لم يتوقف تاثير ترامب على المجتمع الابيض بالحد الذي وصفناه سياسيا في المقال السابق بل وصل الى حد التشجيع على الاعمال المسلحة ضد الاعراق الاخرى سواءاً كانت تلك الاعراق الاخرى هي ديانات مختلفة او لون بشر غامق، فقد غض الطرف عن تصرفات الشرطة الامريكية ضد السود في الولايات المتحدة بل يقال انه شجع رجال الشرطة على التصرف بحزم في احدى المرات، ناهيك عن التركيز على مصطلح الارهاب الاسلامي تعزيزا للنظرة التي يراد بها ربط الارهاب الاصولي بعموم المسلمين وهذا ما بدا يوجج مشاعر المتطرفين البيض الذي يدينون بالمسيحية، وهنا يجدر التركيز على ان الاصل في التطرف لدى البيض هو شعورهم بالتفوق الابيض قبل الدين كون عنصريتهم الدينية تاتي بمرتبة متاخرة عن عنصريتهم العرقية والدليل هو عنصريتهم تجاه المسيحيين السود، وبالعودة الى آثر خطابات ترامب، فيمكن ملاحظة اثار سياسية الترامب والتوجيه الخفي للتيارات المتطرفة ضمنياً في عملية نيوزلندا فقد كان واضحاً في حالة هذا الارهابي العنصري الذي كتب رسالة تعبر عن هويته ودوافعه من عشرات الصفحات، فلم يكن من نسق الارهابيين الخائفين من العدالة او الباحثين عن ثأر لليوم بل كان يعمل على استمرار حالة يجدها كانت موجودة واخفتها العولمة كما يظن هو، ويرى ضرورة العودة الى ايجاد حالة المسيحيين المتدينين الشجعان او الدمويين ما شئت فسمها، فالرسوم التي وجدت على سلاح المهاجم ترمز الي معارك قديمة، فلم يرسم ما يدل على هجمات ايلول سبتمبر او هجمات لندن او باريس او مدريد او غيرها من هجمات الاسلام المتطرف في العصر الحديث بل تعمد التأصيل لعقيدته بمعارك قديمة كانت الرمزية فيها واضحة باعتبارها معارك بين دينين وعرقين وهي معارك العثمانيين والاوربيين ومعارك الصرب ضد البوسنيين ووجدت الاغاني التي كانت يستمع اليها اثناء تنفيذ الهجوم هي اغاني الصرب ضد البوسنيين بينما المراجع لابجديات الحرب البوسنية يجد ان تلك الحرب بالخصوص لم يكن بها البوسنيين هم المبادر الى ظلم احد بل هي مثال واضح على الظلم الذي تعرضت له اقلية معينة من خلال الذبح والاغتصاب في العصر الحديث ومن اهم ما تفردت به الحرب البوسنية ايضاً هو اجماع طوائف المسلمين على التوحد ضد الصرب حينها في حالة نادرة، وربما هذا ما دعاه الى التركيز على العثمانيين باعتبارهم يمثلون مرجع جامع للمسلمين في وقت ما والحرب البوسنية باعتبارها تعتبر معركة وحدت المسلمين خلفها.
اذا فالحالة النيوزلندية توسس لتيار جديد من الشعبوية المسيحية والعنصرية البيضاء اراد الرجل احيائها من جديد عبر كل ايقونات الهجوم ابتداءاً من التنفيذ في يوم الجمعة والمكان وهو دولة تعتبر امنة للمهاجرين مثل نيوزلندا والسلاح والرموز المكتوبة على السلاح وطريقة تصوير الهجوم والرسالة التي تركها خلفه الى الحركة التي قام بها في المحكمة.
وبالعودة الى تآثير ترامب فقد اشار الرجل الي سياسات ترامب في التصدي للمسلمين في رسالته التي تركها خلفة ومدحها وبالمقابل ادان ترامب الجريمة لكنه لم يشير الى الضد من الفكرة والتي تتمحور حول ردع المسلمين بل تجنب وصف الهجوم بالارهابي شأنه شأن العديد من السياسيين الاخرين حول العالم.