وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ کَانَ مَسْؤُولًا (۳۴) الاسراءلقد ترك الشهداء امانة كبيرة في اعناق رجالات السياسة وقدموا حياتهم فداء لأمتهم وعلى رأسهم كانت للشهيد محمد باقرالصدر جاذبة متعدّدة وراسخة، وكانت شخصيّته استثنائيّة، وأخلاقه في غاية الرفعة، ناهيك عن محبّته الجيّاشة، خاصّةً تجاه ابناء شعبه بكل مذاهبهم. فان الصدق والأمانة والصراحة والإنسانية والشهامة والإخلاص هي من السمات التي تمثلت عنده ويقول ( رض ):-
(( أني أود ان أؤكد لك يا شعب ابائي وأجدادي اني معك وفي أعماقك ولن أتخلى عنك في محنتك، وسأبذل آخر قطرة من دمي في سبيل الله من أجلك ))(( واني منذ عرفت وجودي ومسؤوليتي في هذه الامة بذلت هذا الوجود من أجل الشيعي والسني على السواء، ومن أجل العربي والكردي على السواء، حيث دافعت عن الرسالة التي توحّدهم جميعاً وعن العقيدة التي تهمهم جميعا ))
وعندما يستذكر قادة البلاد اليوم الشهداء يجب عليهم التنازل عن كل المكتسبات والامتيازات والمناصب لصالح المجتمع و هذه المناسبة تجعل الجميع امام مسؤولية ويُعد الشعب صاحب الموقف و يحكمه ابناؤه وحدهم وليس هناك من يفرض ارادته عليهم يجب ان يتحدوا من اجل مواجهة التحديات و الحراك الجماهيري تشارك فيه كل مكونات الشعب رغم انها منسوبة لمجموعة تسمي نفسها بالكتل … ولم يشهد البلد مثل هذا العدد من المشاركين في التظاهرات منذ تاسيس الدولة في 1920 ليس في حجمها فقط انما بقياس الجوع والالم والمعانات ، التي سببتها لهم هذه الكتل السياسية نفسها وشاركت في الدمارالذي حل على البلد والتمسك بالمحاصصة المبتزة للحقوق والواجبات . ويعكس الحراك الشعبي بسلوكه السلمي حضارة الاطياف ووحدة المجتمع و تعاطف القوى الأمنية المبهر التي كانت تقف الى جانب المتظاهرين . و الاستياء كان وشم على جبين الجماهيري ودلالات الغضب العارمة بسبب الهدر الذي اطاح بمليارات الدولارات عبر مافيات لقادة سياسيين وشركات وهمية وتردي الخدمات . وبعد ان بان اليأس من الانتظار والعهود الملونة والوعود الوردية والتهرب من التغيير وضعف القدرات واغتيال الاحلام وزهق جمالية المعالم وسد طرق المستقبل امام الاجيال القادمة ورسم سواد الاحزان في وجوه الاطفال بمغامرات وافكار مفتعلة وصراعات موهومة التي أنتجت كل هذا التردي النفسي والتراجع الاداري والفساد المالي وتخاذل البعض للاخر على حساب ضيم المجتمع ومعاناته .. العراق في أشد الأزمات صعوبة واختناقا ، وأكثرها حراجة وحساسية، وهو ما يتطلب من الجميع التجرد من النوازع الفردية والحزبية الى المصلحة الوطنية والشعبية:
الان أنكشفت حقيقة الواجهه وسقطت الاقنعة التي كان يلبسها البعض والالسن التي تشق الارض اليباب كل يوم وظهرت العورات على حقيقتها الدنيئة وحبائل والاعيب الساسة فكثرت شيطنتهم حيث جعلوا من منصات الخطابة ساحة للصراعات وبروز القدرات والتهديدات وصرخات مدوية والتشبث بالسلطة والتمسك بمصطلحات التأريخ وتزوير حقائقه وتحولت الى معاني للخديعة بمضامين المظالم والثارات لا تنطلي على احد بعد اليوم .وتحويل الاصلاحات الى ازمة سياسية جديدة …. اتقوا الله ايها الساسة في عراقنا الحبيب وأنتم تتحكمون في مقدرات الشعب وشؤونه وتزيدون شجونه . ان صبر الشعب المفجوع والمخدوع قد نفذ والاعصار على الابواب . بعد ان اغلقت بوجوههم كل المنافذ و ابواب الحياة الحرة الكريمة ويعيشون الموت والدمار والانهيار وضياع فرص البناء التأريخية للوطن الذي مزقتموه وقطعتموه أربا أربا وتقاسمتم خيراته بينكم .ان التبرير والتزوير ومحاولات الصاق التهم الباطلة وتشويه الحقائق لن تنفع . لقد جربتم كل الشعارات مرة باسم الدين والأسلام ومرة باسم الوطنية والديمقراطية وجربتم فشلكم في كل التجارب والابواب والغوص في مفاتن الدنيا الفانية والابتعاد عن مخافة الله في رعاياكم وأماناتكم وتمارسون أبشع الطرق والوسائل للوصول الى غاياتكم ومراميكم وتركبون رؤوسكم بالتعالي وانتشر الفساد وازكمت رائحته النتنة الانوف … خان البعض الأمانة وباتوا يسرقون في وضح النهار متناسين إن الله فوقهم يراهم لكنهم لم يهتموا لذلك لان ضمائرهم ماتت وصعب عليهم التمييز بين الحق والباطل والخطأ والصواب وقلوبهم قست ,ونسوا انه سيأتي يوم تنكشف فيه جميع الأوراق وسوف يحاسبون بما عملت أيديهم سواء في الحياة الدنيا أو في الآخرة وإن الله يمهلهم ولا يهملهم والبعض الآخر تجردوا من الصدق وبات لسانهم ينطق الكذب بشتى نواياه وتعودوا عليه لا يخلصون في عملهم ويتكلمون على الآخرين بسوء وغيرها من الصفات الرذيلة . دوران الحكومة لن تدوم طويلا امام الوضع المزري الذي يفتك بالمدن العراقية الواحدة تلو الاخرى . وكل المحافظات تعيش حالة من الترقب والانتظار ، وبغداد على شفى غليان و تعصف بها التفجيرات المستمرة ، جميع تلك الاحداث تصحبها الازمة الاقتصادية الراهنة بالاضافة الى تحديات عصيبة على المواطن العراقي الذي لن يطول صمته ان لم يجد ساسة المنابرالحلول الناجعة وهي عاجزة عن ذلك كما يراها اهل الشأن والاختصاص. كفى مضيعة للوقت .. وكفى اقصاءاً وتهميشاً .. وكفى محاصصة وتجاهلاً لحقوق العباد . ان القيم التي تربى عليها المواطن هو الولاء والانتماء للوطن “. رغم مرارة الموقف والحال لا زال دائما مع الوطن دون مقابل ” وحبه دون مقابل ، او مصلحة ، بينما يزايد الفاسد عبر مركزه وسلطانه بأنتمائه الكاذب والمغشوش له . فالحكمة السياسية تقتضي استيعاب قضايا الوطن والمواطن .. وبمصداقية لكل ما تم التعبير عنه . فلتتوحد الكلمة ولتتلاحم الصفوف تحت راية الوطن ومن أجل انقاذ العراق من كابوس التسلط وبناء عراق حرّ كريم تحكمه عدالة الإسلام وتسوده كرامة الإنسان ويشعر فيه المواطنون جميعاً على اختلاف قومياتهم ومذاهبهم بأنهم اخوة يساهمون جميعاً في قيادة بلدهم وبناء وطنهم وتحقيق مثلهم الإسلامية العليا المستمدة من رسالته العزيزة وفجر تاريخه العظيم .
رحم الله شهدائنا الابرار الذين قدموا حياتهم فداء لأمتهم