23 ديسمبر، 2024 5:43 ص

ترامب يضيق الخناق على حزب العمال الكوردستاني

ترامب يضيق الخناق على حزب العمال الكوردستاني

تعرضت العلاقات التركية الامريكية خلال فترة حكومة الديمقراطيين بزعامة باراك اوباما الى مد وجزر بسبب مواقف حكومة اردوغان من مجمل القضايا في الشرق الاوسط والبلقان والتي كانت عكس اتجاه المصالح الامريكية احياناً و موازيا لها في احيان اخرى.
وكان اخرها اتهام عبدالله غولن المعارض التركي الذي يقيم في الولايات المتحدة الامركية بالوقوف وراء الانقلاب الذي هز تركيا الصيف الماضي والذي كان له تداعيات كبيرة على مجمل الاوضاع السياسية والامنية والاقتصادية في تركيا وادى الى فصل الاف المسؤولين والموظفين والعسكريين الاتراك من وظائفهم واحالة آخرين الى التقاعد واعتقال عدد كبير بتهمة الضلوع في المحاولة الانقلابية.
مع الفوز المفاجئ لدونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الامريكية وحيازة حزبه على اكثرية المقاعد في مجلس النواب الامريكي ، لم يتريث اردوغان في ابداء موقف حكومته من ترامب بل ارسل وبسرعة رسالة الى الرئيس المنتخب يهنئه فيها على الفوز ، داعيا الى فتح صفحة جديدة من العلاقات والتعاون المشترك في مختلف القضايا التي تهم الجانبين وهذه الرسالة كانت بمثابة مغازلة اردوغان لترامب والاعلان عن استعداده للتعاون مع الادارة الجديدة في ملفات عدة وحيوية في المنقطة تصب في صالح الجانبين.
ومن جانبها الادارة الامريكية ايضا تسرعت في الرد على الرسالة اذ اعلن الجنرال المتقاعد مايكل فلاين مستشار الرئيس الامريكي المنتخب لشؤون الاستخبارات في
مقال له تحت عنوان “حليفتنا تركيا في أزمة وبحاجة لدعمنا” نشر في وسائل اعلام امريكية مختلفة قائلا : انه لابد من تغيير السياسة الخارجية بشكل يجعل تركيا ضمن اولوياتنا.
واضاف فلاين في مقاله أن “إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما لم تفهم تركيا بالشكل الكافي، وبالتالي لا بد من إعادة رسم السياسة الخارجية الأمريكية بشكل يجعل تركيا ضمن الأولويات” ، مؤكداً أن “تركيا الحليف الأهم في مواجهة داعش الارهابي في العراق وسوريا، كما أنها مصدر للاستقرار في المنطقة”.
وأكد فلاين على ضرورة أن “تتوقف الولايات المتحدة عن إيواء فتح الله غولن، قائلاً إن تركيا تنظر للأمر كما لو أن الولايات المتحدة تأوي أسامة بن لادن، داعياً القراء لتخيل كيف كانت ستصبح ردة فعل الأمريكيين لو أن أسامة بن لادن عاش في قرية جميلة في تركيا، وأدار 160 مدرسة تمول بأموال دافعي الضرائب الأتراك”.
مع ان الادارة الامريكية لم تباشر عملها بشكل رسمي وان المقال لايعبر عن الموقف الرسمي الامريكي ، الا ان شخصية استخباراتية مثل فلاين الذي عمل 33 عاما في جهاز الاستخبارات الجيش الامريكي وكونه مستشارا للرئيس الامريكي الجديد ، المقال يعد رؤية امريكية للادارة الجديدة في رسم السياسة الخارجية و تحديد الاولويات فيها.
في قراءة دقيقة لما ورد في المقال ، يظهر جليا ان الادارة الامريكية الجديدة ستستمر في تنفيذ السياسات الستراتيجة الامريكية حيال قضايا العالم ولكنها ستغير طريقة ادارة تلك القضايا وانها عازمة على فتح صفحة جديدة مع حليفتها الازلية تركيا ومساعدتها في جميع المجالات وخاصة مايخص الجانب الامني.
ان حزب العمال الكوردستاني الذي بدأ كفاحه المسلح في بداية ثمانينيات القرن الماضي والذي اثر بشكل مباشر على مجمل الاوضاع السياسية والامنية والاقتصادية في هذا البلد هو اهم خطر امني يواجه حكومة اردوغان في المرحلة الحالية وتأكيد فلاين على دعم ومساندة انقرة هي بمثابة رسالة من الادارة الامريكية الجديدة لقيادة حزب العمال الكوردستاني على انها ستضيق الخناق عليه فيما لو استمر بكفاحه المسلح وخلق حالة من عدم الاستقرار في المحافظات والمناطق الكوردية ، وايضا تدخله في اوضاع سوريا والعراق ، في ظل تواجد عناصر الحزب في منطقة سنجار ومناطق اخرى بالقرب من القوات التركية المتواجدة في بعشيقة وايضا التدخل في حسم القضايا المتعلقة بكوردستان سوريا عبر جناحها السوري حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يسعى للتأثير المباشر على اية متغيرات ربما ستحدث في الساحة السورية مستقبلا.
تماشيا مع الموقف الامريكي من دعم انقرة ، اكد وزير الداخلية التركي سليمان سويلو لمراسلي القنوات الاعلامية التركية اثناء زيارته الى مدينتي ترابزون و ريزة مع رئيس الوزراء بينالي يلدرم لافتتاح مشاريع خدمية جديدة مخاطبا الدول الاوربية ” ان قوات بلاده ستسيطر على قمة قنديل في المستقبل القريب واذا كانوا شجعان ليذهبوا هناك ويدعموا الارهابيين” حسب تعبيره.
واشار سويلو الى مقتل قائممقام مدينة ديريك في محافظة ميردين قائلا: اوامر رئيس الجمهورية واضحة وصريحة ، لن نتوانى على ضرب الارهابيين طالما حملوا السلاح ضد الدولة التركية.
ان التحدي التركي للدول الاوربية حتى ولو كان اعلاميا للاستهلاك المحلي والتحدث بهذه اللهجة العنفية ضد حزب العمال الكوردستاني يظهر جليا ان هناك دعما امريكيا لأنقرة للوقوف بوجه التحديات وخاصة في الحرب ضد حزب العمال الكوردستاني
الذي يتخذ من جبال قنديل معقلا له ، لكن تجارب العقود الثلاثة الماضية من الكفاح المسلح اثبتت ان انقرة لايمكنها القضاء تماما على الحزب ولكنه وبمساعدة الادارة الامريكية الجديدة ستضيق الخناق على حزب العمال بناء على مصالح سياسية وامنية واقتصادية تجمعهما في المنطقة.