23 ديسمبر، 2024 11:24 ص

مصطلح عبارة عن “اضطرابٌ نفسي, يظهر بعلامات منها, الغرور والتعالي, والشعور بالأهمية ومحاولة الكسب ولو على حساب الآخرين”, تلك هي النرجسية.
يمتاز كثير ممن يقودون حركات أو أحزاب بالنرجسية؛ فإذا وصل النرجسي لقيادة الدولة, تظهر عليه علامات التعالي, المؤدية للدكتاتورية والتَفَرُدِ بالقرار,  لذا فإن العمل الجماعي بنكران الذات, يكون ناجحاً, وغير مخيب للآمال.
التحالف الوطني العراقي, مكون من عدة قوائم, وكتل سياسية للتمثيل البرلماني, هدفه توحيد الرؤية, من أجل تقديم ما هو أفضل, من حيث المشاريع, وجمع القرار على كلمة واحدة, كي تسير عجلة التغيير, وتصحيح مسار الحكومات, في حال انحرافها, عن الخط العام, الذي مُنِحَت الثقة على أساسه, بعيداً عما تجلبه تلك المعارضة أو الموافقة؛ من مصالح خاصة بتلك القائمة أو الكتلة؛ وهذا أساسٌ لنجاح العمل الجماعي, ونبذٌ للأنانية في اتخاذ القرار.
بعد سنوات عجاف, ألَمَت بأكبر تحالف برلماني عراقي, لاتصاف من قادَهُ بنرجسية فكرية, وبسبب المجاملات السياسية, من بعض مكوناته, ومحاولات إفشال مشروع التحالف الوطني, وحرفة عن مساره, حيث لم يتكون هذا التحالف, من أجل قيادة الحكم فقط, وليس من اولوياته, أن يقوده من حصل على أصوات أكثر, أثناء الانتخابات البرلمانية, بل أن يكون قائدهُ ناكراً للذات, يتقبل آراء جميع من يعمل تحت رايته, مقرباً لآرائهم, جامعاً لكلمتهم, مقبولاً لدى الجميع.
بعد نزاع مرير, مع من يتصفون بالنرجسية, وحب القيادة من أجل القيادة! لا من أجل خدمة النظام الجديد, نضجت رؤية التحالف على ما يبدو, على وحدة اختيار الزعامة, الجامعة للشرائط, في ظرف هو من أصعب الظروف, حيث الإحباط وصل حدوداً خطيرة, سواءً على صعيد القيادات, أو المواطن الناخب, في عدم إمكانية التغيير والاصلاح.
غربلة لأفكار ورؤى قادة التحالف الوطني, أسفرت لاختيار زعامة جديدة بشخصيتها, قديمة بأفكارها ومشاريعها, التي جّذّبت القاصي والداني, متآلفاً كان أم معارضاً, هذه الشخصية لها تأريخ فذٌ, بالجهاد والممارسات الشعبية, التي تصب بالمصلحة العامة, من خلال نكران الذات, الصفة الأهم في نبذ النرجسية, إنه السيد عمار الحكيم.
هذا الاختيار الصعب, يذكرني باختيار المسلمين, لِعَلي بن أبي طالب عليه السلام, خليفة رابعاً في ظروف حالكة الظلام, وتكالب الأمويين وغيرهم, على الحكم والرئاسة, ولقرب المثل التاريخي, فإن احتمالية نكث العهود, واجتماع الباطل, واردٌ لإسقاط المشروع, لذا عمد زعيم التحالف الوطني, إلى وضع الأسس لإنجاح العمل, من خلال بناء المواطن اولاً, و السعي الحثيث لهيكلة الدولة.
قد تكون تلك رحمة إلهية, لاستنقاذ الأمة العراقية, بمكوناتها المتعددة, عسى أن يستغلها جميع المخلصين, من أجل خدمة المواطن, والخروج من أتون الصراع, إلى فضاء التعاون ونكران الذات, سعيا لبناء الوطن, داعين الباري عزَّ وجَل, أن لا يكون بين الساسة ماردٌ وقاسط, وأن يجمع الشمل على وحدة الكلمة الحق.
أختم مقالي هذا, آملاً بالفرج والانفراج, ببيتِ شعر قديم:”  ضاقت، فلمَّا استحكمت حلقاتها …. فرجت ، وكان يظنُّها لا تفرجُ”, عسى أن لا يرجع هوس القيادة, المؤدي الى جنون العظمة.