من اكبر الخطايا وليس الاخطاء التى تتعرض لها الشعوب والدول حين يتولى مسؤول، مسؤولية امرها وشؤونها؛ مسؤول معبأ بالافكار القومية، مفرط الاعتداد بقوميته ان لم نقل امرا اخر، ويصبح اكثر خطورة، بالدرجة الاولى على وطنه وشعبه، اذا ما غُلف او حُمل هذا الاعتقاد على الايدولوجية الدينية؛ مما يؤدي به او يدفعه هذا الاعتقاد وهو بالتأكيد، أعتقاد راسخ في العقل والنفس، الى اجراءات او خطوات ذات بعد ستراتيجي، تحتاج حتى تصبح واقعا او تفرض ما تريد من واقع؛ الى امكانيات ستراتيجية، ويحدث في اغلب الاحيان ان تكون امكانيات بلده ليست بهذا المستوى الاستراتيجي القادر على تخليق هذا الواقع الجديد، في عالم تتصارع فيه الارادات الدولية العظمى والكبرى في بحثها الدائم عن مناطق الهيمنة والتسلط على شعوب العالم وهي على ماهي عليه من قدرات وامكانيات اقتصادية داعمة وقوة عسكرية قادرة على التنفيذ. هناك امثلة كثيرة من هذا القبيل، لاحاجة لذكرها؛ ورط المسؤول في تلك الدول، المسحور بقوميته حد الثمالة وبالشكل الذي ادخل شعبه في حرب او حروب ذات ابعاد ستراتجية بما هو اكبر بكثير من امكانيات وقدرات بلده الاقتصادية والعسكرية، فكانت النتيجة، خسارة استراتجية في معارك غير متكافئة..في الوقت الذي كان بأمكان هذا المسؤول ان يجنب وطنه وشعبه هذه المعارك بطريقة او باخرى( هذا لايعني التقليل من الايمان بالقومية اي قومية في العالم بل العكس هو الصحيح بشرط احترام الكل للكل لناحية حق الوجود والحياة والتطور كحق للجميع بتساوي الفرص …) تركيا اردوغان في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين والذي لم ينته بعد؛ ورط تركيا في تدخلات غير مجبر عليها، في اكثر من دولة، تحت تاثير غواية عودة تركيا على ما كانت عليه قبل الحرب العالمية الاولى وأن غٌلف هذا التوجه في السياسة التركية باللباس الديني والمحافظة على الامن القومي التركي وعلى المصالح التركية في المنطقة.. لكن الحقيقة هي غير هذا بكل تأكيد..فهي ذات بعد قومي تحت ستار الاسلام السياسي. تركيا لو انصرفت او استثمرت امكانياتها الاقتصادية والسياسية في التنمية، كان افضل لتركيا الدولة والشعب، مع المحافظة على علاقات حسنة مع جميع الاطراف والدول في المنطقة..في ظل التحولات الأدراماتيكية التى شهدتها المنطقة ولم تزل حتى الآن، تخوض في أتون متغييراتها والتى لايمكن التنبؤ بمآلاتها.. هنا نقول؛ ما مصلحة تركيا في التواجد العسكري في شمال العراق؟ ومنذ سنوات وعلى وجه التحديد في بعشيقة؛ لدواعي المحافظة على الامن القومي التركي، وهذه فرية لايدعمها الواقع لناحية منع تسلل عناصر او مقاتلي البكه كه الى الداخل التركي( حزب العمال الكردستاني التركي)، هؤلاء المقاتلون متواجدون في شمال العراق، في المنطقة الحدودية بين العراق وتركيا لأكثر من ثلاث عقود، ولم تقم تركيا بما قامت به في الوقت الحاضر. كانت حينها او في ذلك الوقت، تقوم بالاكتفاء بالتوغل داخل الاراضي العراقية لمسافة لاتتجاوز العشر كيلومترات واحيانا وتحت ظرف ضاغط خاص بمطاردة هؤلاء المقاتلون بعمق ثلاثين كيلو متر بالاتفاق مع الحكومة العراقية حينها، على اساس القاعدة التنافعية التبادلية للدولتين او للحكومتين. عليه، فأن هذا التواجد هو احتلال بكل ما تعني كلمة احتلال واي تفسير اخر ما هو الا ذر الرماد في العيون وعملية التفاف على الحقيقة واستغلال بشع لظرف الواقع العراقي وتلبية للاطماع التركية في ارض العراق..في سوريا كانت تركيا اردوغان واحدة من الدول المهمة جدا والتى اججت الصراع بين ابناء الشعب العربي السوري؛ فقد قامت بأدخال عناصر الارهاب من اراضيها الى الداخل السوري وبالتعاون مع قطر والسعودية في ذلك الوقت قبل انفراط عقد التعاون التأمري التخريبي بين الدول الثلاث، على سوريا الدولة والشعب، بتأثير التحول في مجرى الحرب او مجرى التأمر على سوريا؛ الذي احدثه التدخل الروسي.. لصالح سوريا الشعب والدولة. مع هذا لم تزل تركيا تسيطر على اجزاء واسعة من الارض السورية ولو ان هذا، مستقبلا، لم يستمر طويلا بكل تأكيد. بالاضافة الى التدخلات الاخرى والتى هي لاتقل عن الذي ذكرناه، من الخطورة والاهمية والاطماع والتى اخذت شكل الهيمنة الامبراطورية اي حلم العودة الى الامبراطورية العثمانية في عالم لم تعد فيه هذه الاحلام مجدية وواقعية ولم يعد لها وجود او صدى مهما كان بسيطا او صغيرا. في ليبيا التى لاتربطها حدود معها، تدخلت ولم تزل تتدخل وبقوة في الصراع الليبي الليبي وايضا بتأثير الاطماع الامبراطورية في السيطرة على مكامن الغاز والنفط في شرق البحر الابيض المتوسط، بحجة واهية وهي الدفاع او دعم حكومة الوفاق الشرعية والاخوانية حسب ما يروج اتراك اردوغان، مما ألب اليونان ودول الاتحاد الاوربي عليها وجوبهت بالرفض والذي يكاد ان يكون دوليا، لعدد الدول الرافضة والشاجبة له ونقصد هنا؛ الاتفاق البحري بين تركيا وحكومة الوفاق الاخونية..لم يتوقف التدخل التركي عند هذا الحد بل تجاوز الى حدود الدعم العسكري لحكومة الوفاق والتى لاتسيطر الا على 20%من الارض الليبية. البرلمان التركي بصدد التصويت على تقديم الدعم العسكري التركي للحكومة انفة الذكر في صراعها مع الجيش الوطني الليبي والذي يسيطر على اكثر من 80%من الارض الليبية. ان هذا التدخل يساهم في اطالة امد الصراع الليبي ويطيل في عمر المعارك في ليبيا. أن هذه السياسة وهي بالتأكيد سياسة استعمارية، لايحجب رؤية حقيقتها؛ خطاب الدفاع عن الشرعية وعن الاسلام السياسي الاخواني والذي تمثله حكومة الوفاق..ان النزعة الاستعمارية للدول العظمى والكبرى والمعروفة تاريخيا بها وبما تملك وتحوز عليه، من قدرات اقتصادية واعلامية رقمية وغيرها وقوة عسكرية كافية وبحدود كبيرة ومذهلة، قد اختفى من تفكيرها وخططها واجراءاتها هذا الاتجاه الاستعماري تحت ضغط المتغير العالمي، وغيرته، بنشر الديمقراطية والليبرالية الحديثة، التى لها، مقبولية في عالم اليوم، لأخفاء اطماعها الاستعمارية به، على العكس مما تقوم به تركيا اردوغان في المنطقة العربية من تدخلات، دافعها الاطماع وتسويقها اي تركيا على اساس انها دولة كبرى ليس اقليميا فقط بل نعتقد ان في ذهنية اردوغان ان تركيا دولة كبرى على صعيد العالم بما يخالف الواقع الموضوعي لتركيا كدولة من العالم الثالث، صحيح انها دولة صاعدة من العالم الثالث ودولة اقليمية كبرى وبقدرات محدودة ومعروفة، لاتسمح لها او لاتمكنها على المدى المتوسط وحتى الاني، بالايفاء بهذه الالتزامات.. مما يؤدي من جهة، وبالنتيجة النهائية الى اضعاف الاقتصاد التركي لناحية التنمية والتطور والتى بدت هذه العلامات في الوقت الحاضر، جلية وواضحة عليه اي الاقتصاد التركي ومن الجهة الثانية يقود الى التقاطع مع مصالح القوى العظمى والكبرى في المنطقة والتى ليس لتركيا القدرة على مجابهتها طويلا. من الاهمية؛ ان نذكر ونبين، وهي اهمية واقعية وموضوعية؛ ان هذه السياسة سواء التركية وغيرها بالاضافة الى سياسة الدول العظمى والكبرى وان تسترت الاخيرة بستار الليبرالية الحديثة فهي وفي نهاية المطاف مرفوضة من الشعوب العربية التى تقاوم هذه النزعة، مقاومة صلبة وسوف تشتد قوة وعزم في المقبلات من الايام.