7 أبريل، 2024 1:40 ص
Search
Close this search box.

تركيا ، مكره أخاك لا بطل

Facebook
Twitter
LinkedIn

في مقال سابق يتعلق بزيارة تيلرسون الى المنطقة ، اشرنا الى ان مهمّته الصعبه ستكون في انقرة وليس في مكان آخر . وجاءت تصريحاته على هامش الاجتماع الوزاري لدول التحالف ضد داعش في الكويت لتأكد ذلك . لقد كرّر تيلرسون انتقاداته للعملية العسكرية التي يقوم بها الجيش التركي في عفرين في شمال غرب سوريا وأعتبر انها ” حرفت مسار معركتنا ضد تنظيم الدولة الاسلامية في شرق سوريا بعد ان انتقلت الى عفرين ، وان من المهم ان تعي انقره آثار عمليتها العسكرية على مهمتنا وهي الانتصار على تنظيم الدولة الاسلامية ” . فلماذا أطلق هذه التصريحات القويّة المثيرة لحفيظة الاتراك على الهواء وقبل يومين من زيارته المقررة لأنقره ، في حين كان من الممكن ان يحتفظ بها ليقولها بوجه الاتراك مباشرةعندما يلتقي بهم ! ربما قصد أمرين في ذلك، ألأول : طالما ان المكان يشهد أكبر تجمع دولي رسمي للتحالف الدولي ضد داعش ، فلا بد من التأكيد على ان مخطط الولايات المتحدة بانشاء كيان كوردي في شمال سوريا بقوات مسلّحة متكّونه ممّا يقارب ثلاثين الف مقاتل من قوات سوريا الديمقراطية مدعومة بوجود حوالي الفين من الخبراء والمستشارين والجنود الامريكيين ، يرمي بالاساس الى تقوية جهود التحالف في حربه ضد داعش . في حين لا يرى كثير من المشاركين في هذا التحالف ما يراه تيلرسون . وثانيا : الاعلان عن تصميم الولايات المتحدة الامريكية على اقامة كيان للأكراد شبه مستقل عن سوريا الأم ، وأسماعه ليس لتركيا وحدها ، فهي تعرف ذلك وعملياتها العسكرية في عفرين هادفة لأحباط هذا المخطط ، بل يريد اسماعه لروسيا وأيران والنظام السوري أيضا ، وبيان مدى جدّية الامريكان في تحقيقه .
اذا ما استمرت الولايات المتحدة في هذا الموقف ، وفي ضوء التصريحات الرسمية القويّة المناهضة للمخطط الامريكي في شرق الفرات والقادمة من موسكو وانقرة ، فانّ احتمالات الصدام بين الاتراك والقوات الامريكية يسير بأسرع من المتوقع ، وهذا لن يكون بمصلحة الطرفين المتصادمين بقدر ما يشرح صدور الروس والايرانيين والنظام السوري .
الموقف الامريكي المتصلب في هذه المسألة سيفقدها أهم حليف لها في المنطقة ، وهو تركيا ، أكبر قوة بعد أمريكا في حلف الناتو . فهل تفرّط الولايات المتحدة بحليفها القوي تركيا من أجل كيان للأكراد في شمال شرق سوريا مشكوك في امكانيات بقائه ! وهل ستستمر الولايات المتحدة في هذا المخطط وهي تعرف انه سيؤدي بأقوى حليف لها ولوجودها في سوريا الى تحالفه مع الدّ عدوين لها في المنطقة وفي سوريا تحديدا،وهما الروس والايرانيون ! وانّ من شأن هذا التحالف لو قدّر له ان يرى النور فلا مناص لبغداد من ان تكون جزءا منه . واذا ما حدث ذلك ، فما هو مصير قواتها في العراق وفي سوريا ! والادهى من كل ذلك كيف سينعكس مثل هذا الوضع على اسرائيل بعد ان تغيرت قواعد الاشتباك على أثر اسقاط طائرة أف 16 يوم 10 شباط الجاري ، مع وجود حزب الله في خاصرة اسرائيل الشمالية! وكيف سينعكس ذلك ايضا على الدول العربية في الخليج !
ليس من المعقول ان نتصور ان السيد تيلرسون يسرّه هذا المشهد ، أوأنّه لا يكترث لمخاطر ما سوف يتمخض عنه ، وانه لايشغل فكره بما يفضي الى الخروج من هذا المأزق بأقل الخسائر لبلاده ولتركيا ايضا. تركيا لا ترغب في اكثر مما يضمن لها الامن في حدودها الجنوبية حتى لو كان ذلك عبر تواجد القوات المسلحة السورية النظامية نفسها ، وبالذات في منطقة تواجد قوات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها تركيا احدى الفصائل التابعة لحزب العمال الكردستاني الذي يقود التمرد الانفصالي عن تركيا منذ ثمانينيات القرن الماضي ، وهذه القوات هي ذاتها القوة العسكرية الضاربة في قوات سوريا الديمقراطية . .
لا نعتقد ان تركيا راغبة في الصدام ، بل انها ستكون في غاية السعادة لو توصلت الى حل مناسب مع تيلرسون يوم الخميس القادم . حلّ يجنب الطرفين صداما وشيكا لا يريدانه ويستجيب لشواغل الأمن التركية . وهو حلّ ليس بعيد المنال ان لم يكن في متناول اليد ، اذا ما توفرت الارادة . وبعكس ذلك ، ستجد تركيا نفسها مجبرة على خوض هذا الصدام ولسان حالها يقول : مكره أخاك لا بطل .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب