22 ديسمبر، 2024 9:56 م

تزوير التأريخ؛ قد يُغيير العالم؟

تزوير التأريخ؛ قد يُغيير العالم؟

قبل كلّ شيئ؛ ألفلسفة آلكونيّة تَعتبر (ألتأريخ كلّ شيئ), فكلّ ما عندنا هو من الأمس, و في الغرب مقولة مشهورة ومعروفة مفادها:
[Evrey Thing From yesterday]
ولهذا كانوا يحترمون ويقدّرون كبار السنّ من آلمتقاعدين والمعمرين بإعتبارهم واضعي حجر الأساس لكل تقدم حدث و يحدث, لكن إختلف الوضع الآن بعد مجيئ حزب المحافظين للحكم في الدولتين العظيمتين تكنولوجيا (كندا وأمريكا) وغيرهما, حيث يبدوا أنهم منهمكون اليوم في قطع الكثير من الخدمات والرواتب والمخصصات التي كانت تدعم الطبقة الفقيرة وآلمتوسطة من الخدمات الطبية والروضات والمدارس وذوي الأعاقة والمتقاعدين وآلطبقة المعدمة التي كانت تعتمد على رواتب دائرة ألمساعدات الأجتماعية, و كأنهم يجمعون الأموال و يعدّون آلعدّة لحرب تدميرية أخرى في بلاد ما وراء البحار كدول الخليج و الدول العربية التي ما زالت شعوبها – بدون حكوماتها طبعا – تأنّ من جروح ثلاثة حروب شيطانية كبرى ضد المقاومة ورائدها, مع حرب قذرة أخرى, هي حرب داعش التي ما زالت قائمة بقيادة ربّ المتحاصصين للحكم والأموال, الذين كانوا اليد الفاعلة لإشعالها وإدامتها لتكون داعش حلقة مُكلفة في مسلسل قصير وسيتبعها آخر حرب تدميرية شاملة بحسب صفقة القرن.

على كل حال, حديثنا ليس هذا آلآن, بل كان مدخلاً لبيان ما هو الأخطر حتى من الحروب العالمية التي حدثت للآن, وهو (تزوير التأريخ)!
فكما قلنا في السطر الأوّل بأنّ (ألتأريخ كلّ شيئ), لذلك لجأ الإستكبار إلى إعادة صياغة النقاط الحساسة فيه من جديد كما كلّ مرة, لإعتقادهم وهو – صحيح إلى حد كبير – بأنها هي السبب في معارضتهم لتنفيذ مشروعهم العالمي العولمي الكبير بآلسيطرة على كل منابع القدرة في العالم خصوصا في منطقة الشرق الأوسط لصالح (المجموعة) التي تحدثنا عنها في مقالات سابقة مع رئاستها!
وقبل عرض التفاصيل .. نودّ الأشارة إلى أنّ طرحنا هذا ليس من باب سياسيّ أو دينيّ صرف ولا طائفي ولا مذهبي, و إنما من باب فلسفيّ محض لأننا نعتقد أيضا بأنّ (فلسفة التأريخ) وليس (التأريخ وحده) هو أحد أهمّ العوامل التي شكّلت فلسفتنا الكونيّة بآلمناسبة لكونها (ختام الفلسفة) في الوجود, لذلك نرعي إنتباهكم إلى أننا لا نعني بطرحنا للحقائق على كل صعيد؛ أي غرض مذهبي أو طائفي أو قومي أو حزبيّ أو حتى سياسيّ حصراً؛ بل نريد بيان الحقائق للناس, بعد دراستها و تحليلها طبقاً لأصول و مبادئ (الفلسفة الكونية ألعزيزية).
(ألتّزوير) هذه المرة شمل قضيّة إشتراك الأماميين(ألحسن وآلحسين) في معارك الخلفاء بعد وفاة الرسول(ص), وهي محاولة مغرضة لحلحلة الموقف (الشيعي والسنّي) بكون (بني هاشم) الذين إعترضوا على تنصيب الخليفة عن طريق ما إسموه بـ “الشورى” المحدودة بين طلاب مدرسة الخلافة؛ لا صحة لها, وأن (أهل البيت) ومعهم بني هاشم قد شاركوا في نصرة الخلافة كمقاتلين تحت لواء الخليفة.
فكيف .. و من أين بدأ التزوير هذه المرة, وآلعرب بآلمناسبة وللتأريخ أبرياء هذه المرة .. لضعف الأرادة و آلتفكير والعقيدة والتخطيط الأستراتيجي في أوساطهم .. وإنّما بتدبير من الغرب المستكبر الذي بدأ يُخطط و يرسم بآلعمق هذه المرّة للسيطرة على العالم كله!

في الحقيقة, أهمّتـني هذه المسألة كثيراً, حين إطلعت في الفيس بوك وسمعت أيضا بوجود مثل هذا التحريف الخطير ألذي يرتبط بمصير الحقّ في الأرض! لذلك سارعت بآلتحرّي عن جذور هذه الدّعوى الخطيرة التي لم تُثبت لنا .. لا في علم (الرجال) كما يسمّوهُ ولا في علم (التأريخ) ولا في النصوص أو الرسالات البحثيّة المعتبرة التي قُدّمت من الجامعات المعترف بها في اليونسكو.
وآلنّتائج ظهرت سريعاً, حيث قالوا بأنّ ألطبري ذكرهُ في تأريخه المشهور, والحال إنّ الطبري كما أقرانه وحتى كتب الصّحاح, لم تَذكر ألمسألة, ولا أشباهها, وقد طالعتُ هذه الأمور منذ أيام شبابي وبشغف عندما كنتُ أبحث و إريد معرفة الحقيقة للحقيقة لا أكثر.
وعندما راجعتُ (تأريخ الطبري) رأيت حقّا قد ذكر ما لم أقرأه في نسخه السابقة أيام شبابي, ومفاده؛ أنّ (الحسنين) وُرِد إسميهما مع أسماء أخرى إشتركوا في معركة القادسية لفتح إيران, وهذا ما لم يذكره الطبري ولا غيره في تفاسيرهم التي طبعت سابقاً, لكن طبعة جديدة قبل أشهر حُشر فيها إسم (الحسنين) و تمّت إعدادها وطبعها بأموال آل سعود و بمطابع المغرب العربي و غيرها بتوجيه غربيّ!
طيب ما العلاقة بين هذا التحريف و الوقائع التي نعيشها اليوم!
بإختصار بليغ: هي لأجل نفي وجود خلاف بين أهل البيت وبين التيارات الإسلاميّة المعروفة المقابلة للمذهب الذي يعتنقه الأيرانيون, يعني تحشيد العرب شيعة و سنة ضدّ إيران و مذهبها المفتعل من قبلهم وبآلتالي فإنّ عقيدتها الأسلامية مبنية على جذور خاطئة.
ولو إستطاع المزوّرون تثبيت وإشاعة هذا الأمر فأنّهُ سيُغيير كلّ المسارات الفكريّة القائمة,أوعلى الأقل يُشوّه نهج أهل البيت(ع), وإيران ستنفصل طبيعيّاً وبشكل تامّ عن العرب والعراقيين بآلذات وليس هذا فقط, بل سيؤدّي إلى تضعيف روح العقيدة الأسلامية لدى خطّ المقاومة بقيادة ألأيرانيين الذين يذوبون في حبّ آل البيت(ع), و سيُؤدي في نهاية المطاف الأجهاز والقضاء على دولتهم التي تعتبر بحسب القرآن و الروايات وعد الله بعودة الأسلام غريباً من جديد وسط آلناس كما جاء غريباً, فإحذروا التزوير فقد يُدمّر العالم أكثر.
الفيلسوف الكونيّ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إتفق المؤرّخون بأنّ الأمام عليّ(ع) الذي كان بطل الأبطال و القائد الذي لم يُهزم في معركة, بأنه أنفصل عن الخلافة وتحدّد مسعاهُ بعد السّقيفة في العمل الدؤوب و الشاق لتحصيل لقمة العيش بآلحلال من وراء عمله في مزرعة اليهودي بإخراج الماء من البئر, و كان يتقاضى تمرة واحدة مقابل كل دلو يخرجه من البئر, و كان(ع) يتعب كثيراً حدّ الأرهاق, وكذلك مواظبته على كتابة القرآن و تذيّله بأسباب النزول والتفاصيل المتعلقة بكلّ آية, ورغم كونه بطل العالم في الحرب لكنه لم يشارك حتى في غزوة واحدة, فكيف يسمح لأبنيه (الحسن و الحسين) بآلمشاركة, و هو الذي منعهما من مواجهة الأعداء في الحروب التي خاضعها الأمام بنفسه أيام خلافته ومنها في معركة صفين, حيث كان يقول لمعاونيه كآلأشتر؛[إمنعوا الحسن من خوض المعركة مباشرة لئلا ينقطع نسل رسول الله].