25 نوفمبر، 2024 4:33 م
Search
Close this search box.

ترامب المختلف هل يمثل تهديداً للديمقراطية؟ 

ترامب المختلف هل يمثل تهديداً للديمقراطية؟ 

المنافسة الانتخابية التي وصفت بأنها الأقذر في التاريخ الأمريكي بحسب تعبير دير شبيغل الألمانية، والتي جرت بين الديمقراطية هيلاري كلنتون والجمهوري دونالد ترامب، أسفرت عن فوز ترامب خلافاً للتوقعات رغم فوز هيلاري بفارق بسيط عنه في التصويت الشعبي، فوز ترامب وإن كان توقعه البعض ولكنه مثل صدمة للكثيرين وصدرت ردود أفعال داخلية وخارجية يسجل الكثير منها على إنه يحدث لأول مرة!
ترامب الملياردير المثير للجدل في تاريخه ومصادر استثماراته وفي آراءه ودعايته الانتخابية، الجمهوري الذي تخلى عنه الكثير من رموز الجمهوريين تهرباً من تبني مواقفه فاز في الانتخابات التي شهدت الكثير من الأوليات، فالصراع بين المرشحين كان على أقذر ما يكون، والعبارات في المناظرات كانت خلاف المعتاد، والتهم المتبادلة في الجانب الأخلاقي وفي العمالة لهذه الجهة أو تلك، فهيلاري اتهمت بتلقي تمويل من جهات خارجية وأهمها السعودية وترامب أتهم بأن مسير من بوتين!
وجرى التشكيك في الانتخابات بقوة حتى قبل خوضها ولعل ذلك يحدث للمرة الأولى بهذا المستوى، وليس هذا وحسب بل المظاهرات لازالت مستمرة في عدة ولايات أمريكية رفضاً لفوز ترامب، وعبر العديد من المواطنين عن خوفهم من المستقبل في بلادهم بوجود ترامب، وعبر آخرون عن غضبهم عبر المظاهرات وبعضهم عبر تحطيم شاشات التلفاز وآخرون عبر دعوات الانفصال وجمع التواقيع لذلك كما هو الحال مع ولاية كاليفورنيا من أكبر الولايات الأمريكية وصاحبة سادس اقتصاد على مستوى العالم متجاوز فرنسا!
تصريحات ترامب والتي لن نخوض في تفاصيله وتاريخه الواضح هي التي أقلقت الكثيرين بغض النظر عن صدقه في تنفيذها من عدمه رغم وجود مؤشرات على نية حقيقية لتنفيذ بعضها على الأقل.ولكن ليس هذا فقط هو المقلق فقط فهناك مؤشران آخران للقلق من ترامب المختلف هذا أولهما القلق على الولايات المتحدة الأمريكية واستقرارها والديمقراطية فيها واحتمال تفككها وقد عبر عن هذا القلق الكثيرون وتجنب الحديث عنه آخرون، ومؤشر القلق الآخر عالمي ففوز ترامب ليس مصدر قلق للاتحاد الأوربي ولا للناتو ولا لدول الخليج ولا للاتفاق النووي الإيراني فقط بل هو مصدر قلق لمنظري الديمقراطية والليبرالية ورعاتها ومنظريها ففوز نقطة تحول مفصلية في النظام العالمي على حد تعبير فوكوياما الفيلسوف الأمريكي الشهير، والذي عد فوزه تنامي لما أسماه بالديمقراطية الشعبوية-أي الديمقراطية التي لا تؤثر بها النخب- وقارن بينه فوزه وبين شعبية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والذي يسانده تأييد شعبي هو الآخر أيضاً، وكذلك الرئيس التركي أردوغان المدعوم شعبياً والمرفوض نخبوياً وكذلك رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان الذي يحظى بالشعبية في كل مكان إلا في العاصمة بودابيست، على حد تعبيره. و فسر تصويت الأمريكيين لصالح دونالد ترامب بحدوث انتقال من خندق إلى آخر، من معسكر الليبرالية العالمية إلى معسكر القومية الشعبوية!
ماريان لوبان السياسية الفرنسية وزعيمة الجبهة القومية فيها والمرشحة الساخنة لانتخابات الرئاسة القادمة استظهرت نفس التوقعات فكانت فرحة بفوز ترامب حيث كانت من أوائل المهنئين له، وقالت إنه في حال فوزها فستشكل مع بوتين وترامب ثلاثياً مفيداً للسلام العالمي، وقالت أيضاً : توجد حركة عالمية ترفض العولمة غير الخاضعة للمراقبة. الليبرالية المفرطة الهدامة.. القضاء على الدول القومية واختفاء الحدود.
ووعدت في حال فوزها بأنه سيكون لبلدها علاقات جيدة مع روسيا وستجري استفتاء لخروج فرنسا من الاتحاد الأوربي.إذن نحن أمام أما انهيار للقيم الديمقراطية المعروفة وغياب دور النخبة فيها أو أمام صورة جديدة منها قد لا تنتج بالضرورة شخصيات متزنة وتمتلك كفاءة، على أي من هذه الاحتمالات أو غيرها فإن الديمقراطية تتطلب إعادة نظر وفوز ترامب مؤشر واضح على الحاجة لذلك ولعله بنظر البعض نذير على فشل تام لها فضلاً عن القلق من تأثيرات سلبية كثيرة على مستوى السياسة والاقتصاد.                      

أحدث المقالات

أحدث المقالات