احدث اعلان قيام التحالف الرباعي بقيادة روسيا ،والذي ضم ايران وسوريا والعراق ،ضجة اعلامية كبيرة شغلت الرأي العام ، وأثارت تخوف الكثير من دول الخليج العربي ،والدول الاقليمية وفي مقدمتها تركيا ، والتحالف الرباعي في ظاهره ،هو عبارة عن تنسيق مركز معلوماتي عسكري يكون مقره في بغداد ،الهدف منه رصد تحركات تنظيم داعش وتحجيم خطره على المنطقة ومحاربته والقضاء عليه ، اما ما يضمره هذا التحالف هو تمكين روسيا وإيران من تشديد وضمان سيطرتهما على كل من سوريا والعراق ، في اشارة واضحة لإصرار روسيا على عودتها بقوة الى المنطقة كقوة مقابلة لقوة امريكا وندا لها ،وهكذا عادت الحرب الباردة بينهما ، والتراشق الاعلامي والتنابز بالكلام بينهما ، حيث دار لغط كبير في دهاليز البنتاغون معبرا عن قلقه البالغ من اعلان هذا التحالف المريب ،حيث اعرب وزير الخارجية الامريكي جون كيري عن قلقه وتخوفه من قيام هذا التحالف وتهديده للمصالح الامريكية ، وتجسسه على مصادرها ، في حين هدد وزير الدفاع الامريكي اشتون كارتر حكومة العبادي بسحب المساعدة ورفع اليد عن العراق في حالة اعطاء العبادي تفويضا لروسيا لضرب داعش من الارض العراقية ،رافضا اي تعاون عسكري معلوماتي واستخباراتي مع روسيا ، مكتفيا بالتنسيق وتبادل المعلومات في سوريا فقط، وفي الايام الاولى للتحالف ،شاهدنا السعار الروسي بضرباته معاقل المعارضة السورية التي تدعمها امريكا كالجيش الحر والنصرة وفتح الشام وغيرها عدا داعش ، وتركز القصف الروسي معاقل هذه الفصائل المسلحة ، لإحراج ادارة اوباما وإفشال مساعيها في دعم المعارضة المعتدلة في نظر امريكا ، وسمعنا تصريحات عالية المستوى تدين القصف الروسي للمعارضة السورية ،في وقت القت الطائرات الامريكية اسلحة ومعدات عسكرية وصواريخ للجيش الحر والفصائل الاخرى لإسقاط الطائرات الروسية ، بعد ان وصلت التوتر الامريكي-الروسي مداه هناك ، والتحشيد الروسي العسكري بلغ مداه مع انشاء قواعد عسكرية وبحرية ، على الاراضي السوري بحجة محاربة داعش وأخواتها النصرة وفتح الشام والجيش الحر وأحرار الشام ، وأثناء هذا الوقت كان الصمت الامريكي واضحا والرد بطيئا ،والترقب قائما ، لاستفزازات روسيا لتركيا ومحاولة جرها لدخول الحرب بكل السبل ،حتى ولو كان دخول طائراتها المجال التركي الجوي ، فحصلت تفجيرات دموية على الحدود السورية التركية في( سوروج)، ودفع حزب العمال الكردستاني لافتعال حرب داخل الاراضي التركية وقتل الجنود الاتراك، وآخرها كان التفجير الاجرامي الكبير في انقرة والذي ذهب ضحيته اكثر من مائة شهيد ، وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنه ، وفي هذه الاثناء تم اسقاط طائرة روسية في الاجواء التركية ، مما احرج روسيا وفضح نواياها تجاه تركيا ، وفشلت في استدراج تركيا الى حرب لا تريدها وليست معنية بها ، طالما حدودها مؤمنة من الارهاب ، بالرغم من ان الجيش التركي شن حملة عسكرية ،في جنوب تركيا وداخل الحدود العراقية لتأديب حزب العمال الكردستاني الذي يصر على توريط تركيا في الحرب في سوريا ، وهذا تم بتوجيه ودعم ودفع روسي ايراني لرفض تركيا الدخول في التحالف الرباعي ، اذن الصورة اصبحت واضحة المعالم والأهداف بالنسبة لتحالف ولد ميتا اصلا ، بعد ان رفضته ولفظته الدول الاقليمية قبل العالمية ، هنا لابد ان نلقي الضوء على ما انجازات التحالف التي كان يعول عليها في العراق وسوريا ، فالقصف الروسي والتدخل العسكري والتهديدات الروسية بالقضاء على داعش بأسابيع في سورية قد ذهبت ادراج الرياح ،وفشلت حملة بوتين على داعش وانفضح هناك ، واثبت كذبه انه لا يقصد داعش ولم يقصف معاقله ومقراته المعروفة ،بل كان يهدف من تحالفه الرباعي ،الابقاء على نظام الاسد ، والتنسيق مع اسرائيل في محاربة المعارضة السورية ، واثبات وجوده العسكرية الواسع في عموم سوريا ، اما في العراق ،فقد كانت ادارة اوباما واضحة وصارمة تجاه العبادي وحكومته، حيث انذره السفير الامريكي ونقل له تحذير اوباما ، بمنع اي تحالف او اعطاء اي موافقة على تواجد روسي استخباري في العراق ، حيث رفض الجانب الامريكي حضور اجتماعات الرباعي التي انعقدت في مركز معلوماتي بغداد، مما حدا بالتحالف الوطني الشيعي تشكيل وفد منه ومن قادة الحشد الشعبي وزار موسكو وتوقيع اتفاقية سريعة عسكرية على تزويد الحشد بالمعلومات والأسلحة المتطورة لهم ، دون اخذ موافقة حكومة العبادي او البرلمان العراقي اي ان الاتفاق جانبي ويحمل اهدافا مشبوهة ومريبة ، وهكذا فور عودة وفد التحالف الوطني وقادة الحشد من روسيا واجتماعه مع الرئيس بوتين،تم ابلاغ قادة الحشد بسحب قواته فورا من الانبار والفلوجة بأقصى سرعة ، وكذلك في كا قواطع العمليات ضد داعش ،وهكذا ايضا نفذ العبادي الامر وانسحبت قوات الحشد الى الخطوط الخلفية ، فيما اتجهت قطعاته الى ساحة حرب جانبية ، فكانت بيجي محطتها ، ولكن كانت الحرب بإشراف امريكي كامل ، وتم تحرير بيجي وجيوب اخرى استراتيجية في مكحول المسحك والفتحة وهذا ما اكده الجانب الامريكي نفسه قائلا(ان الطيران الامريكي والإشراف العسكري هو من حسم معركة بيجي لصالح الجيش والحشد الشعبي) ، وهي اشارة على ان الحشد الشعبي تم تحجيمه بقرار امريكي ، وهو ما تم بالفعل ،حيث اعلن امس حيدر العبادي ومجلس النواب تقليص اعداد الحشد الشعبي الى (مئة الف مقاتل) بدلا من156)، نحن نعتقد ان ادارة البنتاغون وان كانت صامتة وتعمل ببطء شديد بعيدا عن جعجعة روسيا وإيران والحشد الشعبي ،فإنها قد حققت اهدافها في تحجيم وتقزيم التحالف ألرباعي حتى انهياره تماما في الانتخابات التركية التي اجهزت عليه وعلى نواياها المشبوهة ،فكيف حصل هذا ،نقول ان ما اعلن من خلافات كبيرة بين روسيا وإيران حول الخسائر الكبيرة في القتلى الايرانيين وبالذات قادة الحرس الثوري الايراني وبأعداد كبيرة جدا في سوريا والقصف الروسي المزعوم (بالخطأ) الذي قتل العشرات من القادة الايرانيين ، في اكثر من مكان في سوريا هو قد افقد ثقة ايران بروسيا ، وظهر الخلاف الى العلن بعد ان فشلت قوات الحرس الثوري والجيش السوري معززا بالطائرات الروسية باقتحام وتحرير حلب كما اعلن ،هو القشة التي قصمت ظهر التحالف الرباعي ، والتي اعلنت جهات في الحرس الثوري انهياره وموته بسبب الخسائر الكبيرة في صفوفهم مما حدا بتمردهم على قياداتهم ، ان انهيار التحالف الرباعي جاء بعد ان حققت تركيا نصرا كبيرا في فوز السلطان رجب طيب اردوغان ،التي كانت روسيا وإيران تعولان على فشله وإشعال الحرب الاهلية داخل تركيا بدعم حزب العمال الكردستاني والأحزاب المنافسة لاردوغان ، ثأرا لرفض تركيا الدخول في التحالف الرباعي ، وموافقتها محاربة داعش وأخواتها في داخل الاراضي السورية ، ان حكمة اردوغان وحنكته السياسية وقراءته الصحيحة وكشفه للمؤامرة الروسية –الايرانية ان جاز التعبير ، يضاف الى ذلك وعي الشارع التركي السياسي والشعب التركي بوعيه العالي وإدراكه نوايا اعداء تركيا ، وكشف الاحزاب التركية ،المنافسة لاردوغان خطورة هذا المخطط التدميري على مستقبل تركيا والمنطقة باكملها ،قد افشل هذا ألمخطط وقد حذر منه مباشرة قبل الانتخابات الرئيس اردوغان حينما قال ووجه كلامه للأحزاب التركية كلها والشعب التركي ،(ان فشل الانتخابات وإبعاد حزب العدالة والتنمية عن تشكيل حكومة الاغلبية يعني هذا وبوضح تام اننا ذاهبون الى الفوضى ) ، وهنا ادركت الاحزاب والشعب معنى الذهاب الى الفوضى ، فكانت نتائج الانتخابات ضربة قاصة عجلت بانهيار التحالف الرباعي ، ومرغلته في التراب ، ونعتقد ، ان فشل التحالف الرباعي وفشل الاستيراتيجية الروسية في سوريا ،بمخططها وخطرها على المنطقة ،لا يقل عن خطر داعش عليها وان نجاح حزب اردوغان وفوزه ،قد اعلن بدء عصر جديد بعيدا عن الحرب في المنطقة كلها وفرض السلام فيها ، وهذا ما تعمل عليه حكومة اردوغان بالتنسيق مع الدول العربية التي استقبلت فوز اردوغان بفرح غامر وارتياح بالغ،وهذا يؤكد حقيقة اهمية الدور التركي في المرحلة المقبلة ،مما يعكس هذا على محاربة الارهاب بكل انواعه ومسمياته ومن يقف وراءه ،واعتقد ان تركيا ستلعب دورا مهما جدا بعد هذه الانتخابات بانفتاحها على العرب واعتمادها عليهم وهذا ما نراه من بوادر تقارب تركي- مصري، وتركي سعودي ، وهذا اكبر مؤشر حقيقي على النهوض بدور تركي مهم في عموم المنطقة …