قرر مجلس الوزراء بجلسته الاعتيادية المنعقدة بتاريخ 17 / آب / 2020 الموافقة على مشروع قانون التعديل الأول لقانون شركة النفط الوطنية العراقية رقم (4) لسنة 2018 و إحالته إلى مجلس النواب مع الأخذ بعين الاهتمام رأي الأمانة العامة لمجلس الوزراء كما قرر إكمال خطوات تأسيس الشركة من خلال قيام مجلس إدارتها بإختيار مكتب إستشاري متخصص للعمل على وضع الهيكل الإداري و تصنيف المهمات و المسؤوليات و تحديد قيمة الموجودات الثابتة للشركات المملوكة تمهيداً لفك ارتباطها من وزارة النفط و تمليكها للشركة موضوع البحث دون بدل انسجاماً مع أحكام المادتين (1/5 و 7/5) من قانون شركة النفط الوطنية مع الأخذ بعين الاهتمام ما جاء في مشروع القانون المذكور آنفاً ، و من خلال الاطلاع على ما تضمنه قرار مجلس الوزراء آنفاً نجد أنه تجاهل نهائياً الإشارة إلى قرار المحكمة الاتحادية العليا في الدعوى (66 و موحداتها 71/157/224/اتحادية / اعلام /2018) الذي تضمن الحكم بعدم دستورية العديد من مواد القانون و التي سنأتي عليها لاحقاً خلافاً لنص المادة (94) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 و هو (قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتّة و ملزمة للسلطات كافة) مما يعني أن مجلس النواب و عند مناقشته لمشروع القانون ملزم بإلغاء و تغيير جميع المواد التي قضت المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستوريتها و التي سنتطرق إليها لاحقاً و هي مواد جوهرية تشكل لبة القانون و في حالة عدم الأخذ بأي من فقرات قرار المحكمة الاتحادية سيصبح بالإمكان إعادة الطعن بدستورية تلك المواد أو أية مواد غير دستورية سيتضمنها القانون بعد التصويت عليه و نفاذه .
و نرى من المفيد استعراض مواد القانون التي قضت المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستوريتها :-
المادة (3) من القانون لأن المهام التي حملتها أهدافها تتعارض مع أحكام المادة (112) بفقرتيها (أولاً) و (ثانياً) و المادة (114) من الدستور و ذلك لأن المهام التي ذكرتها المادة (3) موضوع الطعن يلزم أن تكون من الحكومة الاتحادية مع حكومات الأقاليم و المحافظات المنتجة للنفط .
الفقرة (ثالثاً) و (خامساً) من المادة (4) من القانون و بقدر تعلق الأمر بعملية تسويق النفط حيث أن ذلك من مهام وزارة النفط و الشركة المرتبطة بها و ذلك لتعارضها مع المادة (112) من الدستور .
المادة (7/أولاً/1) من القانون التي نصت على (يرأس الشركة موظف بدرجة وزير ….) و ذلك لتعارضها مع أحكام المادة (62/ثانياً) من الدستور حيث جاء النص المذكور خلافاً للمشروع الحكومي رغم كونه متضمناً جنبة مالية .
البند (ح) من الفقرة (ثانياً) من المادة (7) من القانون المتعلقة بجعل شركة النفط (سومو) من التشكيلات المرتبطة بمركز الشركة و ذلك لتعارضها مع أحكام المادة (110/ أولاً و ثالثاً) من الدستور .
المادة (8) من القانون التي نصت على مهام مجلس الإدارة و ان غالبية هذه المهام هي من اختصاصات الحكومة الاتحادية مع الأقاليم و المحافظات المنتجة للنفط معاً استناداً للمواد (78) و (80) و (112) من الدستور .
المادة (11) من القانون التي صت على (أولاً : تستقطع الشركة مبلغاً يغطي جميع الكلف الاستثمارية و التشغيلية و لا يقل عن معدل الكلفة في جميع الحقول المستثمرة عن كل برميل من النفط الخام و الغاز المنتج مضافاً إليه نسبة معينة من الربح و يتم تحديد ذلك بالاتفاق بين الشركة و وزارت المالية و النفط و التخطيط و يصادق عليه مجلس الوزراء و تتم مراجعته كل ثلاث سنوات و يستقطع مباشرة من حساب وزارة المالية لدى البنك المركزي عن عوائد النفط و الغاز. ثانياً :يتم تسوية الحسابات بين الشركة و وزارة المالية بعد نهاية السنة المالية للشركة و بعد اكتمال الحسابات النهائية لها و مصادقة ديوان الرقابة المالية عليها .) و ذلك لتعارضها مع المواد (78) و (80) و (111) و (112) من الدستور .
المادة (12) من القانون التي بينت الايرادات المالية للشركة و أرباحها و أوجه توزيعها و ذلك لتعارضها مع أحكام المواد (78) و (80/أولاً و ثانياً) و (106) و (111) و (112) من الدستور .
المادة (13/ثانياً) من القانون التي نصت على (استثناء حوافز العاملين في الشركة من أحكام قانون رواتب موظفي الدولة و القطاع العام رقم (22) لسنة 2008 و يحدد ذلك بنظام يصدره مجلس الوزراء) و ذلك لتعارضها مع أحكام المادة (62/ثانياً) من الدستور حيث انها تضمنت جنبة مالية لم يؤخذ فيها رأي مجلس الوزراء .
المادة (16) من القانون التي نصت في الفقرة (أولاً) منها على استثناء الشركة و الشركات المملوكة لها من قانون الادارة المالية و قانون الشركات العامة و قانون الجمارك و قانون اقامة الأجانب و قانون تنفيذ العقود الحكومية و تعليمات تسهيل تنفيذه و قانون بيع و إيجار أموال الدولة و تعليمات تسهيل تنفيذه و نصت الفقرة (ثانياً) منها على (يصدر مجلس الوزراء و باقتراح من الشركة نظاماً يحل محل القوانين المستثناة و المنصوص عليها في الفقرة (أولاً) من هذه المادة كل على حده بما يضمن حقوق الخزينة العامة) و ذلك لتعارضها مع أحكام المادة (5) من الدستور التي لا يجوز الغاء قانون ما بنظام أو تعليمات .
المادة (18/ سادساً) من القانون التي نصت على (للشركة أن تساهم في تنمية القطاع الزراعي و الصناعي و الخدمي …) و ذلك لتعارضها مع أحكام المادتين (78) و (80) من الدستور .
و بذلك نلتمس ان العدد الأكبر من مواد القانون و التي تشكل جوهره قد تم نقضها و كان من المفضل اعداد مشروع قانون جديد يأخذ بنظر الاعتبار قرار المحكمة الاتحادية العليا أعلاه و يتجاوز أي تعارض مع النصوص الدستورية و على أية حال فإن على مجلس النواب عند مناقشته لمشروع التعديل المحال إليه من مجلس الوزراء أن يحرص على عدم الابقاء على أي من المواد التي قضت المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستوريتها لضمان نفاذ القانون و بخلافه سيتم الطعن بأية مادة غير دستورية مجدداً أمام المحكمة الاتحادية العليا .
و في الختام و لأهمية هذا القانون و ارتباطه بثروة العراق ندعو إلى ضرورة نشر مسودة مشروع التعديل على الرأي العام ليتسنى للمختصين دراسته و مناقشته و ابداء الملاحظات بشأنه كما نعتقد أن تشريع هذا القانون غير ضروري في الفترة الراهنة و بالإمكان ترحيله إلى الدورة البرلمانية القادمة .