17 نوفمبر، 2024 7:15 م
Search
Close this search box.

ترمب من سوريا إلى كوريا

ترمب من سوريا إلى كوريا

يتحسر وزير خارجية كوريا الشمالية على الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ويقول في تصريح أخير، إن خلفه، الرئيس دونالد ترمب، يبدو شريراً، وذلك من تغريداته وتصريحاته. نفس الشعور عند المرشد الإيراني الذي هاجم ترمب، واعتبر توليه الرئاسة تحولاً سيئاً.
وعندما حذّر الرئيس الأميركي طهران بأنها «تلعب بالنار»، رد عليه آية الله خامنئي متحدياً بأن تصريحات ترمب لا تخيفنا. هذا قبل ضربات «توماهوك» الصاروخية على مطار الشعيرات السوري.

طبيعي أن يترحم وزير خارجية كوريا الشمالية على زمن أوباما، كانت غفوة 8 سنوات، استمتعت فيها أنظمة شريرة، مثل كوريا الشمالية وإيران، بفترة رخاء، فطورت قدراتها وتوسعت على حساب غيرها. النتيجة أن كوريا الشمالية تجرأت على قصف اليابان، لأول مرة في تاريخها منذ الحرب العالمية الثانية، وطورت سلاحها النووي والصاروخي بدرجة صارت خطراً مروعاً على العالم. وإيران استولت على سوريا والعراق وتحاول كذلك في اليمن.

واشنطن تحاول حماية أهم دولتين حليفتين لها في الشرق؛ اليابان وكوريا الجنوبية، لهذا أوفدت نائب الرئيس إلى العاصمة سيول، وبعثت حاملة طائرات إلى هناك. ورغم ضعفها السياسي، فإن الولايات المتحدة لا تزال أكبر قوة على الأرض، تملك نحو 19 حاملة طائرات، منها 10 عملاقة، وروسيا لديها واحدة فقط، ومثلها الصين.

لكن القوة العسكرية وحدها لا تكفي، فأميركا تقاتل بعيداً عن أراضيها، أمام دول متجاورة جغرافياً ومستعدة للتضحية بمليون عسكري من دون محاسبة داخلية.

الصين، هذا الأسبوع، رفعت جاهزيتها وأرسلت 150 ألف جندي إلى حدودها، مع حليفتها كوريا الشمالية التي لها أيضاً حدود مع روسيا.
جيوسياسياً، الدفاع عن كوريا الجنوبية مهمة صعبة، فعاصمتها سيول لا تبعد سوى 30 كيلومتراً فقط عن حدود الجار الشمالي الشرير، الذي يتوعد بدفن العاصمة، ذات الأحد عشر مليون نسمة. ولهذا السبب بنى الأميركيون أكثر منطقة عازلة محصنة في العالم على الحدود، لديهم فيها نحو 38 ألف جندي.

ولا أودّ أن أستطرد في الحديث عن موضوع الصراع الكوري الأميركي، إلا في جانب التشابه من حيث التحديات للمجتمع الدولي. فكوريا الشمالية تشبه في أوضاعها كثيراً إيران، فهما دولتان مؤدلجتان تحت حكم شمولي، معظم سياسته تقوم على بناء قوة إقليمية هائلة ضد جيرانه.
وفي الوقت الذي تطورت كوريا الجنوبية فيه اجتماعياً واقتصادياً، وباتت من أفضل دول العالم صناعياً وتقنياً، فإن جارتها في شبه الجزيرة الكورية تعيش في فقر مدقع، تحت حكم نظام رجل مهووس، ينفق كل ما تملكه الدولة على طموحاته بالقوة العسكرية.

والحال أيضاً مشابه في إيران، فالبلد لا يقل ثراء بموارده الطبيعية عن جاراته الخليجية، وبدل أن يحذو حذوها ويطور اقتصاده، اختار نظام طهران إنفاق مقدراته وبناء سياساته على الهيمنة والقوة الإقليمية.

والولايات المتحدة تريد حماية مناطق نفوذها ومصالحها، لكنها في فترة أوباما اتضح أنها فرطت فيها كثيراً. وهي اليوم ترى أنه لا بد من وضع حدود للسلوك السوري والكوري الشمالي، وتوجيه رسالة صريحة بأنها مستعدة للدفاع عن مصالحها، ومناطقها، ضد التوجهات الروسية والصينية.

ولا ننسى أن الولايات المتحدة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) وهي تصارع من أجل ترميم صورتها كدولة قوية، لكنها منذ ذلك التاريخ لم تحقق الكثير، فحرب العراق أديرت بشكل فاشل، ثم مرت 8 سنوات انكفأت فيها واشنطن تحت إدارة أوباما، واليوم واشنطن أمام عالم يتغير في حدوده ونفوذه.

*نقلاً عن “الشرق الأوسط”

أحدث المقالات