18 ديسمبر، 2024 7:44 م

ترمب وإيران لعبةُ القطّ والفأر..!

ترمب وإيران لعبةُ القطّ والفأر..!

ماذا يجري في الخليج العربي، بين أمريكا وإيران، سؤال يتداوله الشارع بكثرة، هل تنطلق منه شرارة الحرب العالمية الثالثة، أم تنطفيء تلك الشرارة، وتنتهي بإستسلام إيران، للشروط الامريكية ال12، لاسيّما وأن الأجواء الآن أكثر ترجيّحاً للحرب من غيرها، رغم ترغيبات الرئيس ترمب لإيران، بالحوار والإعلان عن عدم رغبة الادارة الأمريكية في تغّيير النظام، والتراسل من تحت الطاولة وفوقها،ولكن في المقابل ، هناك معركة فوق مياه الخليج، وفي مضيق هرمز،على شكل إسقاط طائرات مسيّرة، وتفجيّر ناقلات نفط، وإحتجاز أخرى،وتهديّدات من الطرفين، ثم تواصل الإدارة الامريكية عملها اليومي،في فرض المزيد من العقوبات القاسية جداً على إيران، غير النفطية والتسليحّية والمالية ، فذهبت الى فرض عقوبات على أذرع وميليشيات إيران، وجعلها على لائحة الإرهاب ، وأخذت الدول الاوروبية والغربية تحذو حذوها، وتضع أتباع إيران، على لائحة الارهاب الدولي، وتكّني إيران بأنها راعية الارهاب الاولى في العالم، وهذه النغمة أخذنا نسمعها من حلفاء أمريكا، في وقت تلوّح الادارة الامريكية، بعصا التفاوض والجلوس الى مائدة الحواربالترغيب والترهيب، ولو التفاهم حول ايقاف التسليح الصاروخي الباليستي ،لكن حكام طهران، تأخذهم العزة بالتفاوض للتسويف فقط وكسب الوقت ،ويعتبرون الحديث عن الصواريخ الباليستية – خطاً احمر- لايجوز التقرب منه ابداً، فهل خرجت الامور عن السيطرة ،بالنسبة للادارة الامريكية ، لتقوم بإسقاط طائر إيرانية مسّيرة، في رسالة تحذيرية لإيران وجسُّ نبض لها، أن الادارة الامريكية جادة في نزع أسلحة ايران النووية والباليستية، مهما كلّف الامر، وقصقصة أجنحة ميليشياتها في المنطقة، وقد بدأت وزارة الخزانة الامريكية ،أولى خطواتها في هذا الشأن، بفرض عقوبات، على قادة ميليشيات عراقية تابعة لإيران ، ووضعت قادتها على لائحة الارهاب الدولي، بحجز أموالهم المنقولة وغير المنقولة ، ومنع التعامل معهم ، وأعلنت أيضا الوزارة ،أن الاسبوع المقبل، سيشهد صدور قائمة أخرى ، لأسماء قادة ميليشيات كبارفي العراق،على لائحة الارهاب وملاحقتهم دولياً، ولاغرابة أن تصدر تصريحات في هذا الوقت من داخل (البيت الشيعي) ، تنتقد وتفضح الميليشيات، وبعض قادة الحشد الشعبي،وتصفهم بالفضائيين والفاسدين،وضرورة حلّ الحشد وتسلّيم سلاحه للدولة، ودمجه مع الجيش، كحلّ ترضية لأمريكا،وهو ما أعلنه عادل عبد المهدي ،وأعطى مُهلة الشهر لتنفيذ قراره، وهو يعرف أن قراره لا أحد يشتريه بفلسين،ولن ينفذه أحد، بل هاجمه قادة الميليشيات وهددّوه ،إذا إقترب من الحشّد وسلاحه، لهذا دخلت أمريكا على الخط مباشرة، لأنها تعرف ضعف عبد المهدي، وخوفه من الميليشيات وقادتها، فأعلنت حزمة من العقوبات على بعض فصائل الحشد الشعبي، ( مثل ريان الكلداني ووعد القدو)، وشخصيات تقول عنهم أمريكا هم أذرع إيران في الموصل ، مثل نوفل العاكوب محافظ نينوى السابق، واحمد الجبوري محافظ صلاح الدين السابق ،وتصفهم بانهم يقومون بتنفيذ مشروع ايران في الموصل وصلاح الدين، وينتهكون حقوق الإنسان ودعم الميليشيات ، وهكذا تعلن الادارة الامريكية بدء عملية الحساب ،مع أذرع إيران في المنطقة إنطلاقاً من العراق، فكشفت بريطانيا خلايا لحزب الله نائمة لديها تريد تنفيذ جرائم في اوروبا ،فالخطوة الامريكية الاستباقية في تفكيك وإستهداف أذرع إيران في المنطقة، لم تكن وليدة اليوم ، ولكنها كانت ضمن الإستراتيجية الأمريكية، وضمن الشروط ال12، التي يصرُّ الرئيس ترمب على تنفيذها بحذافيرها، وقد بدأها بفرض عقوبات تاريخية اقتصادية ونفطية وتسليحية على إيران، لامثيل لها في التاريخ الإيراني كلّه، حتى وصفها قادة طهران بأنها – موت بطيء – للشعب الايراني، وقلنا منذ البداية أن أي من الطرفين، لايريد الحرب العسكرية ، لأنها في إستراتيجية أمريكا تعتبر الحرب الإقتصادية كافية ،لتحقيق أهدافها وشروطها،ولا تحتاج الى مواجهة عسكرية، طالما يحقق الحصار الهدف ،ولاتستبعد المواجهة العسكرية، وقد جهزّت لها جيداً، فيما ترفض إيران المواجهة وتستبعدها، لإدراكها أنها حرب تخسرها وتهزمها بسهولة، للتفوق الأمريكي العالي ، وهكذا يعلن الطرفان، أنهما لايريدان المواجهة العسكرية، وهما يكذبان على العالم ، لأن المواجهة حتمّية للطرفين بنهاية المطاف ، لسبب بسيط هو أن طهران، لا تقبل أبداً بالشروط الأمريكية المهينة لها ، والتي تعيدها الى عصر ما قبل الصناعة كما اعادت العراق، فهي ذاهبة في عنادها ومواجهتها لأمريكا والعالم رغماً عنها ،أو الاستسلام، بطريقة التسويف والتضليل والخداع وطول النفس في التفاوض ، كما حصل في الاتفاق النووي الذي دامت مفاوضاته 12 عاماً، من الخداع والتسويف الإيراني المعهود، إذن أمريكا تعرف نبض إيران ،وأحابيلها والاعيبها، وطريقة معالجة الازمات ، وتجنب الحروب، وتضليل الآخرين، ولكن الادارة الامريكية، فهمت اللعبة الايرانية، وكشفتها ووضعتها في زاوية حرجة، لهذا هي فرضت حصاراً تاريخيّاً، لاتخرج منه إلاّ خاسرة مهزومة، ثم أن الرئيس ترمب يحسبها( حسبة عرب) ،وهو التاجر وليس السياسي، فهو أرسل البوارج وحاملات الطائرات، والطائرات النووية والصواريخ، وفتح القواعد كي تعود فاضية اليدين ، لابد وأنه يغنم الكثير من العرب وإيران ، ويضمن النفط وأمن إسرائيل بصفقة القرن، وتغييّر النظام الايراني، ليضمن مشروع أمريكا اقامة شرق أوسط كبير، ثم يضمن الأهم من هذا على صعيده الشخصي، وهو الفوز برئاسة ثانية للبيت الابيض، فالقضاء على داعش قد تم بفعل التحالف الدولي، الذي تقود امريكا، والتفاهم مع تركيا تم أيضا، بمفاوضات وترتيبات حول تسليمها إس 400، فبقي التحدّي الأكبر أمام أمريكا، وهو إيران وميليشياتها في المنطقة ، أعتقد ان السياسية الايرانية في مواجهة الحصار قد فشلتْ، وذلك بعد حجز ناقلة النقط الايرانية العملاقة، التي تحمل مليوني برميل نفط في جبل طارق، وقيامها بالرّد بالمثل على ناقلة نفط ،يجعلها في مرمى الهدف الامريكي، حيث صرح الرئيس ترمب شخصياً، على إيران إطلاق سراح ناقلة النفط فوراً، وفوراً لها معانٍ كثيرة تترّتب عليها، ثم فضيحة ناقلة النفط الايراني، المصدر عن طريق العراق الى إيطاليا وإنفضاح أمره، ناهيك عن كشف الكثير من التعاملات ودعم البنوك الايرانية، من بنوك ومصارف عراقية ،وقيام إيران بتحويل العراق الى سوق مالي وإقتصادي ايراني لصالحها، تهرباً والتفافاً على الحصار الخانق لها،أن وزارة الخزانة الامريكية، تملك جرداً كاملاً، عن جميع أملاك وأموال الأحزاب والشخصيات العراقية، وأملاكها في الداخل والخارج، ولايمكن لإيٍ كان ،أن يفلت من العقوبات الامريكية القادمة ، فأي فلس عراقي يخرج من العراق، أو في العراق لشخصيات وأحزاب، تعرف به وتذهب إستمارته الى صندوق النقد الدولي، والى الخزانة الامريكية، فإطمئنوا ايها العراقيون أموالكم المنهوبة والمسروقة من قبل الأحزاب الإيرانية ،والشخصيات الإيرانية، هي في الحفظ والصوّن، تبقى مسألة الحرب وإعلان الحرب، متوقّفة على مدى مطاولة النظام الايراني مع العقوبات وتحملها ونجاح تسويفه لها، مع ظهور بوادر معارضة قوية داخلية، أهم من معارضة رجوي وبهلوي في الخارج، الشعب الايراني يرزح تحت عقوبات، لايطيق تحملّها، والأوضاع اقتصادية مأساوية،بإعتراف قادة النظام وحكامه، الذين يتمادون بتحدي العالم كله، وليس الولايات المتحدة الأمريكية،إنّ ما يجري في مضيق هرمز وباب المندي والخليج العربي، بين أمريكا وإيران ،ماهو الاّ لعبةُ القّط والفأر ، وتعرفون نهاية قصة اللعبة ….