21 مايو، 2024 12:52 ص
Search
Close this search box.

تركيبة الطائفية العراقية

Facebook
Twitter
LinkedIn

حينما يجد اي مواطن الوقت الكافي للتفكير في حيثيات الحرب الطائفية في العراق، والتي بدأت في العام الفين وستة وبقيت رغم انتهائها حقبة تاريخية مظلمة، يجد ان لها تركيبة ونكهة خاصة تختلف عن ما تم التعارف عليه في بعض الدول التي شهدت احداثا مماثلة مثل لبنان وغيرها من الامثلة، ربما لان للطرفين اسبابا يعتبرها منطقية حسب وجهة نظره.
السنة والشيعة في الشرق الاوسط عامة وشبه الجزيرة العربية خاصة، لم يشهدوا عبر ازمان طويلة اي شحناء او عداوة داخل البلدان التي يتعايشون فيها، بل كان ابناء الطائفتين مثالا يحتذى به في الاعتدال، رغم بعض الاختلافات غير الجوهرية، واغلبها تاريخية الا انهم تجاوزوها وتزاوجوا وعملوا سويا دون الحاجة الى استخدام الفاظ دخيلة مثل “رافضي، ناصبي” او شبيهاتها من التسميات التي لم تجد لها في غير قواميس رؤى بعض الاشخاص اي مكان.
معطيات كبيرة جدا تحثا على التساؤل وفي جميع الاوقات، لماذا وجِدَتِ الطائفية بيننا في هذا التوقيت بالذات، لماذا لم تظهر بهذا الشكل الرهيب خلال القرن العشرين المنصرم، هل هناك اهداف من ورائها ام انها جاءت عفوية ودون اي تدخلات خارجية.
ان اخطر ما وجدته الطائفية في العراق هو “بيئة مخصبة” بفعل فاعل لم يجد بدا في تعزيز تواجده في الشرق الاوسط كعنصر سائد، على الرغم من حداثة نشأته، وبناء اسسه بطرق غير شرعية، مع مشيه على جماجم من اختلف عنه لا لشيء سوى تحقيق احقاد تاريخية عقيمة وصلت الى حد العيوب الخلقية.
لابد ان نعترف بأن عمليات القتل الشنيعة لابناء الطائفتين السنية والشيعية في البلاد، ماهي الا نتيجة حتمية لاحتقان طائفي كان يدق على اوتار النفوس منذ ازمان طويلة، فلكلا الطرفين عبر التاريخ مجازر ارتكبها بعض الحكام لتعزيز سلطانهم تارة او الانتقام من افعال مماثلة تارة اخرى، فيما تجد طرفا ثالثا لم يجد بدا من السعي لسرقة ثروات الطرف الآخر ومكتسباته، بعد اتهامه باشياء لم ينزل الله بها من سلطان، وزرعها في نفوس من حوله، ونجح فعلا في ما يريده وبجدارة.
اسباب الطائفية نحن اولا والاطراف الخارجية ثانيا فلولا استعدادنا النفسي لاذكائها لما حصلت ولما تمكنت ثلة هربت من واقعها وامراضها العقيمة بالاحزمة الناسفة والهجمات الانتحارية، طمعا في غفران جرائم ارتكبتها او عصيان للرب الذي تعبد او الدين الذي تعتنق، من دفعنا الى هذا المنزلق العقيم.
احبتي الترياق المضاد للطائفية في ايدينا، وفي عقولنا وفي سعينا لانصاف بعضنا البعض، جميعنا تعرضنا للقتل والدمار دون استثناء، جميعنا دفعنا الثمن غاليا، فلنبتعد عن التفكير في عقلية العشيرة ولنفكر بمستقبلنا و بمشتركاتنا التي لو تمكنا من عرضها لفقأت عين الشمس ولن تغطها فقط.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب