ليس النظام البرلماني او النظام الرئاسي هما المسؤولان عن قيام الدكتاتوريات. النظامان يسودان الكثير من البلدان في العالم الحر شرقا وغربا. النظام في أمريكا رئاسي وفي بريطانيا برلماني. في إيطاليا برلماني وفي فرنسا رئاسي. في المانيا برلماني وفي روسيا رئاسي. في اندونوسيا رئاسي وفي الهند برلماني. في البرازيل رئاسي وفي اسبانيا برلماني.
المؤسسات الديمقراطية والسلطات المستقلة (التشريعية والتنفيذية والقضائية)، يمنعان ظهور الدكتاتورية. الانتخابات النزيهة والإعلام الحر والنظام المالي الذي يشتغل وفق آليات السوق ومبدأ تكافؤ الفرص، والقوى الأمنية (الجيش والشرطة والاستخبارات بأنواعها) التي لا تخرج من نطاق مسؤولياتها في حماية البلاد والعباد، كل أولئك يعملون على توزيع القوة والسلطة في مراكز متنافسة تقوم على مبدأ التوازن والإحترام المتبادل وتؤمِّن رقابة فاعلة تحول دون تغول طرف على طرف.
باعتراف الجميع، او على الأقل، لنقل ان المؤسسات المعنية في تركيا لا زالت تحافظ على مقومات صيانة الديمقراطية وحماية الدستور وتحافظ على توازن السلطات ولا تجمعها في مركز واحد، ثم ان الكلمة الفصل لازالت بيد الشعب، وإذا كان الشعب هو الذي يحكم فمن له ان بتغوّل عليه؟>
بقي ان نشير الى ان حسنات النظام الرئاسي الذي يعتقد حزب العدالة والتنمية الحاكم انه انسب لتركيا تتمثل في تسريع عملية اتخاذ القرار وضمان استقرار الحكومات ومنح المؤسسة التنفيذية بعدا شرعيا اعمق واوسع عندما يتم انتخابها مباشرة من قبل الشعب بالإقتراع السري المباشر بدلا من اخضاعها لمساومات الأحزاب الممثلة في البرلمان.
ثم ان الشعب هو الذي قرر بكامل إرادته وله أن يقول كلمته بشكل دوري كل خمس سنوات وبإمكانه أن يقول لأردوغان أو غيره باي باي إذا أخل بواجباته أو فشل في تحقيق أهدافه في التعايش السلمي والإزدهار والحماية من الأخطار الخارجية، وبذلك لن يكون هذا النظام الرئاسي أو الأسلوب الجديد لإدارة الدولة، حكرا للحزب الحاكم، إنه نظام للدولة والشعب.