تصعيدٌ غير مسبوق، أقدمت الولايات المتحدة فجر الأحد الثاني والعشرين من حزيران على شن ضربةٍ جويةٍ مباشرة استهدفت منشأة “فوردو” النووية الإيرانية الواقعة في أعماق جبلٍ بمنطقة قم، مستخدمةً قنابل خارقةٍ للتحصينات من طراز GBU-57 حملتها قاذفات B-2 المتطورة.
هذا الهجوم المفاجئ الذي نفذته واشنطن دون تفويضٍ دولي، شكل نقلةً خطيرة في سياق الحرب المتواصلة بين إيران وإسرائيل منذ أيام، لكنه في حقيقته فتح باباً جديداً من أبواب المواجهة الاستراتيجية بين طهران وواشنطن.
الضربة التي وُصفت بأنها “الأكبر من نوعها منذ غزو العراق” جاءت بعد عجز الضربات الإسرائيلية عن تدمير المنشآت النووية الإيرانية ذات الحماية الجبلية المعقدة، وعلى رأسها فوردو، ما استدعى تدخلاً أميركياً مباشراً قالت مصادر عسكريةٌ إنه تم بطلبٍ إسرائيليٍ عاجلٍ وبموافقةٍ فوريةٍ من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي صرح عقب العملية بأن “منشآت إيران النووية تم تسويتها بالأرض” وقد أُرفِقت العملية الجوية بإطلاق صواريخ توماهوك من غواصاتٍ أميركيةٍ في الخليج، استهدفت مواقع في نطنز وأصفهان.
وبحسب تقارير استخباريةٍ نُشرت بعد العملية، فقد تركزت الضربة على تدمير مداخل ومخارج منشأة فوردو ومركز القيادة الداخلي، وهي منشأةٌ تتموضع على عمقٍ يزيد عن 80 متراً داخل الجبل، وكان يُعتقد أنها في مأمنٍ من أي هجومٍ جويٍ تقليدي، القنابل التي استخدمتها واشنطن تزن الواحدة منها أكثر من 13 طناً، وصممت خصيصاً لاختراق التحصينات الجبلية والخرسانية، وهو ما يؤكد أن الضربة لم تكن ارتجالية، بل مخططٌ لها بدقةٍ منذ فترة.
رد إيران لم يتأخر، إذ أصدرت الخارجية الإيرانية بياناً غاضباً اعتبرت فيه الضربة “عدواناً سافراً وخرقاً فاضحاً للقانون الدولي” وتعهدت بـ”ردٍ مؤلمٍ في الزمان والمكان المناسبين” وقد تصاعدت في الشارع الإيراني نبرة الغضب والدعوات للثأر، وسط تحذيراتٍ من تصعيدٍ عسكريٍ قد يستهدف القواعد الأميركية في العراق ودول الخليج.
الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت أنها تتابع الوضع عن كثب، وأكدت أنه لم يُسجل أي تسربٍ إشعاعيٍ حتى الآن، لكنها عبرت عن “قلقٍ بالغ” إزاء استهداف منشآتٍ نوويةٍ عاملة دون إخطارٍ مسبق، فيما شهد مجلس الأمن الدولي دعوةً إيرانية لعقد جلسةٍ طارئة لبحث هذا العدوان السافر.
أما داخلياً في واشنطن، فقد انقسم المشهد السياسي بشدة، فالجمهوريون اعتبروا الضربة “ضروريةً وموجهةً بدقة” بينما شن الديمقراطيون حملةً على الرئيس ترامب متهمينه باتخاذ قرار الحرب دون الرجوع إلى الكونغرس، ما يعيد إلى الأذهان أجواء ما قبل غزو العراق عام 2003، التحركات الدبلوماسية العالمية ازدادت زخماً، مع دعواتٍ أوروبيةٍ إلى التهدئة ووقف الانزلاق نحو مواجهةٍ إقليميةٍ شاملة قد تعصف باستقرار المنطقة برمتها.
في الأسواق العالمية، انعكست الضربة سريعاً على أسعار النفط التي قفزت بأكثر من 10% خلال ساعات، وسط مخاوف من إغلاق مضيق هرمز أو استهداف ناقلات النفط، كما ارتفعت حدة التوتر في دول الخليج التي أعلنت بعضها حالة التأهب القصوى، بينما حذرت إسرائيل رعاياها من السفر إلى الخارج تحسباً لعملياتٍ انتقامية.
في المحصلة، فإن الضربة الأميركية لمنشأة فوردو هي إعلانٌ واضحٌ عن انتقال الصراع إلى مرحلةٍ أكثر خطورة، تُسقط الأقنعة وتكشف حجم التنسيق العميق بين واشنطن وتل أبيب، وتدفع بطهران إلى مفترق طرقٍ جديد، إما نحو التصعيد الكبير أو القبول بتفاهماتٍ مشروطة، غير أن المؤكدَ حتى لحظة كتابة هذه السطور، أن مابعد الضربة على فوردو قطعاً لن يكون كما قبلها.