علاقات العراق بدول الجوار ليست مستقرة وراسخة على مر العهود ،دائما المشاكل تلتهب وتخفت الى حين تتفجر من جديد ارتباطا بالنظم السياسية الحاكمة في هذه البلدان ، ولم تبرم هذه الانظمة اتفاقات طويلة الامد لمواجهة التحديات اوانه يتم نقضها . اضافة الى ضعف الوحدة السياسية المجتمعية في بعضها.
للاسف ، العراق يدفع الثمن في اغلب الاوقات ، اذ تستغل بلدان الجوار مروره باوضاع سياسية متأزمة للاملاء عليه ، وهو ما يحدث في الظرف الراهن لسلبه جزء من ارادته السياسية وسيادته وقراره الوطني المستقل تحت ذرائع شتى .
ان التكوين العرقي والديني والمذهبي الهش يشكل ارضا خصبة للتوظيف السياسي الاجنبي فيه، واصطفافا ليس سليما ووطنيا بالاستناد لاختلال التوازن والتوافق الوطني بين مكوناته والشعور بالحيف وهظم الحقوق وفرض الارادات الضيقة ومحاولات تحقيق المكاسب غير المشروعة وعلى حساب الشركاء في الوطن مما يولد صراعا ومقاومة تضعف الحكومة في المركز اكثر من خلال الاستقواء بالامتدادات خارج الحدود لتغيير المعادلات او اضافة مزايا ونيل مكاسب غير مستحقة وبالتالي الارتهان للاجنبي .
المهم ان البلدين الجارين تركيا وايران يحاولان زيادة وتوسيع نفوذها في لعراق وهذا امر طبيعي بين الدول اذا كان على اساس التكافؤ والمساواة واحترام مصالح الشعب العراقي وسيادته وعدم التدخل في شؤونه الداخلية والهيمنة على مجالاته الحيوية .
اي علاقة تبنى على المغانم وانتهاك حق الجار في ادارة بلده لن تدوم طويلا وتسبب توترا في العلاقات ونفور الشعب العراقي من صداقته وتحسسه من المتدخلين وقد تتحول الى حالة من البغض والعداوة وصراعات بين القوميات والاثنيات في المنطقة لايستفيد منها احد .
ان جزءا من عدم الارتياح بين اوساط شعبنا الذي نلمسه لبعض الاحزاب الاثنية والمذهبية مرده الى مد ايادي الجوار ولعبها وتحريكها للقوى العراقية التي تحت التاثير ، طبعا مع الفارق بين مدى كل تدخل وخطورته ومجالاته وبعضه يكون عنيفا …
ان بناء علاقات تعاون على وفق الجيرة والقانون الدولي والمصالح المشتركة يصب في مصلحة الشعوب وتنميتها اذا ما راعت اولويات كل بلد بلا فرض او اكراه او حتى ابتزاز ، وهو ينتهي آجلا ام عاجلا .
ان العراق وجيرانه يواجهون تحديات كبيرة كالمياه والطاقة ومحاربة الارهاب وكيفية تحقيق الاستقرار والسلم شرط التنمية وتامين رفاهية الشعوب اذا حلت وفق مبدأ المنافع المتبادلة فانها لا تضير بلدا .
لقد جربت هذه البلدان طريق املاء الارادات والحروب ومحاولات الاخذ عنوة فماذا كانت النتيجة ؟ هزالة ما انتج ومعرض للزوال في حال تبدل الظرف وفاتها الكثير واهدار مبالغ هائلة على سياسات خاطئة لم تقدم نتيجة مثمرة لشعوبها وبقى ما تعاني منه يقض مضاجعها .
عراقنا في حيرة مع الجارين اللذين لا يريدان اعطاؤه حقه ولا يكفان عن تفريغ الاتباع وسيخسرونهم حال ان يكون العراق قويا ومنيعا ، ويتناسيان ان افضل العلاقات لا تسقط الخلافات ووجهات النظر بين الدول او تشترط التطابق في الرؤى والمواقف .
يعرف الجار حق المعرفة انه ليس بمقدور العراق بل ولا هي مجتمعة على مواجهة الولايات المتحدة القوة الاولى في العالم لتشابك الاقتصاد والسياسة والعقدة في واشنطن وتفاوت الامكانات وشدة الارتباطات، ولكن تبقى فجوة يمكن ان تمرر منها بعض القرارات .
في هذه الحدود كان الموقف العراقي الصحيح والدقيق والمتوافق مع الموقف الدولي والحريص على المصالح الوطنية والمتضامن والرافض لتجويع الشعوب وهذا حق شرعي ينبغي ان لا يغضب الاخرين منا .