كل يوم واردوكان يفتح باب جديد على المنطقة، فلم يعد يكتفي بدوره المخرب في سوريا ، وما تلاه من تمكين للارهاب بالعبث بالشعب السوري ، حتى اعاد التذكير من جديد بالمشكلة القبرصية ، واخذ من اتراك قبرص حجة للوثوب على الحدود البحرية للدول ، وبعدها عبر المتوسط إلى الجنوب ليتواصل مع المستنقع الليبي بتدخل سافر ، يصرح فيه كل يوم من انه مستعد لإرسال الجيش العثماني إلى طرابلس ، انه يأخذ بيد تركيا لان تلعب بالنار المشتعلة في الشرق الأوسط ، فلا حساباته في سوريا عادت تنفذه من تدني شعبيته وشعبية حزب العدالة والتنمية ، ولا قراراته إزاء ليبيا عادت كفيلة بإنقاذ من تشرذم حزبه الحاكم ،
ان اوردوكان ينسى ان لعبة الوقود والنفط والغاز هي لعبة الدول الكبرى ، وتركيا لا بأقتصادها ولا بليرتها بدولة كبرى ولا بصناعاتها لانها لاتعد دولة مصدرة للسلاح ، ولا بجبشيها تستطيع ان تحمي الانظمة . ان لعبة الغاز اكبر من قدرة تركيا على المواجهة مع مصر والاتحاد الأوربي ، وفي ليبيا عجز الإخوان المسلمون في التسلط بقوة المليشيا وأساليب الالتفاف على حق الشعوب في التقدم . وتقرير المصير .
ان تركيا لم تعد قادرة على تحقيق الدور العثماني السابق لان هذا الدور يتطلب دولة عظمى (great power) وتركيا (little state) والأدوار تحتسب بالإنتاج العسكري وقوة الاقتصاد والحلفاء وقدرة التحكم في خيوط السياسة الدولية ، فالصراع في ليبيا لا يمكن ان يكون حلا لمشاكل تركيا الداخلية وإنقاذ لشعبية اوردوكان ولا البحث عن النفط والغاز يجري تحت لافتة الجيوش ، انها تغييرات كثيرة أصابت العالم ، ولم تعد بريطانيا مثلا بقادرة على تحقيق طموحات مثل طموحات تركيا ، لأن الدول العظمى اليوم بعد الولايات المتحدة هي الصين وروسيا ، وعلاقات تركيا بهما علاقات متذبذبة ، لايتمكن اوردوكان ان يكون السلطان المعمم من جديد ، لأن الجيوش تمشي على بطونها ، الحروب بحاجة الى الاموال والأموال في تركيا شحيحة ، اذ فقدت الليرة التركية أكثر من نصف قيمتها ، واذا استمر السلطان بالتعامل بالحروب بعيدا عن حلفائه في الأطلسي ، فانه سيجر تركيا للخراب مثلما فعل صدام في العراق..