22 ديسمبر، 2024 5:54 ص

تساؤلات امام المرجعية الدينية!!

تساؤلات امام المرجعية الدينية!!

يماحك الكثير من النخب والكفاءات المتصدية للسلطة في نظام مفاسد المحاصصة بمباهاة مقرفة نموذج المقارنة غير الموضوعية بين دكتاتورية نظام سابق.. وديمقراطية النظام الجديد من خلال تعظيم ممارسة تبادل السلطة حسب الانتخابات.
نعم هناك الأصل في النظام الديمقراطي يتمثل في العدالة والانصاف في المساواة بين المنفعة العامة للدولة والمنفعة الشخصية للمواطن الناخب.. من خلال الالتزام بمعايير إدارة الحكم الرشيد.. وبين تلك المخادعة الفجة ان حرية ممارسة الشعائر الدينية إنجازا محوريا في تطبيق مباديء الديمقراطية!!
معضلة الكثير ممن يتبجحون بهذه الطريقة السمجة لتضليل الوعي العام العراقي.. في مفارقة كبرى.. لن الكثير منهم عاش تطبيقات النظام الديمقراطي في بلدان المهجر.. وكان المنتظر منهم نقل تلك التجارب العملية لتطبيقات الحكم الرشيد.. الكثير من الدول الأوروبية والاسيوية تحي الشعائر الدينية في أجواء ديمقراطية بحتة.. فيما تعلو الاصوات لتجبر الوزير الفاسد على الاستقالة من دون أن يقاتل حزبه للدفاع عنه او تعتبر ادانته إدانة لمكونه الطائفي او القومي !!
هناك الأصول والقشور في كل فكر إنساني.. فيما يصح القول ان أولوية المعاملات في الدين الإسلامي الحنيف بما أكده الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم بأنه جاء ليتمم مكارم الأخلاق.. وكذلك جاء نصح اهل البيت الأطهار عليهم السلام بأن يكون شيعتهم زينا لسيرتهم وليس العكس..
السؤال الابرز فيما حصل خلال عقدين من الزمن.. في سياق هيمنة أحزاب الإسلام السياسي على نظام مفاسد المحاصصة والمكونات.. هل طبق الأصل في إتمام مكارم الأخلاق؟؟
وهل التزم الكثير جدا بما ورد عن أئمة اهل البيت عليهم السلام؟؟
اترك الجواب للقارئ الكريم.. واقارن بين نتاج سلوك ريع النفط في نظام مفاسد المحاصصة.. وبين نموذج دولة إنتاج المعرفة.. المثال الياباني او النمور الاسيوية.. فضلا عن نموذج جورجيا من دول الاتحاد السوفيتي السابق.. ناهيك عن رواندا وما شهدته من نهضة ما بعد سنوات من حرب أهلية طاحنة.. مقارنة ذلك بالحالة العراقية.. توضح ان الاغلبية من القوى الفاعلة في سلطة مفاسد المحاصصة وهم المرجعيات الدينية للاسلام السياسي.. وشيوخ العشائر بمختلف طبقاتهم سواء الاصلاء منهم ام شيوخ التسعينات او ما بعد الاحتلال.. فضلا عن أصحاب رؤوس أموال المال السياسي.. هذا المثلث انتج نموذجا من الاقطاع السياسي بعناوين مقدسة مع كل الأسف الشديد لم يتم التصدي اليه من قبل المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف بعد أن بح صوتها بالنصح والإرشاد.
لذلك غابت دولة الأخلاق المنتجه واستبدلت باشباح دولة المجاميع المسلحة.. بتخادم واقعي مع الجهاز الحكومي والاحزاب المتصدية للسلطة.
يضاف إلى ذلك أن كل المحاولات التي جاءت بها حكومة السيد محمد شياع السوداني.. لا تبدو قادرة على الصمود امام أشباح دولة يلا مستقبل!!
كلما تقدم.. يجعل من المهم التذكير مرة أخرى ان الاخطاء الدستورية.. واستبدال نظام مفاسد المحاصصة والمكونات بنظام مواطنة فاعلة.. يتطلب إعادة النظر الشاملة بمنظومة الأفكار التي تجعل الكثير من الأحزاب السياسية ما بين نموذج المعارضة وهي اليوم في قمة السلطة!!
اول من يحتاج إلى هذه المراجعة الشاملة.. المرجعية الدينية العليا في النصح والإرشاد لمرجعيات الإسلام السياسي في التوصل إلى عقد اجتماعي دستوري جديد لعراق واحد وطن الجميع وليس المكونات بعناوين متضاربة وفق التفسير التاريخي الإسلامي.
هذا الدور المنشود من المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف يرسخ مفهوم الولاية العامة مقابل ولاية الفقيه.. هذا الطرح الفاصل بين كلا الحالتين من الأهمية بمكان لإعادة بناء أسس الاخلاقيات المنتجة وطنيا بدلا من التشتت وتضارب المصالح بين الأحزاب السياسية المتصدية للسلطة.
للأمر الثاني.. يمكن لمؤسسة العتبات المقدسة رعاية هذا الحراك المجتمعي بإطلاق حوار وطني حقيقي يمتلك مقومات القرار بالتغيير المنشود.. بعد أن تطرح المرجعية الدينية العليا وجهة نظرها في هذا التحول نحو طريق الإصلاح الشامل المطلوب لإنتاج عقد دستوري يحدد أسس بناء دولة المواطنة الفاعلة وليس نظام مفاسد المحاصصة والمكونات.
هل يمكن أن تنهض المرجعية الدينية العليا بمثل هذا التحول المؤسسي؟؟
الجواب نعم… كما فعلت في فتوى الجهاد الكفائي.. تستطيع أن تفعل في إعادة (ضبط المصنع) لإدارة الحوار الوطني العراقي وتحديد سياقات واضحة يمكن أن تنتج عقد دستوري جديد.
هذه دعوة عملية لاستفسار موضوعي اطرحه امام مكتب المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف ممثلة بالسيد السيستاني.. عسى ولعل ان يكون لها الصدى المحمود في الاستجابة ومن يدري اي مصير ينتظر عراق اليوم والغد.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!