كل إنسان يسعى لأن يعمل, فلا يمكن إدراك معنى الحياة دون عمل, لذلك نجد بني البشر يسعون دائماً, لتَعلُم ما يمكن أن يعملوا به, لإثبات أنهم أحياء, ففي البطالة يشعر الإنسان أنه ميت.
يتعرض المجتمع العراقي, لحملة إماتة للقدرات والطاقات العلمية, التي كان على من تسنموا الحكم, بعد سقوط نظام الطاغية, الاستفادة من تلك العقول الواعية, واستقطابها وتنميتها لخدمة الوطن, كُلٌ حسب سعى إليه من العلوم, كي يفعم الوطن بالحياة, من خلال عملهم.
عملية قَتل جماعية, لا تقل إجراماً عن المقابر الجماعية, إلا بأن من دفنهم نظام الطاغية, أمواتاً حقيقيين غادرت أرواحهم أجسادهم, وأصحاب الكفاءات أحياءٌ صوريين, مات الأمل بداخلهم أو يكاد, فهم لا يمارسون إلا الأكل والشرب والحركة, دون فائدة تُذكر, وكأنهم خُلقوا ليموتوا وهم أحياء, وكأن الخالق جَلَّ شأنه, قد خلقهم عبثاً وحاشا, فقد خلقهم ليعمروا أرضه.
تفاقم وضع الخريجين, كما باقي أوضاع العراق, بسبب سوء الإدارة والفساد, حتى اضطر خريجوا الجامعات, وذوي الشهادات العليا, للتظاهر والاعتصام أمام الوزارات, كُلٌ حسب اختصاص شهادته, والكارثة أن بعض الوزراء, يدخلون ويخرجون وكان من اعتصموا, وكأنَّ الأمر طبيعيٌ جداً, وعلى ما يبدو ان الأحياء هم الخريجون, يطالبون امواتاً تسنموا المناصب.!
خطبة الجمعة في كربلاء المقدسة, تطرقت يوم9/8/2019, بهذه الكلمات عسى أن تجد جواباً” الناس تقول نريد أن نرتاح، لماذا عندما أتَخَرج أجد المعاناة؟ ثم المعاناة فضلا عن الفراغ, وبعد انتظارٍ من الأم المسكينة ومن الأهل؛ ثم أفكر بالخروج هذا البلد لأجد فرصة عمل”.
فهل ستجِدُ كلمات المرجعية العُليا, من حكومات تَسلطت على البلاد, وامتهنت العباد للانتخابات فقط؟ هل تسنموا المناصب لينتقموا من الشعب, كونهم ظُلموا من نظام جارَ عليهم, فسرقوا وأفسدوا كي يشبعون رغبتهم بالانتقام؟
قد لا يعلم المسؤولين في الحكومة والبرلمان؛ أنَّ العراقيين أحياء ولا يقبلون بحكم الأموات, ومن يريد ذلة أصحاب الحقوق, إلى زوال ويبقى الشعب.