27 مايو، 2024 2:50 ص
Search
Close this search box.

تركيا ولعبة الخاسر والعراق وفقدان الناصر

Facebook
Twitter
LinkedIn

خسرت حكومة أوردغان الرهان في شعار ” صفر مشاكل ” وشكل الحدث السوري فشلا ذريعا لها على مستوى الداخل التركي متمثلا بتظاهرات ساحة تقسيم وأحتجاجات ألاحزاب والنقابات مصحوبا بخيبة  امل قومية ووطنية  وصلت الى حد قيام نائب في حزب أوردغان بأنتقاد مواقف رئيس الحكومة أوردغان ووزير خارجيته داود أوغلو علنا مضافا الى التحفظ الذي أبدته  الطائفة العلوية في تركيا تجاه تدخل حكومة أوردغان في الشأن السوري الذي جلب مزيدا من الخسائر ألاقتصادية , مثلما جلب مزيدا من العناصر المتطرفة بأسم الجهاد وهي من جنسيات شيشانية وأفغانية وباكستانية وليبية وتونسية عرفت بأنتشار مايسمى بنكاح الجهاد بين نسائها مما جعل وزير الداخلية التونسي عبد اللطيف بن جدو يصرح مستنكرا وجود ستة ألاف فتاة تونسية ذهبت الى سورية ورجعن حواملا من أجانب بشكل غير شرعي لآنه لايعرف من هم ألازواج ؟
وتركيا التي تعاني من تمرد كردي يقوده حزب العمال الكردي التركي والذي يتخذ من شمال العراق ملاذا له بعلم وصمت حكومة اقليم كردستان العراق , ولايزال زعيم الحزب ” عبد الله اوجلان ” مسجونا لدى السلطات التركية مما يجعل تقرب حكومة أوردغان من مسعود برزاني رئيس اقليم كردستان العراق من خلال أحتفال ديار بكر ألاخير يذكرنا بعلاقة اوردغان ببشار ألاسد في سورية وكيف كان يكيل له المديح من خلال الزيارات الشخصية والعائلية والتي صاحبها رفع التأشيرة بين البلدين , ولكنها حالما أنقلبت الى تشهير وتسقيط والى أظهار مواقف العداء والدعوة الى اسقاط حكومة بشار ألاسد , وتبني بعض الوجوه السورية المعارضة لتستقبلها في اسطنبول مسبوقة بأنشاء مخيم يستقبل ألسورين الفارين من أحداث ومذابح جسر الشغور السورية القريبة من الحدود التركية , وعندما عرف أن هذا المخيم تم أنشاؤه قبل أسبوعين من أندلاع أحداث الشغب في سورية أنكشفت للمراقبين نوايا الحكومة التركية وتورطها بدعم العصابات المسلحة ضد النظام السوري والشعب السوري وفتح حدودها على مصراعيها لتلك الجماعات حتى كان اختطاف الزوار اللبنانيين في منطقة اعزاز والذين ظلوا مخطوفين لمدة سنة ونصف لم تنتهي محنتهم ألا بقيام لبنانيين باختطاف طيارين تركيين في بيروت مما سجل خسارة واضحة للسياسة التركية التي تورطت في المستنقع السوري وفقدت مصداقيتها كلاعب أقليمي منذ أيوائها لطارق الهاشمي المدان قضائيا في العراق وهي مخالفة للاعراف الدبلوماسية وللقانون الدولي تضاف الى مخالفات تركيا مع العراق في موضوع المياه رغم ماوفره العراق للشركات التركية من مفاضلة وتسهيلات عمل جعلها تأخذ نصيبا كبيرا من أعمال المقاولات التي شغلت مئات المهندسين وألاف العمال الاتراك الذين وجدوا في الشعب العراقي حاضنا لهم .
واليوم وبعد التطورات التي شهدتها الساحة السورية والتي تمثلت بحرب كونية على سورية كانت تركيا رأس الحربة فيها وستكون الخاسر ألاكبر بعد أنكفاء شريكتها في التمويل المالي قطر , وبعد أتجاه أمريكا للعمل مع روسيا والذي أثمر عن اتفاقية تدمير السلاح الكيميائي السوري بعد أن كانت سورية مهددة بضربة عسكرية هللت لها أسرائيل وتحمست لها تركيا والسعودية وكثير من امارات الخليج , وظهر ذكاء المناورة السورية وقيادتها التي أستندت الى حلفاء مخلصين مثل : روسيا التي عبر رئيسها بوتين في المؤتمر الصحفي لدول العشرين بأن روسيا ستدعم سورية اذا شنت عليها الحرب بكل شيئ , وأيران الحليف ألاستراتيجي لسورية منذ ظهور الثورة وجمهوريتها ألاسلامية في أيران والتي أخذت على عاتقها دعم ألاقتصاد السوري لمواجهة التحديات وحرب الاستنزاف التي مورست ضد سورية , ومن حلفاء سورية المقاومة ألاسلامية في كل من لبنان وفلسطين وفي مقدمتهم حزب الله الذي كان له موقفا متميزا في معركة ” القصير ” جعل خصومه السياسيين يتهمونه بالتدخل في الشأن السوري وهم أول من تدخل في الشان السوري بطريقة طائفية عدائية متطرفة , فسفينة لطف الله 2 سبقتها خمس سفن لم يعلن عنها لولا التسريبات الصحفية وألامنية , ومجموعات تلكلخ – عرسال – طرابلس – اللبنانية المتطرفة التي قتل منها ” 17 ” متطرفا ينتمون لتنظيم القاعدة بأسماء لبنانية فلسطينية مثل فتح الاسلام , ومجموعة عبد الله عزام التي اعلنت مسؤوليتها عن التفجير الذي وقع بالقرب من السفارة الايرانية في بيروت وراح ضحيته ” 24″ شهيدا و ” 196 ” جريحا وهو مما يفرح اسرائيل وحتى بعض الذين أستنكروا الحادث دفعا للشبهة , وألا فأن الذين يرون في زعمهم أن قتل ” 150 ” ألف سوري من أجل ” قبر ” لايجوز , والقبر هو مرقد السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب سيد ولد العرب بتوصيف رسول الله “ص” وأصطلاح القبر هو من ثقافة التكفيريين الوهابيين ألارهابييبن الذين يحرمون زيارة القبور خلافا للنص القرأني الصريح ” ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ” ومن المفارقات أن من يحرم زيارة قبور ألاولياء يقوم بتعظيم وتقديس الجهلة من الذين يسمونهم ” امراء ” وهي تسمية باطلة مما قادهم الى  الوقوع في ممارسات جاهلية بشاعتها فاقت وصف الواصفين , فقطع الرؤس في الساحات العامة وحرق الناس وهم احياء وحرق الجثث حتى لاتعرف معالم ألاجانب منهم واغتصاب النساء وتدمير الممتلكات وأتلاف المحاصيل الزراعية وتخريب سكك الحديد ومخازن البترول ومحطات الغاز والمستشفيات كل هذه ألاعمال الجرمية صار يعرفها أبناء الشعب السوري ويسكت عنها ألاعلام المتواطئ مع العصابات المسلحة التي يحلو للبعض ان يعزو سبب هزائمها الميدانية أخيرا الى قلة المساعدات ؟ ولاندري كيف تكون المساعدات قليلة وهم يمتلكون الصواريخ ومضادات الطيران وكل أنواع الذخيرة حتى الكيميائي الذي استعملوه في الغوطة وخان العسل , مثلما يجهزون بالطعام والدواء الذي تفتقد اليه كل الجيوش , فأي جيش يقدم له الخبز المسلفن والذي يبقى صالحا لمدة عام , وأي جيش يجهز بوسائل تسخين الطعام والحجر في البرد القارص ؟ وكل هذه النماذج أخذت من المجموعات المسلحة ” داعش ” والنصرة ” ولواء التوحيد ” وأحرار الشام ” وظهرت على شاشات الفضائيات وعرفت الدول المجهزة وهي قطر وتركيا والسعودية وأسرائيل .
وعندما يقوم وزير خارجية تركيا داود أوغلو بزيارة العراق معلنا بدأ مرحلة جديدة من العلاقات , فأنه بذلك يعلن خسارة الحكومة التركية للعبتها المدمرة في المنطقة والتي ترتب على لاعبها ضرائب الفشل , ولاتنفع زيارة داود أوغلو للسيد السيستاني والسيد مقتدى الصدر , ومسارعة البعض لتسريب معلومات غير صحيحة مفادها موافقة السيستاني على تنحية ألاسد والمالكي للخلاص من الفتنة الطائفية , وهذه التسريبات غير الصحيحة هي أساءة للسيد السيستاني قبل أن تكون أساءة للاسد الذي أصبح موضع دراسة معاهد البحوث لما أبداه من حنكة في أدارة الحرب المفروضة على بلده ومن تماسك جيشه وحكومته وشعبه وبقاء الحاضنات الدينية الى جانبه , مع تشتت المعارضة  وفقدانها للمشروع الوطني وأستعانتها بألاجنبي .
أما أوردغان الذي استقبل مسعود البرزاني في ديار بكر جنوب تركيا فكان ألاولى أن يطلق سراح عبد الله أوجلان من السجن ويستقبله في ديار بكر أو في أي منطقة تركية كردية , وان يسلم طارق الهاشمي للعراق , ويعطي للعراق حصته المائية دوليا , ولا يتدخل في الشان العراقي الداخلي .
والعراق اليوم نتيجة تعقيدات الوضع الداخلي وحملات الارهاب المستمرة بدعم خارجي وتواطئ بعض ألاطراف داخليا , مع تطورات الوضع ألاقليمي والعالمي , وعدم وجود كادر كفوء يتصدى لقيادة البلد مما فوت على العراق رغم ثرواته النفطية وموقعه ألاستراتيجي وتبدل نظام الحكم فيه , فالحكم في العراق لم يطور فن ألاداء في أدارة ألازمات , وظل حبيس الخلافات بين الكتل والاحزاب التي هي وليدة ظروف طارئة وليست متجذرة في ارض التربة الوطنية , ولا متمتعة بخصائص فكرية تمنعها من ألانزلاق ولهذا ظلت تعمل بمزاج المعارضة التي تشك في كل شيئ ولا تقدم شيئا , وهذه هي عقدة ألاسباب التي جعلت العراق بلا ناصر , وحكومته بلا مؤازر محليا وأقليميا وعالميا , وما يقال عن المؤازرة ألايرانية فهي رعاية بعين الشفقة التي يمكن أن تتحول الى فعل أستراتيجي أذا وجد من يعرف كيف يوظف العمل السياسي الدبلوماسي الخارجي بالعمل ألاجتماعي الداخلي الذي يبدأ من لقمة عيش المواطن المحروم الى تقديم الخدمات بعد أبعاد الفاسدين ومعاقبتهم الى بسط جناح العدالة وتطبيق القانون , الى تنشيط التجارة والزراعة وألاستثمار , الى ضبط ألامن الذي لايمكن ان يستتب بوجود من يتقلد المسؤولية وهو ليس أهلا لها .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب