تسود أجواء من الخوف والحذر الشديدين في أوساط مسؤولي دوائر “الأمن. الدفاع. والخارجية” في بعض البلدان العربية والأجنبية التي تجمعت خلاياها الإرهابية والتخريبية في عموم الجغرافيا التركية، تحديداً عاصمة الإسلام والمال والسياحة “إسطنبول”، وعاصمة القرار “أنقرة”. من أن تكون حملات الإعتقال التي طالت مؤخراً تيار ديني مساجدي يعمل على تخريب الإقتصاد التركي بالإتفاق مع جهاتٍ خارجية معادية لتركيا، قد كشفت ماهية عمل تلك الخلايا، التي ستقوم بأعمال إرهابية تستهدف الأمن الداخلي، وتخريبية تستهدف الإقتصاد الوطني التركي. ومن أن تكون مخابرات (ميد) التركية قد شمت خبراً أو شعرت بتغلغل هذه الخلايا في أوساط المجتمع التركي خاصةً بين الحركات والتيارات والواجهات الخيرية والمساجدية المعادية لرئيسي البلاد “غول” والحكومة “أردوغان” وانجازاتهما على كافة المستويات.
كما تنسق هذه الخلايا الموزعة بين “سرية” وأُخرى “شبه علنية” تتخذ من الدبلوماسية والابتعاث الحكومي والوظيفي غطاءاً للتحرك وجمع المعلومات وأرشفتها ورصد الأهداف بانتظار (ساعة الصفر) التي ستبدء معها معاناة قوى الأمن والجيش التركي في كيفية إحتواء الأزمة والفقاعات الأمنية التي ستظهر بأوقات وجغرافيا متفاوتة لغرض إرهاق هذه القوى وتشتيت جهودها في كيفية السيطرة عليها بالتزامن مع نشاطات تخريبية تستهدف قطاعات “الإقتصاد” و”التجارة” و”الصناعة” و”السياحة” كتزييف العملة المحلية وبث الإشاعات ووضع المواد السُمية في عبوات منكهات وجبات العام السريعة واحتكار المشتقات النفطية وإتلاف المزروعات والحبوب واللحوم في المستودعات والأدوية واستهداف أماكن تخزينها.. ألخ، من لائحة الأهداف مضافاً لها تلاعب مصارف “عراقية” و”عربية” و”أجنبية” بأسعار وبعمليات تداول العملات الصعبة وإفقاد المستهلك والسائح والمستثمر الوطني والأجنبي الثقة بالإقتصاد والمنتج التركي المحلي، مما يقود إلى هجرة عكسية لرؤوس الأموال والخبرات خاصةً الأجنبية إلى خارج تركيا.
سيناريوات أُخرى متوقعة منها، قيام (داعش) بتنفيذ هجمات عنيفة ضد تجمعات لاجئين ومواطنين وإحداث فتنة بينهم أو إستهداف حرس الحدود والجيش التركي ودفعه على القيام بردة فعل ينجم عنها قصف مروحي ومدفعي لمعسكرات داعش على الحدود التركية السورية أو داخل العمق السوري. مما يستدعي تدخل المقاتلين “الشيشانيين” النافذين في داعش والمنقسمين بين “جيل أول” يدين بالولاء لتركيا لمساندتها له في تصديه لتقدم الجيش الروسي في الشيشان قبل سنوات، و”جيلٍ ثانٍ” متذبذب الولاء مابين تركيا وروسيا، و”جيل ثالث” يعمل بإمرة الأمن الروسي، ويتواجد على الحد الفاصل بين سورية وتركيا ويعمل على إحداث هزات أمنية في كلا الجانبين تزيد من توتر العلاقات بين حكومة الجارتين تركيا وسورية.
الغريب أن من يقود ويمول هذا المخطط بعض القادة الأمنيين العرب ورثوا المنصب والسلطة من آباءهم، لكنهم لم يرثوا منهم الوفاء لتركيا لإيوائها أجدادهم إبان لجوئهم إليها معارضين مطاردين من أنظمة الحكم في بلادهم. ولم يعيدهم لا السلطان “عبدالحميد” ولا سلفه “أتاتورك” إلى ديارهم إلا معززين مكرمين أسياداً منتصرين بعد أن كانوا عبيداً مهزومين.
حكومة وأجهزة تركيا الإستخبارية متيقظة لكن وارد حصول الفجوات في جدارها الأمني، لهذا إستبقت الأحداث وطالبت قيادة (الناتو) بتمديد فترة نشر صواريخ (الباتريوت) الأطلسية لمدة عام آخر، على حدودها مع سورية وإيران، وذلك تحسباً لأية هجمات داخلية تنفذها الخلايا النائمة والفاعلة بالتزامن مع هجمات على الشريط الحدودي بين تركيا وجوارها، ما قد يستدعي تدخل الجيش “الروسي” بحجة حماية حدوده “الجورجية” مع تركيا.
هذا وتتوقع أجهزة الرصد “الغربية” لتيار هذه الأزمة الأمنية والإقتصادية الذي سيضرب (شبه القارة التركية) أن يترك نتائج عكسية مغايرة لتوقعات المخططين والمنفذين- العرب والأجانب- بحسم الصراع الداخلي مع الذات بين هويتين، الدينية والعلمانية: يمثل الأولى حزب “العدالة والتنمية” الإسلامي الحاكم وهو الطبعة الدينية الأخيرة، ويمثل العلمانية “الجيش” إضافةً لشرائح ومنظمات وتنظيمات تستمد قوتها واستقرارها من الجيش ومن الحاضنة الكمالية الأتاتوركية- نسبةً لكمال أتاتورك- مؤسس الجمهورية التركية بطبعتها العلمانية الأخيرة. أي إنصهار كلتا الهويتين وتشكيل جبهة موحدة في مواجهة المخاطر الداخلية والخارجية التي تعصف بتركيا.