هناك مثل يقول؛ “أي شيء أحسن من اللاشيء”.. وبالاستدلال والاستنتاج يمكننا القول أن ثلاثة أشياء خير من اثنين، وبمجمل القول نخرج بفائدة ذكرها مثلنا الشعبي القائل؛ “إيد وحده ماتصفك”..!
ولو تصفحنا بطون الكتب، بدءًا من الكتب السماوية -والقرآن أولها- وأحاديث نبينا والأولياء والأوصياء، لوجدنا القاسم المشترك بينهم هو حث بني آدم على المحبة والتآزر والتعاون في جميع أمور الحياة، فرادى وجماعات. ومن هذا المبدأ نشأت شراكات وتعاقدات ما بين الأفراد والجماعات والدول على الأصعدة كافة، بغية تحقيق تقدم يعم الإنسانية جمعاء، وقد قال الشاعر:
الناس للناس من بدو ومن حضر
بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم
ومن البديهي أن ما تقدم لن يكون ممكنا مالم تنعم البلدان باستقرار أمني، الأمر الذي يتيح للأفراد والجماعات العمل والإبداع وبالتالي الارتقاء ببلدانهم الى حيث يستحق خليفة الله في الأرض.
هنا في عراقنا بات الأمان هو العقدة الكبرى في كل شبر من بقاعه، ومايزيد الطين بلة أن تردي الأمن والأمان تشترك في تفاقمه جهات وشخصيات هي كما نقول: (من حبال المضيف) وهي تأخذ من الواجهة الإعلامية وجهين أو أكثر وحسب مايقتضي الموقف والظرف. وخير مثال على هذا تركيا والسعودية، إي كما يقول مثلنا: (الحمى تجي من الرجلين)، فهما أقرب جارين لنا، وهناك روابط مشتركة بين العراق وبين كل منهما، أما الوجهان المتلونان اللذان يتمتع بهما الرأسان الحاكمان في هذين البلدين، فهما على قدر عالٍ وإمكانيات ضخمة في إقناع الرأي العام، في مؤتمرات او اجتماعات او جلسات ولاسيما جلسات مجلس الأمن، إذ لم يفت السعودية مثلا ان تعلن قبل شهور أنها مستعدة للمشاركة في تنفيذ ضربات ضد داعش، لتمويه الرأي العام في نياتها أمام تحقيق السلام في المنطقة، في حين الكل يعلم ويدرك جيدا ان تاريخ المنظمات الارهابية حافل بالازدهار والنمو على أرض نجد والحجاز، وكانت العائلة المالكة الحضن الدافئ الذي ترعرعت عناصر المنظمات الإرهابية فيه، وأرضعت من لبانها ربيبها محمد بن عبد الوهاب. والعجيب الغريب في ملوك وأمراء السعودية أنهم لايكفون عن دس السم في عسل العلاقات بينهم وبين العراق، فلطالما يصرحون عن نيتهم في توطيد العلاقات بين البلدين، ومافتئوا يستقبلون المسؤولين العراقيين الذاهبين الى أراضيهم، ويبحثون معهم “سبل التعاون وتعزيز الآصرة بين الشعبين الشقيقين”. وهم يتباكون دوما على الود الذي يشوبه خراب بينهما، ويدعون الى “نبذ الخلافات القديمة” بحجة ان المتسبب فيها كان “شخصا أحمق” عم شره كل دول المنطقة وليس السعودية والخليج فقط. وفي حقيقة الأمر ان الكل يذكر (خدمة) حكامهم للـ (أحمق) إبّان حربه مع ايران، لغايات لم تخفَ على أحد، وبعد انتهائها (قلبوا ظهر المجن) فكانوا كما قال شاعر:
صلى وصام لأمر كان يقصده
فلما انقضى الأمر لا صلى ولا صاما
اليوم بصق العراقيون من أفواههم كل أشكال التسلط والدكتاتورية ومفهوم القائد الأوحد والحزب الواحد، ولن يستسيغوا مذاقات القهر والظلم، وماعادت أساليب التدخلات الخارجية المغرضة تنطلي عليهم، فياحبذا لو أخذت قيادات العراق موضوع التصريحات الإعلامية على محمل الدراسة المستفيضة، والاستدلال بالوقائع الملموسة والمحسوسة التي ترشدهم على السم الزعاف الذي تنفثه هاتان الدولتان، وعدم الانجرار وراء هذا الملك او ذاك الأمير في تصريحاته التي لها من الباطن مالايخفى على العراقيين جميعا، ومن غير المعقول أنه يخفى على رئيس الوزراء او رئيس البرلمان او رئيس الجمهورية..!