قبل الولوج في التساؤلات علينا أن نعرج على الحملات التي أرادت أن تجهض الشعائر الحسينية واماتتها، وهي على نوعين:
النوع الأول:
حملات القمع والإبادة:
وهذه بدأت بعد ارتكاب هذه الفاجعة، حيث قامت مجموعات من عصابات بني أمية بإحاطة تلك البقعة المباركة التي دفن بها سيد الشهداء (ع) وأخذ من يأتي لزيارة قبره الشريف بأن يعذبوه ويقتلوه.
واستمرت هذه الحملات في العهد العباسي بالقمع والابادة وبشكل سافر واستمر هذا المنهج في العهد العثماني إلى يومنا هذا ومن قبل الطواغيت وزبانيتهم.
النوع الثاني:
حملات التشكيك:
وهي عاصفة بدأت من الغرب، لم تقتصر على الشعائر الحسينية وحسب، بل تناولت المنهج الإلهي والنبوي والامامي والاصول كالمعاد والغيبة، وهذا المنهج يحلل الأحداث تحليلا ماديا وسياسيا وخطرها يكمن في أن الموجة اجتاحت بلاد المسلمين وزادت خطورتها عندما تلاحمت مع الفكر الأموي السائد في بعض المناطق، وتضامنت جميعا في تعطيل هذه الشعائر .
وظل هذا الصراع قائما في شد وجذب إلى يومنا هذا، ولكنها تعرقلت عند نقطة اصطدامها بجدار الفقهاء الذي سعى جاهدا لحماية الشعائر الحسينية من الانقراض والتعطيل، ومن شرور هذه الحملات وأفكارها السوداوية الحاقدة ،ومن خلال التساؤلات التالية التي فندت هذه الحملات وإفشالها ، سوف نتعرف من خلالها على مشروعية هذه المشاعر ،وحليتها من باب براءة الذمة للمكلف :
السؤال الأول: ماهي أهمية موقف الفقهاء اتجاه الشعائر الحسينية؟
الجواب: موقف الفقهاء يضمن للمكلف المؤمن أهم شيء وهو براءة الذمة امام الله يوم القيامة من حساب وعتاب وعذاب ، وان رجوعنا للفقهاء يعني الرجوع إلى الخبير المجتهد كرجوعنا إلى الخبير في الطب والهندسة وهما الطبيب والمهندس .
السؤال الثاني: هل تكفي الثقافة الاسلامية العامة في اتخاذ موقف شرعي؟
الجواب: كلا ،المعلومات شيء، والعلم والاختصاص شيء آخر، إذ أن الثقافة الاسلامية العامة مهما زخرت لا تخول صاحبها حق الافتاء.
السؤال الثالث: هل يمكن الاعتماد على الآراء الشاذة في هذا المجال؟
الجواب: كلا حيث أن بعض الأفراد عندهم سلائق أو شذوذ في بعض الأمور.
يقول الامام الباقر(عليه السلام):
“خذ بما اشتهر بين أصحابك، ودع الشاذ النادر”.
والشذوذ وارد في جميع الاختصاصات، والآراء الشاذة لا تبرأ الذمة امام الله.
السؤال الرابع: هل يحيط الفقهاء بعناصر هذه القضايا عندما يفتون فيها؟
الجواب: وهل يمكن للفقهاء الذين يضعون الله نصب اعينهم بدون الاحاطة بجميع عناصر القضية؟
الخاتمة:
في هذه الأيام وعند الاهتمام بالشعائر الحسينية يتطلب منا التضحية بالانفس والأموال، كان شاعر أهل البيت صاحب القصيدة التائية المشهورة، “دعبل الخزاعي” ،كان يقول أنا أعلم أن هذه القصيدة تهدد حياتي واني احمل خشبتي هذه على كتفي منذ خمسين عاما ،انتظر من يصلبني عليها، لقد خفت في الدنيا وايام سعيها واني لأرجو الأمن بعد وفاتي، فقال له الامام الرضا عليه السلام (آمنك الله يوم الفزع الأكبر).