، 2024 4:52 ص

تساؤلات مشروعة في تصريح محمد علي الحكيم

تساؤلات مشروعة في تصريح محمد علي الحكيم

أثارت تصريحات منسوبة لوزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم، ألمح فيها إلى الاعتراف ضمنًا بإسرائيل، جدلًا واسعًا في البلاد، وسط مطالب بمحاسبته على الموقف.

أوّل الاسئلة الحقيقة التي تطرح هي ما الدواعي التي تجعل محمد علي الحكيم يصدر هذا التصريح؟ فتحليل الخطاب السياسي يتفترض وجود خلفية سياسية سواء كانت شخصية او حزبية، وهل هذا هو موقف الحكومة !؟ وهل هو تراجع عميق لحكومة العراقية في تعامل مع القضايا العربية بعد التعامل الفاتر مع القضية الفلسطينية “!؟

أم ان الامر يرجع لمصلحة شخصية لوزير الخارجية محمد علي الحكيم ، الذي يطمح لمستقبل سياسي “اكبر”، يحتاج لتعميد دولي ورضا الدول الفاعلة دوليا المرتبطة بالكيان الصهيوني، وسيكون بالتالي هذا الموقف “بطوليا” في ميزان هذه الاطراف النافذة، وسيسجل في الذمة الايجابية لصاحب الاحلام الوردية، حتى ينفض كل ما علق به من اخفاقات وحتى اتهامات بنيل “الضوء الاخضر” من المتحكمين في حبال السياسة الحكومة العراقية ، وقد يكون ايضا في فرضية ضعيفة ربما سذاجة سياسية وتحليل مختل، لانه في المقابل لا يمكن القبول بالمسوغات المقدمة تحت عنوان آخر: المصلحة العربية .

فالحقيقة ان “المصلحة العربية ” التي غالبا ما يسوق تحتها السياسيين مواقفهم انتقدها بشدة المفكرين ناعوم تشومسكي ، الذي اورد ان كل سياسات ومواقف هتلر كانت تحت هذا العنوان، وهي “ايديولوجيا تبريرية” اصبحت نمطية لتسويغ اغلب ان لم يكن كل المواقف السياسية،لم يبرر به محمد الحكيم تصريحه تحت هذا العنوان طغت عليه المغالطات، لان القول بان “مجال السياسة” ليس “مجال مصلحة االعربية ” هو قول مختل في جوهره، اذ “السياسة” تنفّذ عادة عبر تقنية ” مصلحة العربية “، وخاصية بعد هذا التصريح يجب انشاء قانون يجرم فكرة حل دولتين ويجب أن تكون دولة فلسطينية واحدة ويمكن من خلال القانون هو تنظيم الظواهر واضافة الى ذلك فله خاصية العمومية والتجرد ولكن اساسا خاصية “الالزامية”، وهو ما يميزه عن القاعدة الاخلاقية.

.
ولا ندري حقيقة هل يريد ان يقول لنا ، انه على خطى زميله مسعود”البارزاني ، وانه اصبح براغماتيا يقدّم المصالح على المبادىء والقيم الكبرى، واصبح بذلك سياسيا محترفا خاصة وانه قدم لنا كل المسوّغات لاحباط مشروع الدولة الفلسطينية الموحدة ، بدعوى التنسيق مع موقف الجامعة العربية، وهي الاطراف الاكثر تطبيعا وتعاملا مع الكيان الصهيوني، والغارقة في مستنقع لم تقدر على الخروج منه، ولا ندري ان كان وزير الخارجية محمد علي الحكيم يتنبأ لنا بنفس المصير المُذلّ.

ولعل محمد علي الحكيم بحث في كل النواحي ولم يترك مسوّغا الا ساقه، مدافعا بكل قوة وجهد عن “تصريحه” ، أما ” استقالة” محمد علي الحكيم واجبة بعد تصريحه هذا يجب أن يقيله رئيس الوزراء عادل عبد المهدي و استجوابه من قبل المجلس النواب وظيفته رقابية على الحكومة “.
وعار الحقيقة في العراق وكل نخبها اليوم ان تتراجع عن مبدأ وجوب إن تكون دولة فلسطينية واحدة التطبيع وترفع مبررات متهافتة، في الوقت الذي تندفع فيه عديد البلدان والمنظمات والشخصيات في كل انحاء العالم لتفعيل إن تكون دولة فلسطينية واحدة ، ولا ندري ماذا سنقول لبلدان جنوب امريكا التي طالبت بدول واحدة وتحملت الحصار والعدوان والاختراق والهجمات الاعلامية والمآمرات، واخيرا البدان التي لولاها لما تمت ادانة الكيان الصهيوني حول الاستيطان وخاصة نيوزيلاندا وماليزيا وفينزويلا والسينغال التي تقدمت بمشروع قرار الادانة، وتحملت في سبيله السينغال قطع المساعدات الاسرائيلية!؟

الشعب العراقي قدم الشهداء العظام في سبيل تحرير فلسطين في معركة جنين وكفر قاسم ، ومنتظر ان تظهر في المقابل اصوات الذل والهوان تدعي الخبرة والمفهومية واليوم ان تظهر اصوات الارتكاس تدعي الحكمة وامتلاك الحقيقة وانتهاج البراجماتية لتقدم طروحات الخذلان، وتدق مسمارا في القضية الفلسطينية ، وتقوّض الاسس التي وضعها الشهداء العراق في معركة جنين وكفر قاسم الرمز من اجل القضية الفلسطينية !!

يبدو أن محمد علي الحكيم إن تصريحه هذا هو إستمرار الحلقة الخذلان العربي والتآمر الدولي اتخذاً شكلا جديداً، فقد تخلى الأول عن صمته الذي كان يحفظ ماء وجه الحكام والأنظمة الناطقين بالعربية الذين باتوا اليوم يجاهرون انت وعربان الخليج في التعبير عن تآمرهم وعجزهم عن تقديم أي حل للقضية الفلسطينية بينما دول الاستعمار المتآمرة لم تعد مضطرة بعد تصريح هذا لتقديم أي مخطط لتصفية حقوق الفلسطينيين فأتباعها وأزلامها المستعربين يقومون بالمهمة.‏ والتآمر على القضية الفلسطينية عموماً لم ينقطع يوماً، …

إن التآمر والاستهتار يا محمد علي الحكيم بحقوق الشعب الفلسطيني خطوة لا تقل خطورة عن وعد بلفور نفسه يامحمد علي الحكيم ، حيث ارتضت بتصريحك هذا أن تكون أدوات من أجل تنفيذ المخططات الصهيو ـ أميركية التي من شأنها حصر الفلسطينيين في كانتونات ومعازل صغيرة محاطة بالمستوطنات الإسرائيلية تعيش تحت رحمة السياسة الإسرائيلية وبالتالي التخلي عن حقوق الشعب الفلسطيني الذي ضحى من أجلها وقدم ألاف الشهداء لاسترجاعها.‏ ولابد أن نعترف، أنّ التآمر الغربي والعربي والصهيوني يامحمد علي الحكيم على القضية الفلسطينية الذي زاد من معاناة الشعب الفلسطيني،

ولابد أن نقر، أن تداعيات هذا تصريح الأليم من قبل محمد الحكيم والآثار الناجمة عن التآمر الغربي والعربي على الشعب الفلسطيني، مازالت مستمرة حتى يومنا هذا. الغريب في أمر تصريح محمد علي الحكيم في فكرة حل الدولتين أن ما تصورته تلك الدول الاستعمارية عن حالنا وموقف قادتنا وتفريطهم بحقوقهم وسيادة أوطانهم .. .
.

لمناسبة تصريح محمد الحكيم وغيره من المشاريع الصهيونية يفضي بنا هذا كله، إلى اليقين بأن ما يجري اليوم على صعيد المنطقة، من أقصاها إلى أدناها، إن هو إلاَّ واحد من إستمرار تداعيات ذلك التصريح وعد بلفور الذي أعطاه (من لا يملك لمن لا يستحق)، … غير أن إيماننا وطيد،لا يتطرق إليه شك بأن مصير هذا الوجود الشاذ على أرضنا، المنافي لنواميس الطبيعة مصيره إلى زوال، في نهاية المطاف، كشأن من سبقه من الغزاة الأقدمين الذين أمسوا في ذمة التاريخ بمن فيهم وصحبه من عتاة المجرمين في حق أمتنا العربية.