23 ديسمبر، 2024 5:26 ص

تركيا وإعلان الحرب.. ما لها وما عليها

تركيا وإعلان الحرب.. ما لها وما عليها

ترددت تركيا كثيرا، في دخولها الحرب على داعش، بجوار التحالف الدولي، بقيادة الند السياسي لها “واشنطن”، وقامت بالمماطلة دبلوماسياً وإعلاميا، لإيجاد تبريرات عدة لتجنبها القتال مع تنظيم “داعش”. حتى تأكدت المساعي التي تريد ربط التنظيم بسياسة تركيا، ودعمها له. وذلك من خلال تدفق المقاتلين الأجانب عبر أراضيها الى سوريا، والدعم اللوجستي أيضا ومعسكرات التدريب. كانت معللة عدم خوضها الحرب بجانب التحالف، إنها لا تريد خدمة الصالح الأمريكي، وهي ترى إن حرب أمريكا على داعش فيها مصالح جيوسياسية واقتصادية للأولى.
ناهيك عن التوجه العقائدي لكال الفريقين “داعش” و”أنقرة” المتمثلة بتوجهات حزب العدالة والتمنية طبعاً، ذات الطابع “الإسلامي- الاخواني”. ووجود جسور فكرية بين الفريقين، عبر الامتداد السلفي الذي يشكل مرجعاً لهما. كل هذا قد تنازلت عنه تركيا، ودخلت الحرب مؤخراً. لم دخلت؟ وكيف ستخرج؟
لعل التوقيت الذي أعلنت فيه تركيا دخولها المشروط، يرجع الى زيارة أمير قطر في الخامس عشر من يونيو الجاري. الذي اتفق فيها الجانبان، على خارطة طريق للمنطقة الإقليمية بين العراق وسوريا. وثانيها الاتفاق النووي الإيراني، والذي فكرت فيه الدولتان أي ” قطر وتركيا” على وضع برنامج يضمن توازن القوى في المنطقة، بعدما باعت واشنطن التحالف الخليجي كما يظنون في اتفاقها مع طهران.
الوضع الداخلي أيضا في تركيا، لم يكن خارج دائرة الصراع، فالتفجيرات التي طالت مدينة “سوروتش” كانت دافعاً قويا وملحا لدخول الحرب. وان كانت هناك بعض الشبهات وتبادل للاتهامات بين حكومة تركيا وحزب العمال وداعش، مما دفع حزب العمال الكردستاني في بيان له قائلا: أن التفجير لم يكن لداعش بل كان للحكومة! لذا في نجاح احد السببين السابقين في اندلاع الانفجار النجاح، إلا إن تركيا استغلت الموقف استغلالا صحيحا، ورسم سياستها الخارجية بسرعة حول اتخاذ القرار. وهو شنها الحرب على الاثنين “داعش والعمال الكردستاني”.
الضغط الحاصل من قبل المعارضة، على إجراء انتخابات مبكرة، لفشل الحكومة الائتلافية الى الآن من تشكيل الكابينة الوزارية، هو الطموح الذي يراود اوردغان ايضاً، في فشل تشكيل الحكومة، حتى يكون المتربع الوحيد على عرش السلطة، وإعطاء له الدور في التشكيل والتفرد. خصوصا بعد انهيار هرم الأغلبية الذي كان مهيمنا عليه طيلة السنوات السابقة.
اوردغان وحزبه ما زال اللاعب الأوحد في القرار السياسي، كما صرح “اوغلو” رئيس الوزراء المستقيل، موضحاً بذلك ان السياسة التركية لا تزال تمضي على ما يشتهيه حزب العدالة والتنمية. ناهيك عن تأجيج الحدود واختلاق المواجهات المسلحة، الذي سيدفع الدستور التركي الى إجراء انتخابات مبكرة، وبذلك ينجح اوردغان بإزاحة التحالف المؤقت بين المعارضة والديمقراطيين من إمامه.
الإقدام على فتح باب الحوار مع الجانب الأمريكي، يضمن لتركيا تواجدها في الساحة الإقليمية خشية من تفرد إيران بذلك، بعد الاتفاق النووي. لذا التجأت الى فتح قاعدة ” انجيرليك” الأمريكية، لتقوم مقاتلاتها بقصف مواقع داعش في سوريا والعراق. وقد علق اوردغان على ذلك على انها: خدمة لصالح تركيا!
ما ستحصل عليه تركيا عموما، هو إفساح المجال أمامها لمحاربة الجانب الثاني لها، اي حزب العمال الكردستاني فقط. لما تراه هي اخطر من داعش عليها حيث اتفاقية السلام عام 2013 لم تكن على المزاج التركي، وخصوصا ما أعطى قوى للأكراد داخل تركيا للانفصال السلمي، وفق المعايير الدبلوماسية ولعبة السياسة وتحديد المصير، لذا دخول تركيا التحالف كان مشروطاً بهذا، وهو تهدئة صيحات الاقلمة الكردية، إلى جانب السماح لضرب داعش. اما ما يحاول اوردغان حصوله، فهو دخوله الانتخابات المعادة، كبطل قومي حقق لبلاده الاستقرار والوحدة واعطى درساً للأتراك إنكم بدون اوردغان ستكونون أقاليم مفرقة يا أحفاد الإمبراطورية العثمانية.