الجمعة الثالث من شباط الجاري رغم انه يوم عطلة للبورصة , انشغلت محلات الصرافة وشركاتها بهبوط قيمة الدولار بنقاط غير متوقعة وتضاربت الانباء بشان مقدار الانخفاض , وذلك اثر اجتماع اسطنبول بين الخزانة الاميركية والبنك المركزي العراقي والاتفاق بينهما على معالجة ازمة الدينار وصدور قرارات عن مجلس الوزراء العراق بهذا الخصوص , كلها بالإمكان اتخاذها منذ الايام الاولى للازمة وتجنيب المواطنين الحمل الاقتصادي الثقيل الذي تحملوه والخسائر الكبيرة والقلق الذي عاشوا فيه والارباك في الحياة السياسية والاقتصادية .
في الحقيقة القرار الاهم الممكن استشفافه من الاجتماع هو تصليب الارادة الوطنية وتفعيلها في محاربة تهريب الدولار الى بعض البلدان على حساب الاقتصاد الوطني والمصلحة العامة لشعبنا وعم المساس بقوت الناس لأجل اثراء حفنة من اللصوص والمضاربين والفاسدين ..
ان هذا الدرس ينبغي ان يبعد بعض الجهات في الطبقة السياسية الحاكمة عن التذاكي والتلاعب مع المجتمع الدولي , لأننا دولة وليس ” مافيا ” , وضرورة اعادة الحسابات للعلاقات مع الولايات المتحدة وعدم خداعها في لا يمكن ان تخدع فيه , لاسيما انها حذرتنا منذ عام 2021 , و عدم ايثار الدول الاخرى ومصالحها على مصالح العراقيين, لان اي منها لا يقف معنا ولا يهمها الا منافعها , كما ان ضرب المبادئ الدولية والقرارات عرض الحائط لا فائدة تجنى منه ولا يدل على ان الدولة تحترم التزاماتها , ولنا تجربة عراقية في العهد السابق في هذا المجال , ما زلنا نعيش محنتها وكوارثها لهذا اليوم, ولا ندري ما هو الثمن الذي دفعه المفاوض العراقي للوصول الى الاتفاق .
الناس استقبلوا بارتياح الاتفاق بين البنك المركزي العراقي والخزانة الاميركية على قطع دابر التهريب والتعاون بين البلدين بموجب الاطار الاستراتيجي لتعزيز الاقتصاد الوطني , وهؤلاء الناس خرجوا في تظاهرات منددين بالغلاء وانهيار قيمة الدينار وشددوا على الحكومة لضرب الفاسدين وحماية المصالح الوطنية وملاحقة المهربين بجدية , واهمية انتهاج سياسة نقدية سليمة وشفافة تمنع اتخاذ عقوبات ضد بلادنا .
العلاقات بين الدول تقوم على اساس التكافؤ والاحترام المتبادل لاستقلالية قراراتها والحرص على عدم اضرار احدها بالأخرى ,وكل منها يتحمل مسؤولية سياسته ومواقفها من دون مساس واملاءات واقتراف ما يضيرها والا تكون العلاقة تابع ومتبوع .
المواطنون يتطلعون الى ترصين عملة العراق الوطنية , وتكون قوية ومحترمة ومجزية في التبادل السلعي ومع العملات الاخرى , يكتنزها العراقيون وغيرهم , وليست عملة رديئة لا مكان لها في سوق التداول ويخشون فقدان قيمتها ويتخلصون منها سريعا