مرة أخرى تثبت الحكومة العراقية أنّها غير جديرة لقيادة العراق وغير مؤهلة للتفاوض باسم العراق مع أي دولة حول المواضيع التي تخص أمن العراق وسيادته , ففي الوقت الذي ينتظر فيه العراقيون موقفا حازما وصارما من قبل الحكومة العراقية فيما يتعلّق بالموقف من سحب القوّات التركية الغازية للأراضي العراقية , يفاجأ العراقيون بأنّ تركيا الأردوغانية تنجح باستغفال الحكومة العراقية وتنجح بالإبقاء على قواتها الغازية في العراق وتحميل العراق التزاما جديدا يتمّثل بإخراج عناصر حزب العمال الكردستاني من العراق , فكلّ ما قدّمته تركيا في هذا الشأن هو الاعتراف بأنّ معسكر بعشيقة هو معسكر عراقي , وأنّ الجانب التركي يؤكد التزامه بوحدة العراق واحترام سيادته , ولم يرد أي التزام تركي بالانسحاب من الأراضي العراقية , فقد خلا البيان من أي تأكيد تركي بالانسحاب من الأراضي العراقية , ومن يقرأ البيان الختامي المشترك سيجد أنّ جميع نقاط البيان التسعة تبدأ أما بكلمة أكدّ الطرفان أو اتفق الطرفان , إلا الفقرة الثالثة المتعلقة بسحب القوات التركية من العراق , فهي الفقرة الوحيدة التي تبدأ بكلمة أكدّ الجانب العراقي ولم ترد كلمة أكدّ الجانبان أو اتفق الجانبان .
وفي الوقت نفسه نجحت تركيا بتحميل الحكومة العراقية التزاما خارجا عن إمكاناتها وقدراتها وذلك بعدم السماح بتواجد أي منظمات إرهابية على أراضيهما , والمقصود بهذه المنظمات الإرهابية هو حزب العمال الكردستاني الذي يتواجد عناصره على الأراضي العراقية , والحكومة التركية تعلم تماما أنّ الحكومة العراقية غير قادرة على إخراج عناصر حزب العمال الكردستاني من الأراضي العراقية , وبالتالي فإذا ما طلب العراق من تركيا سحب قواته من العراق , فإنّ تركيا ستطالب الحكومة العراقية بإخراج حزب العمال الكردستاني أولا من العراق لما يمّثله من تهديد للأمن القومي التركي , وذلك بموجب الاتفاق الذي تمّ بين رئيس وزراء تركيا ورئيس الوزراء العراقي في بغداد , وستعود الأمور للتأزيم من جديد , وكان الأولى بالحكومة العراقية أن ترفض هذا الالتزام وترفض صيغة عدم السماح بتواجد أي منظمات إرهابية على أراضيهما واستبدالها بصيغة تعاون البلدين على محاربة الإرهاب على أراضيهما , وتمنع تمرير هذه الفقرة التي يختبأ الشيطان تحتها , وزيارة يلدريم إلى العراق وما تمخضّ عنها من نتائج تؤكد أنّ حكومة العراق غير مؤهلة لحكم العراق والتفاوض بأسمه ولا تستّحق الاستمرار بحكم العراق والتحّكم بمقدّرات البلد وأمنه وسيادته .