قادة الحركات الوطنية مدعوون جميعاً الى تأجيل كل خلافاتهم الشخصية، واختلافاتهم الآيديولوجية والتغاضي عن بعض المطامح الحزبية ريثما يتم ترميم البيت العراقي الذي صدعته سياسات الطغمة الفاسدة، وحتى تلتئم جراحات أبنائه الفاغرة، ويحل في ربوعه الأمن، ويشمخ البناء، وتنتهي الأزمات، فأن أي تلكؤ وتباطؤ في اداء البرلمان واداء الحكومة بكل مؤسساتها ومفاصلها سيفسح المجال أمام نشوء المزيد من الأزمات الجديدة بفعل المتربصين بعملية التغيير، من متحيني الفرص ومستغلي الثغرات. لا ننكر حصول بعض الخروقات هنا وهناك ولا ننكر تعرض أطراف للغبن فهذه الأمور لا تخلو منها أية حكومة واي برلمان في العالم المتمدن والنظم الديمقراطية العريقة، فكيف إذا كانت هذه العملية حديثة عهد وأتت على أنقاض تسلط دكتاتوري مقيت جثم أربعة عقود سود على صدر هذا البلد وخنق أنفاس شعبه المظلوم؟!.
على أن هذا لا يعني إستمرار الغبن والإستضعاف لهذه الشريحة أو تلك ولسبب أو لآخر. العراقيون- بصبر نافذ- ينتظرون جهود حكومة وطنية هدفها الوحيد خدمة العراق والعراقيين، لا تنحني أمام رغبات المصالح ولا تنثني تحت الضغوط والمجاملات.. ولا تخشى في خدمة هذا البلد لومة لائم ولا تحذر تهديدات الإرهاب ومَن ورائه.
العراقيون الذين اوصلوا الحكات والاحزاب الى البرلمان والحكومة هم أصحاب الرأي، والكلمة الأولى والأخيرة لهم وهم من يحسب حسابه وترجى مؤازرته، فوفاءاً لهذا الشعب المعطاء، وحفاظاً على مكتسبات صنعتها أنهار من دمائه، وأشلاء من أجساده المتناثرة، وصوناً لمستقبل أجياله، وتثبيتاً لحقوق مصادرة، وانتشالاً لطبقات مسحوقة، وحتى يأخذ العراق مكانته اللائقة.. لأجل هذا كله يتوجب ويتحتم على المسؤولين إستنفار جهودهم وطاقاتهم مع نكران للذات والإسراع بلملمة الجراح وبناء ما تهدّم وإصلاح ما تخرّب وهذا لا يتم إلا بتفاني واخلاص البرلمان المتماسك والحكومة الكفوءة بانجاز الاولويات وعلى جناح السرعة.
أعطى العراقيون كل ما عندهم، وعملوا أكثر ما مطلوب منهم، فاعطوهم بعضاً مما عندكم واثبتوا للعالم أنكم عند حسن ظن شعبكم وبحجم الأمانة التي وضعت في أعناقكم وبمستوى المسؤولية التي تعهدت بحملها أكتافكم.