23 ديسمبر، 2024 12:22 م

ترف الكتابة في النظافة … 

ترف الكتابة في النظافة … 

كما وجدتُ الكتابة في الكهرباء بلا جدوى ، كذلك الكتابة في النظافة ُتعد اليوم ترفا في نظر البعض ، وقلما يستنزف مداده في غير مراده ، وامنيات بعيدة ليس للدولة قدرة على تحقيقها !!، وهي تعيش في دوامة الارهاب والتفجيرات وتناثر اشلاء عباد الله بسببها ، واجواء الخلافات والمناكفات ، وحراك السياسيين الذي لم ينته بعد حول التغيير الوزاري ، وبالتأكيد لم تكن النظافة من بين من يشملها التغيير .. فما علينا غير ان نتحمل ، ولكن ما العمل اذا لم تعد بنا طاقة للتحمل ؟!!
فالنظافة ( ام المناصب ) كلها ، اذا جاز التعبير ، واقصد بها دوائر البلدية ، بدءا من عامل النظافة ، وانتهاء بوزير البلديات في أي دولة في العالم ، ولا تقل اهمية عن أي وزارة سيادية ، إن لم تتقدم عليها ، لأنها تعكس هيبة الدولة والقانون وقوته في الشارع ، ومستوى التمدن والحضارة واحترام حق الانسان في الحياة من خلال بيئة نظيفة .. فمن أين للدفاع والداخلية بمقاتلين أشداء أصحاء ، إذا داهمت الشعب الاوبئة والامراض..؟!.. وقد حث الدين على النظافة ، لان الاسلام نظيف ، وعدها الرسول الكريم ( ص ) من الايمان … والايمان ليس منصبا ، فقد تجده عند رجل فقيرأمي لا يحصل على قوت يومه ، وقد لا تجده عند وزير ، أو رئيس لا يرى الله في خلقه ، وفي حق شعبه عليه .. وقد إستبشرت أنا شخصيا خيرا بالسيدة أمينة بغداد الدكتورة ذكرى علوش قبل أن تباشر بعملها، كونها سيدة أعطت في تصريح سبق استلامها الوظيفة أملا للبغداديين بأن تكون بغدادهم نظيفة ، وبحلة جديدة تغاير ما أليه وضعها ، وهو في متناول اليد ماديا وفنيا ، رغم الوضع المالي الصعب وقلة التخصيصات بعد تدهور اسعار النفط .. وكثيرا ما برىء مريض من مرض خطير لازمه مدة طويلة ، بعلاج لا يكلف سوى مبلغ زهيد جدا ، قد يكون بحدود الألف دينار، أو أكثر بقليل ، وهو مبلغ لا يقاس بما أنفقه سابقا ، من مبالغ كبيرة جدا ، وتكبده معاناة قاسية ، بسبب عدم تشخيص المرض بدقة ، ولذلك ذهبت الأموال التي صُرفت ، والجهود التي بُذلت هباء منثورا .. ويمكن أن ينطبق ذلك على بغداد أيضا ، إذ يمكن لامين بغداد ان يعيد لبغداد جمالها بمدة قصيرة من خلال مفردة النظافة ، بعد أن توارى وجهها الجميل وراء صخب الفوضى ، والتجاوز على شوارعها ، وأصبحت تلال النفايات والانقاض والاوساخ من المعالم الجغرافية لمناطقها. وهيبة الدولة في العالم ليست في حماية الحدود فقط ، بل في أمن الشارع ايضا ، وفي احترام النظام ، وقوة القانون .. والامن مفهوم واسع ، يشمل كل مرافق الحياة ، ومنه الامن الصحي والوقائي والبيئي .. فأين دوائر البلدية من ذلك ؟!.. ولماذا لم نسمع ( مفردة ) النظافة و( الشؤون البلدية ) في حراك السياسيين .؟ !….وأين الاصلاح من إعادة الهيبة للنظام ، والتجاوز على الشوارع ، وتركها بدون صيانة ، وتحولت الى حفر وبرك ، ومكبات للنفايات ، ورمي قناني المياه في أي مكان يشاء ( الرامي ) ،، ومصادرة حق المارة في الارصفة ، أو عندما تتحول ابواب البيوت الى ورش غسيل و(كراجات ) للسيارات ، دون تقدير لقيمة الجمال والنظافة ، بتصور واهم أن بامكان المواطن أن يفعل ما يشاء بالرصيف ما دام أمام بيته ، أو محله ، وكأنه ملك شخصي .. فالنظافة ليست بذلك التعقيد .. ومن تجارب العالم ، بما في ذلك دوله الفقيرة ، تجد أن النظافة لا تحتاج الى تكنلوجيا متطورة ، وخبرات أجنبية ،
وعمالة مستوردة ، بل تحتاج الى عامل نظافة ، ومشرف ميداني ، ومتابعة من أعلى المستويات للعملية ، وتماس مباشر بالشوارع والازقة ، والاحياء ، وتطبيق النظام ، والقانون ، ومساحات خضراء من إنتاج مشاتل المدينة نفسها، وهي أمور بسيطة في مقدور أي مسؤول بلدي أن يقوم بها في منطقته ..
فهل هذا عمل مُعجز ..؟! ذلك ما سبق أن كُتب فيه الكثير .. وتكون الكتابة فيه مرة اخرى ترفا ، وترتيب كلمات لا أكثر، عندما لا يسمعنا أحد … وما دام لا يترتب عليها أي أثر ، فهي حراثة في بحر !!…