ان اتفاق الكتل السياسية بعدم التوافق تماشياً من عرف الزعماء العرب في قممهم العربية ( اتفقنا على ان لا نتفق ) ينذر بتراجع التقدم الذي احرزه النظام السياسي الجديد ويفند ادعاءاته بحدوث تغيير في كافة مجالات الحياة لا سيما التداول السلمي للسلطة وتقديم الخدمات للمواطنين وتحقيق السلم والامن الاجتماعي . ومن يتابع المشهد السياسي يجد ان الكتل السياسية استمرت في حملاتها الاعلامية ضد بعضها البعض ووصل الامر الى التسقيط الفردي والجماعي حتى بعد الانتخابات مباشرة ، واعلان زعماءها بعدد الاصوات التي حصلوا عليها من خلال المؤشرات الاولية من ممثليهم في مراكز العد والفرز ، وبالتالي ادت الى استياء الشارع العراقي وتضامنه من المفوضية العليا لانها هي صاحبة الشأن في اعلان نتائج الانتخابات . اليوم نرى العكس ظهور حالة من الهدوء النسبي لجميع الكتل السياسية واخذت منحى التهدئة والابتعاد عن التصريحات الرنانة التي تستنفر الشارع وتصعد من التوتر والتذمر. السؤال المطروح لماذا عدلت الكتل السياسية عن اساليبها وحدت من تصريحات اعضاءها ؟ ، أليست كانت بالامس تمارس اللعن والقذف والتسقيط علناً وحتى التهديد اما بالحرب او الانفصال ؟ . ان الاجابة ينبغي معرفة ماذا ظهر على الارض اولاً كي تغير الكتل توجهاتها بشأن العملية السياسية وتشكيل الحكومة . كانت الكتل في السابق تعتقد ان المطبخ السياسي جاهزاً بعد اعلان النتائج لعقد جلسة للبرلمان وانتخاب رئيس الجمهورية بالتوافق ثم تبدأ عملية جر الحبل والتوافقات والمساومات والتنازلات وابرام العقود بين الكتل لاختيار رئيس الحكومة مثلما حدث عام 2010م . الا ان الوضع لم يكن هكذا بعد اصرار بعض الكتل لا سيما دولة القانون على حكومة الاغلبية السياسية مما عقد المشهد السياسي ، وبالتالي لو حدث ذلك ماذا يعني ؟ هو حرمان الكتل الاخرى من امتيازاتها ومشاركة اعضاءها في الوزارة ، فيما نددت كتل اخرى بتشكيل حكومة ذات اغلبية سياسية بحجة انه ليس من مصلحة العراق في الوقت الحاضر تبني مثل هذه الحكومة . ان استمرار عودة
التحالفات القديمة وتنشيطها سيضر بالعملية السياسية وتبوأ نفس الوجوه لمركز السلطة والقرار. لذا اعتقد ان الكتل قد ادركت ان السجالات والصراعات سوف تبعدها عن تقاسم الكيكة مما ينبغي المهادنة واجراء الحوارات فيما بينها حتى التي تتقاطع معها ، ومن خلال طرح خداع جديد وهو تشكيل فريق قوي متجانس من كافة المكونات وليس بالضرورة ان يكون من مكون واحد وفق رؤية مشتركة متسامياً على المناصب والمراكز لتشكيل الحكومة . لا نقول سوى انه التفاف وعودة الى المربع الاول . وهل يلدغ المؤمن من جحر مرتين ؟.