في الموروث الأسلامي ، هناك روايات تفيد ، بأن فاطمة بنت أسد ، ولدت علي بن أبي طالب في الكعبة – بطريقة عجائبية .. في هذا المقال سأطرح بعض التساؤلات حول هذه الولادة ، مع مقتربات أخرى .
الموضوع : من موقع / الشيرازي ، أنقل التالي ، حول ولادة علي بن أبي طالب ، وبأختصار { من الأمور المتّفق عليها أنّ أمير المؤمنين قد ولد في جوف الكعبة ، وهي منزلة عظيمة من مختصّاته التي انفرد بها دون سواه من الأنبياء والأوصياء ، فضلاً عن الناس العاديين . ففي الحديث عن سعيد بن جبير قال : قال يزيد بن قعنب كنت جالساً مع العباس بن عبد المطّلب وفريق من عبد العزّى بإزاء بيت الله الحرام إذ أقبلت فاطمة بنت أسد اُمّ أمير المؤمنين ، وكانت حاملة به لتسعة أشهر وقد أخذها الطلق ، فقالت : ربّ إنّي مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب وإنّي مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل ، وإنه بنى البيت العتيق فبحقّ الذي بنى هذا البيت وبحق المولود الذي في بطني لما يسّرت عليّ ولادتي . قال يزيد بن قعنب : فرأينا البيت وقد انفتح عن ظهره ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا والتزق الحائط ، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح ، فعلمنا أنّ ذلك أمر من الله تعالى . ثم خرجت بعد الرابع وبيدها أمير المؤمنين .. ويستفاد من هذه الرواية وغيرها أن فاطمة بنت أسد ، كانت مؤمنة بالله عزوجل وموحدة لـه تعالى على دين إبراهيم ولم تكن تعبد الأصنام أبداً لا كسائر الجاهليين ، فلما بعث رسول الله ، كانت من السابقات إلى الإسلام والمؤمنات بنبوته .. } .
القراءة : * بداية أن حديث يزيد بن قعنب ، القائل : ” فرأينا البيت وقد انفتح عن ظهره ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا والتزق الحائط .. “ هو حديث آحاد / ظني ، لا يعتد به .. وتساؤل ثان ، ألم يكن للكعبة بابا ، فلم لم تدخل فاطمة من الباب .. وكيف تلد فاطمة في الكعبة ، وهي وحيدة بدون أي عون ! ، أم أن هذه الرواية الشيعية ، أعدت تشبيها بولادة المسيح العجائبية من العذراء مريم”فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت (مريم) يا ليتنى متُّ قبل هذا وكنتُ نسياً”(سورة مريم). * هل الكعبة / التي ولد بها الأمام علي ، قبل الأسلام كان مكانا قدسيا مشرفا ! . وهل كان هناك عدة كعبات ، السيد نبيل فياض ، في موقعه يجيب عن ذلك { كان يوجد في الجزيرة العربية أكثر من كعبة قبل الاسلام .. وكل كعبة كانت تحوي على أحجار كريمة باعتقادهم ، وهي في الحقيقة “ أحجار بركانية أو نيزكية ” . كان يعتقد الأوليين أن هذه الأحجار الساقطة من السماء مقدسة لأن الله أرسلها لهم وهي مجرد أحجار نيزكية .. وكان هناك عدة كعبات منها ” كعبة اللاّت” بالطّائف “ و “كعبة غطفان ” و” كعبة نجران ” و” كعبة شدّاد الأياديّ” و” كعبة رئام ” .. وكان لكل قبيلة كعبتها الخاصة وكل شيخ قبيلة بطل مقدس في نظر أتباعه .. الكعبات تقام تقديساً للأحجار الغريبة والنادرة ؛ مثل الأحجار البركانية أو النيزكية .. وفي كل كعبة يحدث طواف وحج ويقدم لها القرابين تماماً مثل اليوم } . وهنا يثار تساؤلات منها : (أ) الكعبة مكان يحوي أحجار بركانية نيزكية ، وليس لهذه الأحجار أي قدسية . (ب) عجبا في أي كعبة من الكعبات المذكورة في أعلاه ، ولد علي ! . (ج) أذن الكعبة ، مكان يحوي أصنام وصور ، فهل يوجد موضع أو مكان / مباح أو متاح ، حتى تولد فاطمة عليا ! . * الموروث الشيعي يجعل من ولادة علي في مكة “ منزلة عظيمة من مختصّاته التي انفرد بها دون سواه من الأنبياء والأوصياء “ وأرى أن هذا الأطراء فضلة على رسول الأٍسلام ! ، ولكن كيف تكون هذه الولادة أنفرادا وتميزا عن باقي الأنبياء ، فهل من المنطق أن يولدا النبي موسى أو المسيح / مثلا ، وهما في مناطق جغرافية أخرى ، أن يولدان في مكة . * أما المصادر السنية فتشكك حتى في ولادة علي في الكعبة ، وأنقل بهذا الصدد و بأختصار من موقع / أسلام ويب ، التالي { قال الحاكم: .. فقد تواترت الأخبار أن فاطمة ولدت علي بن أبي طالب في جوف الكعبة . وقد علمت مما تقدم أن ولادة علي في جوف الكعبة “محل خلاف“ وحتى لو افترضنا صحة القول بميلاده داخل الكعبة فإنه لم يرد أنه ولد ” بالطريقة الخيالية ” ( فرأينا البيت وقد انفتح عن ظهره ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا والتزق الحائط ، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح ، فعلمنا أنّ ذلك أمر من الله تعالى . ثم خرجت بعد الرابع وبيدها أمير المؤمنين ) . * موقع الشيرازي ، يبين أن أم علي فاطمة ” كانت مؤمنة بالله عزوجل وموحدة لـه تعالى على دين إبراهيم ولم تكن تعبد الأصنام أبداً لا كسائر الجاهليين .. ” وأعتقد أن هذه الرواية عن فاطمة ، سردت لرفع من مكانتها وفق الموروث الشيعي . * ولا بد لنا أن نذكر هنا ، أن أبا طالب / زوج فاطمة – والد علي ، مات كافرا – وفق مذهب أهل السنة والجماعة ، فكيف تكون فاطمة أم علي قبل الأسلام مؤمنة بالله تعالى ، وموحدة على دين أبراهيم ! ، وزوجها كافر ! ، وقد جاء بموقع / فيصل نور ، بهذا الصدد التالي أنقله بأختصار { أبو طالب بن عبد المطلب ، عم النبي ، والد علي ، زوج فاطمة بنت أسد بن هاشم . يعتقد أهل السنة أنه مات كافرا ً، ولا يوجد في ذلك خلاف معتبر بين أهل العلم ، ويستدلون على ذلك بأحاديث عدة . فقدروى البخاري ومسلم وغيرهما عن العباس بن عبد المطلب أنه قال : يا رسول الله : هل نفعت أبا طالب بشيء ؟ فإنه كان يحوطك ويغضب لك ، قال : نعم ، هو في ضحضاح من نار ، لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار } ! . * أما أسلام فاطمة بنت أسد ، فوفق المصادر الشيعية تبين أنها ( أسلمت فاطمة بنت أسد / أم علي بن أبي طالب ، بعد عشرة من المسلمين ، وكانت الحادية عشرة . وهي أول امرأةٍ بايعت رسول الله بمكة بعد خديجة زوج الرسول ) .
خاتمة : هكذا هو الموروث الأسلامي ، دائما مترهل بالأساطير والعجائبيات والغيبيات ، يمنح دائما شخصياته هالة من القداسة ، من جانب أخر ، هذا الموروث معظمه يفتقد للمصداقية .. شخصيا أعتقد أن علي بن أبي طالب ، لا يحتاج لهذا التضخيم ، وذلك لأن هذا التهويل والتضخيم الأسطوري في ولادته ، أصبح عبئا على التفكير الجمعي للمسلمين / شيعة وسنة . أخيرا : أن سيرة علي بن أبي طالب ودوره مع رسول الأسلام محمد ، تضعه في مكانة أفضل من عجائبية طريقة ولادته ! .