لم يشهد البيت الابيض لاعبأ على كرسي الرئاسة الامريكية رئيسا مصاب بنوبات صرع سياسية تبدأ من تغريدات الصباح ومنوعاتها الدولية وتنتهي بمعارك يومية مع القضاء الامريكي ، وسبب ذلك بسيط جدا ان هذا الرجل ذا خلفية اقتصادية مشوهة ابتلت به السياسة ، رغم انه رأسمالي الى حد النخاع ، وهو من مالكي الشركات والعقارات ، وانه كان عليه ان يدافع عن ابسط مسلمات الرأسمالية الا وهي الحرية التجارية القائمة على معادات الحمائية ، غير ان الرجل فتح الباب على مصراعيه لاستعمال اسلحة الدمار الشامل في علاقات الويلايات اامتحدة التجارية مع الصين والاتحاد الاوربي واليابان . (مثلث الانتاج العالمي) كما وانه شديد اللهجة في دبلوماسية اساسها الورع واكتشاف نوايا الغير ، الا انه لا يتورع ولا يعتدل في جلسات الحوار ويستعمل كل ادوات الاستفزاز مثيرا محاوريه مما جعل الويلايات المتحدة في عداء مستمر مع دول العالم . وفي الداخل الامريكي وبسبب خلفيته الجنسية وعلاقاته المتنوعة مع النساء ، فقد كان مشغولا وبعيدا عن مصالح دافعي الضرائب بالدفاع عن ماضيه ضد دعاوى التحرش الجنسي ، ناهيكم عن كونه اول رئيس امريكي يعلن الحرب على الاعلام ، وقد كان نتيجة كل ذلك ان اصبح رئيسا غير مستقر وصاحب تقلبات سياسية ، وهي ربما مقبولة في الداخل غير انها مثيرة للجدل والاستغراب في العلاقات الدولية ، وهنا نود ان نذكر بموقفه المعاكس لمقررات الثمانية الكبار في كندا ، والتراجع عن موافقته بمجرد ركوبه الطائرة ، او تماديه بمجاملة قمة هلسنكي للرئيس الروسي ، والتصريح بعكس ذلك بمجرد وصوله العاصمة واشنطن عندما سلم بصحة التدخل الروسي في الانتخابات الامريكية . او حتى موقفه تجاه محادثاه مع الرئيس الكوري الشمالي بشأن نزع الاسلحة النووية الكورية .
ان الويلايات المتحدة اليوم في شد وتراخ في سياستها الدولية ، كانت نتيجة لعقد رئيس يفتقر الى الحنكة السياسية ، كثير التغريدات ، قليل التأمل والتوقفات ، سريع الارهاصات . انتقل من عالم التحرشات الجنسية الى عالم التحرشات السياسية ، وان الاختبار الحقيقي لسياسته هذه ربما سيكون في الانتخابات النصفية في الخريف القادم ، اذ من المتوقع ان يخسر الجمهوريون عددا لا بأس به من المقاعد بسبب سياسة هذ الرئيس ، الذي هو نفسه ربما يكون عرضة للتغيير…