شكل تعاطي ادارة ترامب مع وباء كورونا أسوأ فشل في تاريخ الإدارة الأميركية المركزية. وذلك بسبب أخطاء إدارة الرئيس دونالد ترامب. وقبل الدخول في تعاطي إدارة ترامب في ملف فيروس كورونا، من المهم الإشارة إلى أمر أساسي قد يدلنا إلى مكمن الوجع.
فمنذ مجيء ترامب إلى الحكم امتلأت مكاتب البيت الأبيض بموظفين غير أكفاء. هم من الدرجة الرابعة او الخامسة من حيث الخبرة في إدارة شؤون البلاد. ومع مجيء هذا النوع من الإداريين شهد البيت الأبيض استقالات لأكثر من خمسة وخمسين موظفاً لم يستطيعوا التأقلم مع سياسة ترامب الشعبوية.
وبالعودة إلى ملف كورونا فلقد سجل هذا الملف استهتاراً غير مسبوق لم تبلغه أي إدارة أمريكية في التعامل مع ملف بهذا الحجم يشكل خطراً وجودياً على مستقبل الولايات المتحدة.
فضلاً عن لم توقظ استراتيجية طوارئ كارثية مع هذا الخطر الداهم الذي يمثله كورونا، استراتيجية تختلف عن سابقاتها في تاريخ الولايات المتحدة. وفي هذا السياق نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرا الأسبوع الماضي يسلط الضوء على التحذيرات المتكررة التي تدق ناقوس الخطر بشأن فيروس كورونا التي قدمتها أجهزة الاستخبارات الأميركية للبيت الأبيض خلال يناير وفبراير الماضيين لهذا العام ٢٠٢٠.
ولكن هذه التحذيرات لم يكن لها أثر يذكر على كبار المسؤولين في البيت الأبيض الذين تأثروا بلا شك بسخرية الرئيس دونالد ترامب المستمرة من الفيروس، والتي بدأها في 22 يناير الماضي عندما صرح بأن إدارته مسيطرة على الوضع، وقال “لقد سيطرنا كليا على الوضع، الأمر يتعلق بشخص واحد قدم من الصين، لقد سيطرنا على الوضع، كل شيء سيكون على ما يرام”.
هذا الاستهتار الغير مسبوق جلب لإدارة ترامب انتقادات قاسية. حيث توالت ردود الفعل العنيفة على شعبوية ترامب ولم يقوم بإجراءات صارمة وفعّالة لمكافحة الوباء، ما أدّى الى تجاوز الإصابات عتبة الـ 141 ألفًا، توفي منهم 2475 شخصًا وفي هذا الإطار كتب الصحافي في مجلة “فورين بوليسي” ميشال زينكو مقالا تحدث فيه عمّا أسماه بـ”الفشل التراكمي” للإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، وقال إن إدارة ترامب لم تأخذ تحذيرات أجهزة الاستخبارات الأميركية حول مخاطر انتشار الفيروس على محمل الجد، وكذلك لم تتخذ الخطوات المناسبة للتعامل مع الموضوع، وأضاف أن المسؤولين في إدارة ترامب اتخذوا قرارات جعلت الأميركيين أقل أمنا. من هنا نسِتطيع. القول إن ترامب من خلال شعبويته أوقع الشعب الأميركي في كارثة استراتيجية مفاجئة بسبب طريقة تعامل إدارته مع هذه الأزمة، أزمة تتحمل ادارة ترامب كامل مسؤوليته.
أزمة تعكس أسلوب ترامب في الحكم، فالرئيس الأميركي هذا عندما يتبنى موقفا لا يغير في موقفه بغض النظر عن مدى صوابية هذا الموقف. فـ ترامب بعكس القادة الحكماء الذين يقبلون النقد وقادرون على تغيير موقفهم، وهذا لا ينطبق على ترامب، وخاصة إذا عرفنا أن ترامب قام بتعيين شخصيات تحمل نفس الفكر، بدلاً من تعيين شخصيات تتمتع بالخبرة المناسبة أنه نهج جديد في الإهمال واللامبالاة، اعتمده ترامب خلال المراحل الأولى من الأزمة، وهذا الأسلوب سيكون من أكثر الاساليب كلفة في التاريخ المعاصر.
وأنه تم تحذير المسؤولين في وقت مسبق من انتشار هذا الوباء وانه كان بإمكان البلاد أن تكون أكثر جهوزية للتعامل مع الأزمة، مما يعني أن الشعب الأميركي سيدفع الثمن على مدى عقود مقبلة بسبب السياسات الخاطئة التي تبناها ترامب.
في السياق نفسه، وصف الكاتب جورج سميث أداء الولايات المتحدة في التعامل مع أزمة انتشار فيروس “كورونا” بـ”الأسوأ في العالم”. وذلك في مقالة نشرها موقع “بلومبرغ” حيث رأى الكاتب أن الحكومة الأمريكية تخلت عن دورها مع حلولها في المرتبة الأولى من حيث عدد حالات المصابين بالفيروس نتيجة ذلك، وقال إن طبيعة هذا الفشل يشير إلى أن أزمة انتشار الفيروس كشفت عن انحدار أعمق في فاعلية الولايات المتحدة كحضارة.
وتحدث الكاتب عن مؤسسات عفا عليها الزمن في الولايات المتحدة تعود إلى القرن الثامن عشر، وعن زيادة الانقسامات العرقية والاثنية في البلاد. رأي سديد، إن دل على شيء فإنه يدل على أن وجود إدارة مثل إدارة ترامب ما عاد ينظر إليها على أنها إدارة كفوءة. وإن “إعادة عظمة الحضارة الأمريكية” ستكون على الأرجح عملية طويلة وشاقة
بدورها ذكرت الكاتبة كريستينا لين أن مكتب التحقيقات الفيدرالي “إف بي آي” قد حذر من ازدياد عدد “جرائم الكراهية” ضد الأميركيين من أصول آسيوية، ولفتت في مقالة نشرها موقع “آسيا تايمز” إلى ما ورد على قناة “أي بي سي نيوز” من أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يتوقع أن تزداد جرائم الكراهية بحق الأميركيين من أصول آسيوية بسبب انتشار فيروس “كورونا”، كل هذا يشير بوضوح أن المشهد إلى مزيد من الارتباك في الولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب لملف كورونا. وهذا امتدا د للتخبط في كل الملفات التي تعاملت معها منذ ان دخل ترامب البيت الأبيض حيث أظهر عجزا في كل مقارباته الاقتصادية والسياسية التي وعد ناخبيه بها.
وفي نهاية المقال أود أن أشيد بما قام به العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز حفظهما الله من اجراءات احترازية مسبوقه وصارمه وتفاعل جميع الأجهزه الرسمية الحكوميه والخاصه والشعب السعودي الوفي مع الأمر الكريم من الوالد العطوف المحب لشعبه