19 ديسمبر، 2024 12:07 ص

تركيا بين الأطماع العثمانية والنفاق السياسي

تركيا بين الأطماع العثمانية والنفاق السياسي

منذ أندحار العثمانين في الحرب العالمية الأولى  وطردههم من أوربا وأندحارهم في أفريقيا  والوطن العربي , ومساعدتهم الى المانيا الهتلرية في الحرب العالمية الثانية على أمل دحر البريطانين وحلفائهم بغية أعادة  الحلم العثماني و السيطرة  مجددا على العراق وبلدان عربية أخرى كانت تحت نفوذهم بعد طردههم بقوة السلاح من أخر معقل لهم في لواء الموصل أنذاك بعد أن تمركزت قواتهم المنهكة و المنسحبة  الى هناك ورفض أهل الموصل لبقائهم مما شكل صدمة لهم من قبل أخوة الدين الذين رفضوا سيطرتهم وقسوتهم وأحتلالهم المذل الطويل ويتذكر أهل الموصل والعراق كيف كان الشباب العراقي يزج في حروب طاحنة بجبال القفقاس واليونان وقبرص ويلغاريا والنمسا دون ان يكون لهم فيها مصلحة ولم يعد هولاء الشباب الذين اصبحوا حطب لحروب الدولة العثمانية ناهيك ممن بذل حياته لينضم مع القائد التركي كمال أتاتورك دفاعا عن تقسيم تركيا بين دول المحور على اثر هزيمتها في الحرب العالمية الأولى وكان العراقيون ضباطا وجنود من امهر المدافعين والمقاتلين عن تركيا الحالية وبذلوا دمائهم رخيصة مدفوعين بعامل الدين والأخوة الأسلامية التي تنكر لها الأتراك وقادته. .
لقد ظلت أطماع تركيا نحو العراق مستمرة بعد سقوط النظام الملكي وكونت لها علاقات مع عملاء في الداخل ودول في الخارج لأسقاط النظام الجمهوري الجديد الذي حطم حلف بغداد بزعامة تركيا مستغلة ضعف الجيش العراقي في التسليح والتدريب , لكن يقظة الشعب العراقي ودعم الأتحاد السوفيتي للحكم الجمهوري أسقط احلام تركيا التي ظلت في سبات وليس في موت مستغلة القضية الكردية وقتال الأحزاب العراقية الغبية مع بعضها في صراع دموي يندى له جبين الفكر والقادة  لصالحها رغم أن تركيا تملك السجل المخجل في أضطهاد الأتراك وذبح أكثر من مليون أرمني بلا رحمة ولا شفقة ناهيك  عن مذابح  للمسيحين وقساوستهم في شمال العراق  . .
أن الحرب الطويلة بين الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق ضد الأكراد بوحشية وقسوة  لشيء مخجل ومقرف ومرفوض مما ادى لضعف الحكومات نفسها  وبالتالي لأسقاطها وكانت تركيا تجيد لعبة أنهاك الحكومات بذكاء وحقد اعمى بطمع تاريخي وتغذي الشعور الطائفي للجالية التركمانية التي وجدت بين الشعب العراقي عائلة كبيرة وأرض تحتضنهم بكل حب واخوة  ومثل أغلب الرياضين التركمان العراق ببطولات المصارعة والقدم والسلة والساحة والميدان وهم يقفون تحت الراية والنشيد العراقي في محافل الرياضة ليومنا هذا وفشلت  كل المحاولات في جعل الأخوة التركمان تبعية تركية . .
لقد تم قصف المدن العراقية أبان الحصار الدولي على العراق في التسعينيات من قواعد تركية اسلامية تحمل الموت لأخوتهم المسلمين في العراق دون ان يخجل القادة المسلمين الأتراك من رؤية المدن وجثث الأطفال تتناثر في كل مدن العراق مادامو هم يفبضون الثمن المخجل .وبعد حرب الخليج أقلعت طائرات من القواعد التركية لتحرق القوات العراقية المنسحبة من الكويت والتي بقيت بلا غطاء جوي كما هو معروف وراح ضحيتها  شباب ابرياء بحماقة القيادة  البعثيىة العراقية وغبائها المفرط الذي أنهى وجود الجيش العراقي الباسل .  .
وينمو الحقد التركي متجاوزا العراق ليضطهد حزب العمال التركي الذي يمثل الفقراء الأكراد المطالبين بحقوقهم الأنسانية المشروعة بدء من ألقاء القبض على القائد الكردي عبدالله اوجلان مرورا بالفتك باي معارضة كردية في الداخل والسجون التركية مليئة بالمعارضين الأتراك من غير المنضوين تحت اي حزب او من رجال الفن والأدب والصحافة  وتغازل تركيا قادة كردستان الحالين في التضيق على أبناء جلدتهم من الثوار  الأكراد والحد من تحركهم في كردستان وتكاد الوقاحة تكون بلاحدود معقوللأي وزن دولي حين ترسل تركيا قواتها العسكرية داخل عمق الحدود العراقية بحجة مطاردة الثوار الأكراد من الذين تسميهم بالأرهابين غير ابهة لصيحات المجتمع الدولي وصرخات المنظمات الأنسانية واحتجاج الحكومة العراقية ,وهاهي الأن تساند المعارضة السورية ليس حبا بالسوريين بل رغبة في اسقاط نظام بشار الأسد وحزبه الذي لم يعد ملائما للمزاج السياسي التركي وهي فرصة مناسبة لكسب المعارضة الأسلامية وتدجينها في الحاضنة التركية لتغرد لها تحت حجج واهية وهي تضع برقع الأنسانية وتلتحف بعباءة السلم وأحتضان اللأجئين بمحبة الأسلام وفي يدها خنجر الغدر لكل ماهو عربي ومسلم , ناهيك عن أزدياد اصوات ذات وزن سياسي سواء في البرلمان أوحزب العدالة والتنمية او الحكومة التركية مع  تخوف مشبوب بحذر من قيام دولة كردية  مستقلة  مستقبلا  وتعاظمها في شمال العراق وماله من ردود أفعال عند أتراك سوريا وأيران وتركيا نفسها من تأسيس دولة كردية مستقلة تضم جنيع الأكراد كدولة الميعاد التي حلم بها الأكراد بعد مشروع تقسيم دول المنطقة للشرق الأوسط الجديد والذي يشهد قيام دول جديدة حتما وهذه  الأصوات  الحاقدة هي التي لعبت دورا مهما في تفريب العلاقات العربية الأسرائيلية في المنطقة وأقامة سفارات أسرائيلية في دول المنطقة وهي نفسها التي اثارت فتنة مذهبية بين السنة والسيعة في العراق وسوريا وأفغانستان وباكستان من خلال اسنادهها لمنظمات  سلفية تدعوا لقتل المسلمين قبل المحتلين الكفار  !
 تطالب بالغاء اتفاقية عام 1926 التي تخلت فيها تركيا بقوة  السلاح البريطاني ورغبة أهل الموصل بالبقاء تحت مظلة المملكة العراقية مع الطمع المستمر دائما كحلم يستيقظ بين أونة واخرى بأمتلاك كركوك لوجود جالية تركية كبيرة فيها وهي لعبة دنيئة يساندهها البعض من اصحاب النفوس المريضة مثل  نغمة  قميص عثمان  ولم  ينسى  الأتراك  بقطع العراق حصة النفط  من  حقول كركوك بحصة 10%عند تأميم  العراق لنفطه مثلما لم ينسى العراقيون قطع تركيا الماء عن أراضيهم وبناء تركيا لحوالي 22 سد لخزت المياه دون الحاجة أليها ولكن حبا في اذلال الشعب العراقي وأحراج حكومته .!! .
لقد تحالفت منذ عشرات السنين مع اسرائيل ولازالت هناك علاقات دبلوماسية وتجارية وثقافية وعسكرية بين الطرفين وهي التي مهدت لحصول أسرائيل على موطا قدم للتجسس والتأمر  على العراق وايران وسوريا معا لرفضهم سياسة  التطبيع  مع أسرائيل , لتنمح نفسها الوجه البرىء طمعا في أنضمامها للمجتمع الأوربي لكن تأريخها المخجل والملىء بالدم لشعبها والشعوب الأخرى ينطق بالحق فيخرس أي صوت نصير للأنضمام الى المحفل الأوربي الذي استيقظ فيه الرأي العام الى حد كبير جدا .
من الحقيقة  بمكان  أن تركيا الأن من اقوى دول الشرق الاوسط من حيث القوة العسكرية والأقتصادية والبشرية ونموهها الصناعي والتجاري في أوربا والوطن  العربي المتزايد مع مراعاة غزوهها الثقافي للبلدان العربية من عدة قنوات فنية وثقافية ويشهد لها تميزهها العسكري مع قوات حلف الناتو والأنزال العسكري الناجح في تقسيم الجزيرة القبرصية لصالح الأتراك وهذا يعني أمتلاكهم لقوة رادعة مسلحة وقيادة كفوءة لامثيل لها في اي دولة عربية تشهد الأن الصراعات بين الأحزاب المتناثرة بين اقامة نظام أسلامي او ديمقراطي وهذة القوة  أولتها أمريكا الأهتمام لتكون في حماية مصالحها ومصالح أسرائيل ودرع صلب بمواجهة أيران المساندة للفلسطينين مما حدا بأقامة الدرع الصاروخي بقصد اضعاف روسيا وأيران  التي غدت متمركزة في العراق والخليج بعد ضعف مصر وأخراجها من الصراع العربي الأسرائيلي بموجب أتفاقية كامب ديفيد   المعروفة  عام 1978 .
أن تركيا لن تسمح بأقامة دولة كردستان الكبرى أطلاقا ولكنها تؤديد أقامة الأقليم الكردي تحت حكم العراق وحدوده الدولية مستفيدة من سعير التجارة الكردية مع كردستان والعراق معا كذلك من ضخ النفط وبأسعار وتكاليف  منخفضة من كردستان لسد حاجة الطاقة التركية مع بيع الفائض منه لدول الجوار وهذا مايحدث فعلا بالسمسرة الدولية تحت غطاء أسود .
أن الأطماع التركية ماتزال قائمة تتناغم مع موال الدولة العثمانية التي خذلها العرب وساهموا بهزيمتها بل وموتها بعد مرض عضال ولن تقوم منه الى الأبد .