ان سيناريو تغيير العلاقات بين تركيا وداعش بشكل كبير في الاسابيع القليلة الماضية. بعد التفجير المدمر الذي ضرب بلدة سروج جلب انتباه العالم إلى جنوب تركيا، حيث قُتل أكثر من ثلاثين شخصا وعشرات من الجرحى في هجوم انتحاري بسيارة مفخخة يتهم أن تنظيم داعش يقف خلفه ، الانتحاري استهدف أعضاء في الأجنحة الشبابية للحزب الاشتراكي واتحاد جمعيات الشباب الاشتراكي عندما كانوا يلقون بيانا صحفيا قبيل عبورهم للحدود بين بلدتي سروج وكوباني لتنفيذ مشروع إعادة بناء في كوباني.
وبالنظر إلى أن وحدات حماية الشعب الكردي كانت الأكثر قوة وفعالية في مواجهة داعش واستطاعت من طردها وايقاف مد هذه الحركة التكفيرية للتوسع في كوباني ومناطق كردية اخرى ، فإن الدولة التركية تساهم في إضعاف أحد أهم أعداء داعش من خلال ضرب عصفورين بحجارة واحدة
فلا بد من قراءة في الموقف التركي من الحرب على الإرهاب من خلال محددات التدخل العسكري في العراق وسوريا والتي طرحها أردوغان شخصيا أثناء طلبه التفويض من البرلمان التركي في خروج الجيش الى خارج الحدود.
،الدولة التركية، لعبت لعبة خطيرة وخاصة حزب العدالة والتنمية والذي يتمتع بنفوذ واسع داخلها، حيث ذكرت صراحة أن إسقاط الرئيس الأسد يبقى من أولويات الحكومة التركية ولاتسمح كذلك من تكوين كيان للاكراد على الحدود مع انقرة . كما يلاحظ من التدمير الغير المبرر لمنشآت النفط والغاز في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة السورية من قبل قوات “التحالف” بأنه يهدف لإعادة تأهيل البنية التحتية لصناعة النفط والغاز في سوريا وفق ما يلبي متطلبات شركات النفط العالمية التي تسعى لوضع يدها على هذه الموارد الطبيعية، والتي يبدو تتأمل في ان يكون للشركات التركية حصص دسمة من عقود التأهيل هذه في حال نجحت أهداف هذه الحرب. “الموقف التركی الداعم للإرهاب واضح ومعروف دولیاً ولا یوجد هناك غموض بتوجهاتها ابداً حتى من الجانب الامريكي الواضح وعلى لسان مسؤوليها في الكثير من المناسبات الماضية”
إن خصوم الجيش التركي في المعركة المزعومة ضد الإرهاب والتي اخذت الحكومة التركية التحدث عنها اخيراً ، هم ليس فقط داعش وأخواتها من الحركات التكفيرية بل قد تشمل المعركة قوات أخرى منها الجيش السوري والأكراد وحزب الله والسؤال الذي يطرح الان هو من هم حلفاء الجيش التركي المتوقعين في المعركة البرية ؟ بالتأكيد لا الجيوش الخليجية ولا غيرها من الجيوش العربية تستطيع دخول هذا النوع من المعارك. ويبقى الحليف المحتمل الوحيد في هذه المعركة هم فصائل المعارضة المسلحة المأجورة في سوريا (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية) التي بدورها رحبت بشدة بالعمليات العسكرية داخل بلادها في بيان لها “الشعب السوري يرفض أن تكون الأراضي السورية مرتعا للتنظيمات، المصنفة تحت لائحة الإرهاب، ولا يُقبل بأن تكون الأراضي السورية مُنطَلَقا لزعزعة استقرار دول الجوار ” و التي ساهمت تركيا في صنعها ومن ضمنها داعش والنصرة والجيش الحروالخراساني المتهمة أصلا بالإرهاب.
المعارضة التركية على وجه الخصوص واكثر الشعب التركي يتهمون رئيسهم أردوغان ورئيس وزرائه أحمد داوود أوغلو بالتعايش مع تنظيم “داعش” الإرهابي، وذهب آخرون في المعارضة إلى توجيه الاتهامات للحكومة التركية بتقديم الدعم العلني والسري للإرهابيين مستندين على ما قاله داوود أوغلوا مراراً بأن “داعش” لا يشكل خطرا على تركيا.
وقد نشرت صحيفة “طرف” التركية أن تنظيم “داعش” يمتلك أسلحة وذخائر بكميات ضخمة من صنع تركيا.. وهذا ليس فيه شك ومن المؤكد أن الأسلحة والذخائرالموجودة بحوزة مقاتلي”داعش” هي جاءت من دعم تركي او مررت من خلال اراضيها لتصل الى هذه العصابات المجرمة.
ان الاعتداءت الاخيرة التي قامت بها القوات التركية ضد المجاميع الكوردية في شمال العراق وسببت ضرب المدنيين العزل أثار غضب العالم بسبب دمويتها و التي شنتها طائراتها على منطقة كردستان العراق، وقد استنكرت دول عديدة الاعتداءات التركية على الاراضي العراقية كما ان لتركيا دور بدعم الإرهاب فی العراق، لأنها تؤوی الكثیر من الفصائل المسلحة وتقیم لها المؤتمرات تحت عنوان ما یسمى بـ”المعارضة”،
وقد سبق ان ارسلت رسائل واضحة، عبر وسائل الإعلام على إنّ لتركيا، دورٌ بارز في ما يجري ،وتعاني منه المنطقة، وخاصة فيما يمر بالعراق وسوريا، وقد قُدّمت، وثائقٌ دامغة، تدين هذه الدولة الجارة، بضلوعها في العديد من المؤامرات التي ذبحت الآلاف من ابناء شعوبها ،كما إن هناك الكثير من الرسائل الشفوية، قد وصلت الى المسؤولين الاتراك،
ويطلب السياسيون العراقيون من واشنطن بوضع تركیا تحت البند السابع، لأنها تهدد الأمن والسلم الأهلي في هذا البلد لا ان تدعمها في محاربة الارهاب اذا كانت صادقة في نواياها.وعليها ان تعيد النظر عن مثل هذه السياسات الخاطئة.
يتبع