23 ديسمبر، 2024 4:23 ص

الاغلبية السياسية

الاغلبية السياسية

يبدو أن شكل الحكومة المقبلة ما إذا كانت توافقية أو حكومة أغلبية سياسية سيكون محل خلاف شديد بين الأطراف السياسية وسيؤجج الصراعات بينها حيث يسعى كل طرف للشكل الذي يخدم مصالحه فبعد عاصفة التحالفات الانتخابية بين الكتل السياسية واكتمال الاصطفافات داخل مفوضية الانتخابات، بدأ الجدل حيال شكل الحكومة الجديدة هل ستكون توافقية وتقوم على تمثيل سني وشيعي وكردي بشكل رئيس ، أم يتم الذهاب نحو حكومة أغلبية سياسية، وهو ما تطالب به كتل سياسية داخل التحالف الوطني أبرزها دولة القانون بزعامة نوري المالكي ، ويتحفظ عليها ضمنا آخرين ، من بينهم رئيس الوزراء حيدر العبادي.
ولكن هذا التناقض ليس مجرد خلاف بين رئيس وزراء الحالي والسابق فحسب، بل تحول الى جدل سياسي يتصاعد منذ ايام بين الاحزاب حول شكل الحكومة الجديدة بعد انتخابات أيار المقبلة،والتي تختلف اساسا في تفسيرها لمفهوم حكومة الاغلبية السياسية حتى هذه اللحظة فهناك من يصف هذه الحكومة بانها حكومة تفرد حزب أو طائفة أو شخص في إدارة الدولة فيما يعتبرها البعض الاخر حكومة تبنى على أساس التنافس بين الاحزاب في الانتخابات و من ياتي بالاصوات الاكثر هو من يشكل الحكومة والاخر يكون معارض في البرلمان وهذا هو الحال في امريكا وبريطانيا وكل الدول.
لكن المشكلة الأساسية التي تواجه تطبيق الأغلبية السياسية في العراق هي صعوبة حصول كتلة واحدة على نصف مقاعد البرلمان في الانتخابات المقبلة وهي النسبة الكافية التي تمنح الفائز فرصة تشكيل الحكومة من دون الحاجة الى التنازل إلى كتل أخرى للحصول على حلفاء.

وانطلاقا مما تقدم يتساءل الشارع العراقي هل فعلا ان حكومة الاغلبية السياسية، هي الحل الامثل لكافة الازمات التي يمر بها العراق لانها ستساهم في وجود حكومة تعمل كفريق عمل واحد وتؤمن ببرنامج واحد وتسعى لتحقيق هدف واحد، وتتحمل مسؤولية أدائها امام البرلمان الذي يمثل الشعب وفي مقابل هذه الحكومة ستكون هناك معارضة حقيقية يمكن ان تمارس دورها في انتقاد البرامج والخطط وحتى اهداف الحكومة .
وهل من المعقول ان يتقبّل الشعب العراقي نتائج حكومة اغلبية سياسية تتحقق انتخابيا، ينفرد بها المكّون الشيعي بشغل زعامة الرئاسات الثلاث وكذا الحال في الاحتمال مع المكّون السني او الكردي.
وهل يسمح شكل القوائم الانتخابية التي شكلت الان لخوض الانتخابات في تشكيل حكومة الاغلبية السياسية ام انها ستسير نحو حكومة المحاصصة اي الجميع تحكم والجميع تعارض.
وهل تعني حكومة الاغلبية السياسية تمتع رئيس مجلس الوزراء بسلطة مطلقة.
وهل يمكن تشكيل حكومة اغلبية سياسية في دولة مكونات، قائمة على اساس التوافق، والمحاصصة، والاستحقاق الانتخابي والتحالفات الفئوية قومية كانت او طائفية.
وهل تعني حكومة الاغلبية السياسية اقصاء الكيانات السياسية او المكونات الاجتماعية الاخرى عن الحكم.
وهل يسمح الدستور العراقي بتشكيل حكومة اغلبية سياسية.
واذا لم تشارك قوى المعارضة السياسية في الحكومة، فماذا يحل باستحقاقها الانتخابي.
واين تذهب الاحزاب والكيانات السياسية التي لن تشترك في حكومة الاغلبية السياسية.
وهل يمكن تمثيل جميع المكونات الاجتماعية في حكومة الاغلبية السياسية.
وهل تعني حكومة الاغلبية حكم اغلبية طائفية او عرقية او دينية معينة اذا ماذا تعني حكومة الاغلبية السياسية.
وهل ستكون ادوات الاستفهام ما – ماذا – لماذا – من – متى – اين – كم – كيف – هل – كفيلة لكي يحصل الشارع العراقي على اجابة عن كل التساؤلات التي تدور في تفكيره نترك الاجابه عن هذا السؤال الى مرحلة ما بعد الانتخابات والى الاحزاب التي ستفوز باكبر عدد من مقاعد البرلمان .