18 ديسمبر، 2024 6:14 م

تركيا دولة المنابع تبني السدود ونحن دولة المصب نهدر الماء بلا حدود

تركيا دولة المنابع تبني السدود ونحن دولة المصب نهدر الماء بلا حدود

لم تكن الخلافات العراقية التركية حول المياه خلافات آنية أو نزاعات طارئة ، إنما هي خلافات نشأت منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 وزوال السلطنة العثمانية ، وقد تنبهت جميع الحكومات المتتابعة منذ التأسيس لأهمية هذا الموضوع ،، إلا حكومات ما بعد العام 2003 ، رغم أن عقدي حكمها تمييزا بارتفاع درجات الحرارة وشحة مياه الأمطار ، ولست بصدد النقد ، ولكن اود عرض الوقائع أمام العراقيين ولو بشرح مسهب للجوانب الفنية والقانونية للموضوع . وقد تنبه العراقيون منذ الثلاثينات لخطورة مياه الفيضانات ولوقع فترات الصيهود على الحياة والزراعة ، فتم إنشاء أكثر من 142 ناظما اروائيا كانت ولا زالت تروي ملايين الهكتارات الزراعية ، اضافة الى بناء العشرات من السدود والخزانات منها سد الكوت والثرثار في سامراء وسد الرمادي وسد الفلوجة وسد دبس وسد الكسارة وسد الهدية الجديد وسد الكوفة والعباسية وسد قلعة صالح وسد ديالى الغاطس وسد دوكان ودربندخان وسد بخمة وسد حديثة وسد حمرين وسد العظيم وآخرها سد الموصل اضافة الى سدود أخرى عظيمة ، وحسب رأي الخبراء فإن كل هذه السدود لم تعد تجدي نفعا جراء مئات السدود التركية وهي دولة منابع الأنهار ، فبالإضافة إلى عشرات السدود قبل العام 1970 أخذت تركيا ببناء السدود على حوضي دجلة والفرات مبتدئة بسد كيبان على نهر الفرات الذي ينبع من المرتفعات الشرقية في تركيا ويدخل الأراضي السورية ومنها الأراضي العراقية بطول 2700 كم وهو ملك لثلاث دول ، وفي آذار 1974 بدأت تركيا بملء السد مما دفع سوريا والعراق للاحتجاج على هذا المشروع الذي خفض المياه بشكل يفوق الحد المتفق عليه ، وبالإضافة إلى سد كيبان بدأت تركيا بمشروع جنوب شرق الأناضول الذي يتضمن عشرات السدود على نهر الفرات منها اضافة إلى سد كيبان كل من سد قرقايا سد اتاتورك وسبعة سدود أخرى من عام 1989 إلى عام 1999 ، ولتركيا حاليا مشروع بناء ثمانية سدود ضمن مشروع gap الطموح على نهر دجلة منها سد اليسو العملاق الذي سيعمل على تخفيض 47 بالمئة من موارد العراق المالية ،، وعند افتتاح سد اليسو عام 2020 صرح الرئيس التركي رجب طيب اوردوكان ، أن بلاده كانت تملك 276 سدا عام 2002 ، وهي تملك الان 585 سدا ، وانه سيتم ايضا افتتاح 17سدا إضافيا ، بالمختصر كان تحسس المسؤول التركي وهو في بلد المنابع لمئات الانهار العذبة والنقية الأثر المباشر في مشاريع حفظ المياه واستغلالها لتوليد أكثر من مئة الف ميجاوات من الطاقة الكهربائية خلال العقدين الأخيرين ، ولم يقم العراق خلال ذات العقدين أي سد أو إنشاء أي خزان ، واليوم يقف على قدميه متوسلا كل من تركيا وإيران لضمان ولو جزء من حصته المتفق عليها بموجب الاتفاقيات البينية ، وما عليه بعد كل هذه المقدمة إلا نقل الموضوع الى المحافل الدولية ، التي تعمل وفقا للعرف الدولي الذي يلزم دول المنبع للتعاون بالانتفاع المشترك بالمياه اولا ، وفقا لمبدأ العدالة في توزيع مياه الأنهار المشتركة ثانيا ، وثالثا التشاور عند أقامة المشاريع ، ورابعا التعويض عن الأضرار ، وخامسا حل المنازعات بالطرق السلمية ، وبعكسه على العراق نقل الموضوع الى الامم المتحدة (مجلس الأمن ، لأن مشكلة المياه باتت تهدد السلم والأمن الدوليين) ولنا في قضية سد النهضة الاثيوبي مثلا صارخا على ذلك ، حيث أيدت الولايات المتحدة حق مصر في حصتها من مياه المنبع وحسب الاتفاقيات السابقة ، وقد كان لذلك التأييد أن قرر مجلس الأمن حل الموضوع دون الأضرار بحق مصر والسودان ،
أن القانون الدولي للمياه والاتفاقات الدولية ، تعد اتفاقيات شارعة على دول المنبع والدول المتشاطئة الالتزام بها ، وقد أكد القضاء الدولي في العديد من أحكامه على الحقوق المائية للدول المتشاطئة ففي قضية بين هولندا وبلجيكا أكدت محكمة العدل الدولية الدائمة في حكمها الصادر بتاريخ 28 كانون الثاني عام 1937 على عدم تغيير الوضع الطبيعي للمياه في الأنهار الدولية بما ينتج عنه المساس بحقوق الدول المتشاطئة ، وفي حكم لمحكمة التحكيم الدائمة الصادر بتاريخ في 16 تشرين الثاني عام 1957 في النزاع بين فرنسا واسبانيا بخصوص بحيرة لانو ، تمشيا مع مبدأ حسن النية أن تأخذ الدولة صاحبة المجرى في الاعتبار وعلى قدم المساواة جميع مصالح الدولة النهرية الأخرى وعدم تجاهل فرنسا مصالح اسبانيا ، وللقضاء الدولي معاهدات شارعة تنظم العلاقة بين الدول في اعالي الأنهار والدول أسفل تلك الأنهار يقول الاتراك أن منابع النهر لديهم ولهم فيها ما يحق لدول النفط فيما يكتشفون تحت ترابهم ، واليوم تتناقل وكالات الانباء كما هو في وسائل التواصل الاجتماعي أن وزير الخارجية التركي صرح مؤخرا أن النفط العراقي مقابل المياه التركية ، وهنا على المفاوض العراقي أن يصرح أن المياه عبر الأنهار الدولية يحكمها القانون الدولي ، والاتفاقيات فيها هي معاهدات شارعة ملزمة أما اتفاقيات النفط فهي اتفاقيات بينية ثنائية تجارية يحكمها قانون العرض والطلب ولا يمكن أن تكون قاعدة عامة دولية ملزمة للجميع..،،.