خطر بحاجة الى حكمة ، قبل يوم قال ترامب سانسحب من شمال سوريا واترك هذه الحرب السخيفة او التي لا نهاية لها . وعليه شمرت تركيا عن ساعديها لتنفذ ما وعدوها به من قبل اميركا و الدول المشاركة في انشاء منطقة امنة شمال الاراضي السورية لأسكان اللاجئين السوريين المنتشرين في تركيا ، وطبعا تركيا ستستفيد ايضا في تأمين حدودها مع سوريا و العراق من خلال هدم المخطط الكردي الهادف الى تثبيت اقدامه في المواطن التي يستقر فيها وتحقيق حلم الاكراد الكبير بأنشاء وطن قومي للاكراد والذي قارب على ان يولد بمناطق هي اراض من شمال العراق و شمال سوريا ومؤمل ان تلحق بها اراضي من جنوب شرق تركيا. وبهذا التصريح الامريكي تكون اميركا قد تنصلت عن وعودها للاكراد في استمرار دعمهم و مساندتهم ، مع زملائهم واصدقائهم في اسرائيل و اللوبي الصهيوني ، بالنتيجة فقد حزن الاكراد و اكتأبو وبالمقابل فقد فرح الاتراك وتفاءلو .
لكن و في اقل من 24 ساعة غير ترامب موقفه اذ قال ترامب في اخر تصريح له صباح اليوم 7 تشرين اول 2019 ان انسحاب قواتنا من شمال سوريا لا يعطي الضوء الاخضر الى تركيا لتدخل الاراضي السورية ، وقواتنا لن تنسحب نهائيا من الاراضي السورية لكنها سيعاد تنظيمها و انتشارها في المنطقة !!!!!.
قال اهل زمان حدث العاقل بما يعقل . فهل بقي عاقل لم يفهم اللعبة ؟ . اميركا تحاول ان تلعب نفس اللعبة حين نجحت في جر العراق الى غزو الكويت ومن ثم تدميره , وقد حصل ذلك في وقت كان للعراق فيه فرصة اشراقة امل ليكون قامة بين الدول . وما اشبه اليوم بالبارحة (فترة الصراعات ما قبل عام 2003) فاليوم تستعد تركيا لتنفض عنها غبار عقوبات الحرب العالمية الاولى التي حرمت تركيا من ان تستثمر ثرواتها الطبيعية لـ 100 سنة تنتهي في 2022 والتي اجبرت فيها تركيا على تحجيم قواتها و قدراتها الذاتية وبناء قواها الداخلية وهو ارث خسارة الدولة العثمانية لسيادتها بعد الحرب العالمية الاولى . وقبل ان تهنأ تركيا بهذا الحدث ، ومثلما اسقط العراق في وحل غزوه للكويت هيأت اميركا كويت جديدة للاتراك وهي (الكرد) .
تركيا تسعى الى تثبيت ثلاث نقاط
1- اثبات وجودها كقوة اقليمية تستطيع فرض ما تراه مناسبا لضمان حقوقها التاريخية و القومية على اراضيها دون مؤثرات تستنزف طاقاتها من عصاة و انفصاليين من داخل او خارج اراضيها . وهو ما توفره المنطقة الامنة التي سبق ان وافق عليها اطراف الصراع في المنطقة .
2- التخلص من عبء اللاجئين السوريين المتواجدين على اراضيها من خلال اسكانهم في المنطقة الامنة وتوفير المساعدات الدولية .
3- وجود المنطقة الامنة سيكون كالاسفين في المخطط الجغرافي لدولة الكرد المقترحة .
هذه النقاط الاساسية هي اعتراض الكرد على خطة انشاء المنطقة الامنة وكذلك على سعي تركيا الى الالتزام بتنفيذ ذلك . وطبعا اميركا لاناقة لها ولا جمل في هذا الموضوع لكنها تسعى الى جعل المنطقة في توتر ونزاعات دائمة لضمان تدخلها في الوقت الملائم لفرض ما يناسب مصالحها في المنطقة على حساب الجهة الاضعف او الاقوى وذلك على ضوء ما تحدده ادارة الصقور التي تمتلك زمام القرار .
في المقابل اذا لم تتخذ الاطراف المعنية في المنطقة قراراتها بشكل سليم وبحكمة و روية فأن المنطقة قد تكون في حالة قريبة جدا من الانهيار والتدمير ، ليستكمل الهلال المدمر الذي كان يطلق عليه سابقا الهلال الخصيب وسيصبح الان الهلال المدمر . وقد تسقط بسبب ذلك دول وحكومات وتتغير جغرافية المنطقة من سيء الى اسواء.