ترامب وصخب المفاوضات.. عراق بلا موقف!

ترامب وصخب المفاوضات.. عراق بلا موقف!

في ظل الصراعات الدولية المتسارعة والمفاوضات التي تجري خلف الكواليس بين الولايات المتحدة وإيران، يبرز العراق كضحية لصراعات القوى الكبرى. فبينما تحاول طهران تثبيت نفوذها الإقليمي عبر بغداد، وتستخدم واشنطن العراق كورقة ضغط لتحقيق أهدافها، يجد العراق نفسه مرة أخرى بلا موقف واضح يدافع فيه عن مصالحه الوطنية وسط لعبة الكبار.
تعد منهجية (SWOT) أداة تحليلية تستخدم لتقييم واستشراف الواقع السياسي ،سنحاول تطبيق هذه المنهجية على تحليل موقف العراق في ضوء المفاوضات المرتقبة بين الولايات المتحدة وإيران، من خلال مواقف إدارة ترامب، وتأثيرات السياسات الإيرانية وانعكاسها على العراق.
القوة (Strengths):
إدارة ترامب قادرة على فرض عقوبات اقتصادية صارمة على إيران، مما يزيد من ضعف الاقتصاد الإيراني ويزعزع استقرارها عرفت السياسة الترامبية الصارمة تجاه طهران مثل الانسحاب من الاتفاق النووي في 2018 كانت تعبيرًا عن قوتها في محاولة إعادة تشكيل النظام الإقليمي لصالحها.
فيما حافظت الولايات المتحدة على علاقات قوية مع دول الخليج وقطعت خطوات نحو تعزيز علاقاتها مع بعض دول الشرق الأوسط، مما يضمن تحكمها في البيئة الإقليمية كذلك على وجودها العسكري في العراق الذي يضمن لأمريكا تأثيرًا مباشرًا على الأمن والسياسات العراقية، مما يسهل توجيه رسائل استراتيجية إلى إيران.
فيما تتمتع إيران بنفوذ كبير في العراق من خلال الفصائل الحزبية المدعومة منها، بالإضافة إلى وجود اقتصادي وأمني مستمر، كما تمتلك إيران تأثيرًا اقتصاديًا كبيرًا على العراق، سواء من خلال تصدير الغاز والكهرباء أو عبر شبكة علاقات تجارية تستفيد منها الشركات الإيرانية، وعلى الرغم من العقوبات، أثبتت قدرتها على الاستمرار في التأثير من خلال زيادة قدرات الملف النووي والنفوذ الإقليمي، كما أنها تسعى لتحقيق مصالحها من خلال تفاهمات مع القوى الكبرى.
عراقيا ،يمتلك موقعًا جغرافيًا استراتيجيًا ومجموعة من الموارد الطبيعية (النفط) التي تجعله ذا أهمية بالغة في الصراع الإقليمي والدولي،كما يمكنه الاستفادة من دعم دول الخليج إذا تمكن من تحسين علاقاته الإقليمية، وهو ما قد يفتح له فرصًا لتقليل الاعتماد على طهران.
الضعف (Weaknesses):
سياسة “أمريكا أولاً” التي تبناها ترامب في بعض القضايا أدت إلى الانسحاب من بعض التحالفات التقليدية، مما ترك بعض الفراغات في المنطقة، وأدى إلى انعدام الوضوح بشأن استراتيجيات طويلة الأمد في الشرق الأوسط،على الرغم من قدرة الولايات المتحدة على التأثير في المنطقة عبر القوة العسكرية، إلا أن هذه الاستراتيجية يمكن أن تؤدي إلى تعميق الاحتقان وتحفيز ردود فعل سلبية من إيران وحلفائها.
رغم قدرة إيران على التأثير في العراق وبعض المناطق الأخرى، فإن العقوبات الاقتصادية الأمريكية والعزلة الدولية تظل عبئًا على الاقتصاد الإيراني وعلى قدرة طهران في دفع مشاريعها الإقليمية إلى الأمام،كما تواجه إيران تحديات داخلية تتعلق بالاحتجاجات الشعبية وتدهور الأوضاع الاقتصادية، ما قد يحد من قدرتها على اتخاذ قرارات جريئة في السياسة الخارجية.
فيما يعاني العراق من انقسام حاد بين القوى السياسية الشيعية والسنية والكردية، مما يعطل القدرة على اتخاذ مواقف واضحة ومتسقة حيال القضايا الإقليمية،ولا يزال يعاني من تبعية اقتصادية وأمنية لإيران وأحيانًا للولايات المتحدة، مما يحد من استقلاليته ويضعف تأثيره في اتخاذ قرارات استراتيجية محورية،ناهيك عن المشاكل الهيكلية الكبرى التي تعيق تطور العراق هي مشكلاته الداخلية مثل الفساد الإداري والسياسي، ما يؤدي إلى ضعف المؤسسات الحكومية ويزيد من تعقيد الوضع.
الفرص (Opportunities):
قد تكون إدارة ترامب مستعدة للتفاوض مع إيران من أجل التوصل إلى اتفاق نووي جديد، مما يمكن أن يعزز. العلاقات مع بعض الأطراف في المنطق مع إمكانية توسيع التعاون مع دول الخليج وفتح قنوات مع تركيا وبلدان أخرى في المنطقة لتشكيل تحالفات استراتيجية في مواجهة النفوذ الإيران مثل (الناتو العربي).
في حال خففت العقوبات الأمريكية، ستتمكن إيران من استعادة بعض قوتها الاقتصادية، مما يعزز قدرتها على الضغط على الولايات المتحدة وعلى الأطراف العراقية، وقد تسعى لإبرام صفقة مع الإدارة الأمريكية المقبلة التي يمكن أن تفتح أمامها فرصًا جديدة في السياسة الإقليمية.
هناك فرصة أمام العراق لاستعادة سيادته عبر تحسين علاقاته مع الدول العربية وفتح قنوات مع أوروبا والولايات المتحدة،واستعادة الاستقرار السياسي في العراق من خلال بناء توافق داخلي بين القوى السياسية الشيعية والكردية والسني، كما يمكن للعراق أن يكون جزءًا من اتفاقات إقليمية جديدة مثل (الناتو العربي) أو تحالفات أخرى، مما قد يخفف من تبعيته لإيرا مثل تحالف الشام الجديد.
التهديدات (Threats):
في حال تفاقم التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، قد يتحول العراق إلى ساحة حرب بالوكالة، ما يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار،وتراجع الدعم الأمريكي للعراق في حال فشل العراق في إيجاد موقف سياسي موحد قد يؤدي إلى العزلة الدولية وضعف الدعم العسكري والاقتصادي.
وأي تصعيد بين إيران والولايات المتحدة قد يعرّض العراق إلى صراعات مسلحة وتداعيات اقتصادية وسياسية ضخمة، واستمرار الهيمنة الإيرانية على الساحة العراقية قد يؤدي إلى اندلاع توترات طائفية داخلية في العراق، كما قد يؤدي إلى عواقب سلبية على علاقات العراق مع دول الخليج والغرب.
في ظل هذه التهديدات، استمرار الانقسام الداخلي بين القوى السياسية قد يؤدي إلى صراعات داخلية تعطل أي محاولة لإيجاد حل سياسي شامل، واستمرار اعتماد العراق على إيران وواشنطن قد يزيد من تبعيته للقرارات الخارجية ويعطل إمكانياته في اتخاذ قرارات مستقلة.
فهل من مدرك لكل ما تقدم، ناهيك عن تلك التوصيات التي صدرت عن مكتب المرجعية العليا بعد زيارة المبعوث الاممي، التي حصلت على تأييد البيانات ولم تحصل على الأفعال، ويبقى من القول لله في خلقه شؤون !!