بدأ هذا الرجل عهده الرئاسي ، بسلسلة من القرارات ذات الطابع العنصري دينيا وإثنيا ، والذي يخصنا منها قراره بمنع إستقبال اللاجئين من سبع دول إسلامية هي العراق وسوريا وإيران واليمن وليبيا والصومال والسودان ، ولا أدري ما هو المعيار الذي إتبعه هذا الرجل لإصدار قراره ، فمثلا سيكون المواطن الخليجي مرحّبٌ به ، ونفس الشيء بالنسبة للأفغاني ، ربما أن حس هذا الرئيس كرجل أعمال ، يملي أن لا يهم إذا كنت إرهابيا ، لكن شرط أن تكون غنيا ، فالإرهاب هو (بزنس) على مستوى عالي رغم كل شيء ! .
الملفت هو المظاهرات العارمة ضد هذا القرار على صعيد الشعب الأمريكي ، بل وصلت المعارضة إلى داخل الحزب الجمهوري والمؤسسات الرسمية ، وكان رد الرجل حازما بإعفاء إثنين من موظفي وزارة العدل الأمريكية ، أكبر مؤسسة تُعنى بالقانون ، ومنهما وزيرة العدل بالوكالة ! ، التي إدعت أن تلك القرارات مخالفة للدستور الأمريكي ولحقوق الانسان ، هكذا بدأ الرئيس بتجربة إختراعه وهو (الفاشية) ، وهي من كبرى مبررات الديكتاتورية ! ، بعد أن بقيت أمريكا في منأى عن هذا الفكر الذي إجتاح (ولا يزال) الدول الأوربية كالنازية والفاشية الإيطالية والإسبانية ، وسبب بُعد أمريكا عن هذا (الإختراع) ، هو ان المهاجرين من عشرات الدول هم من صَنَع أمريكا ، ولا توجد فيها قومية محددة ذات أغلبية ، وفي هذا السياق تحضرني طرفة تداولتها مواقع التواصل الإجتماعي من أن (ترامب) كان منهمكا بخطابه عن برنامجه الإنتخابي ، قائلا (على اللاجئين العودة إلى بلدانهم) ، فما كان من رجل من الهنود الحمر ، سكان أمريكا الأصليين إلا أن قال (ومتى تعود أنت من حيث أتيت) ؟! ، خصوصا وأن أمريكا هي من كرّست الفوضى والأرهاب والإتيان بكل شذاذ الآفاق والمطلوبين على أنهم سياسيون يديرون دفة البلد ، والأجدر على الأقل أخلاقيا ، أن تفتح أمريكا أذرعها لأستقبال اللاجئين العراقيين بالذات ، كجزء بسيط من التكفير عن جرائمها تجاه البلد ، ولكن المثل الشعبي (رضينا بالبين والبين ما رضى بينا) ينطبق تماما على هذا الوضع ! .
السعودية التي نصّبت نفسها كحامية لحمى الإسلام ، لم تشجب قرار الطعنة التاريخية لدول ذات غالبية مسلمة وأول إجراء عنصري رسمي دولي ضد الإسلام ، وبدلا من ذلك هاتَفَ الملك (سلمان) ترامب عارضا عليه إقامة منطقة آمنة في كل من سوريا واليمن ! ، وما كان من (البزنس مان) إلا الموافقة والأستحسان ! ، وربما وبحكم الأكيد ، ستشمل العراق أيضا الذي ستُقضم المزيد من أراضيه تحت شعار (المنطقة الآمنة) بحجة الإرهاب الذي صنعوه وسوقوه هُم إلى أراضينا ! ، هكذا أصبح المال القوة الوحيدة المحركة للسياسة الأمريكية ، لكني أقول لا بأس ، ونرجوا أن يكون الرجل جادا بالقضاء على الإرهاب بدلا من صنعه وإدارته كما فعل أسلافه ، والأخطر ، نرجوا أن يفي بوعده بإزاحة كافة الأحزاب (اللاإسلامية) سنية كانت أم شيعية عن العملية السياسية فهي سبب البلاء الأول ، وإن كنت أعتقد إن الأمر إذا وصل لهذا الحد ، فسيتبرأون حتى من الإسلام لأجل البقاء في كراسيهم وكل الذي سيتغير هو حلّتهم فقط ! ، لكني أتوجس خيفة من فاتورة مخيفة ترهن حاضر العراق ومستقبله ، خصوصا بعد أن أغرق ساستنا البلاد في الديون ورهنوه وباعوا أرضه تفصيخا وأقساطا !.