في ستينيات القرن الماضي حيث كنا اطفالا ، كانت بعض حاجيات المنزل تُحمل على ظهور الدواب ثم تباع في ازقة بغدادَ و (بغدادُ فيها للمشاةِ دروبُ) اذ شاهدت بائع الملح المتجول وكان غالبا مايحمل خُرجا على ناقته وهو يردد (ملح ..ملح) ويومها كنا نجري خلف الناقة واضعين اصابعنا حيث سارت الناقة وحيث كبت متصورين اننا نشرب حليبها علما بأننا لا نعرف ان كانت الدابة ناقة ام جملا ! كانت الحياة جميلة وممتعة حيث نشاهد اسراب الطيور المهاجرة عصرا وعند الغروب وكانت الفتيات ينشدن مع تحليق هذه الطيور (طلعوا المدارس) ولا نعرف ان هذه الطيور هي طيور عابرة للقارات قبل ان تخترع اميركا ويخترع والاتحاد السوفييتي الصواريخ العابرة للقارات. ورغم توفر جميع المواد الغذائية ومواد التنظيف وباسعار جد زهيدة لكنني كنت منتبها الى شخص يبيع حاجةً غريبةً بالنسبة لي حيث يمر في شارعنا مع حماره الصغير والخُرجُ على ظهره معلنا عن بضاعته بصوت جهوري (تراب حنطة ، تراب حنطة) ورغم توفر مساحيق الغسيل مثل (التايد والحياة) الا ان والدتي رحمها الله ورحم امواتكم جميعا كانت تشتري بين فترة واخرى مادة (تراب حنطة) كي تقتصد في استخدامها لمساحيق الغسيل . يومها كانت ميزانية الدولة العراقية لا تساوي ربع ميزانية دولة العراق الحالية ومع ذلك كانت الدولة توزع الدور السكنية على الموظفين. ويوم امس استلمت مايسمى بالحصة التموينية ويالها من حصة حيث تبخرت هذه الحصة نتيجة القنابل الامريكية المحرقة والتي تُحول الجسم البشري الى هيكل عظمي ، فقد ذاب الشاي والصابون ومساحيق الغسيل والبقوليات والسكر والملح واشياء اخرى كانت توزع نتيجةً لاستخدام هذه القنابل . ويوم دنس الامريكان ارض الانبياء والاولياء والائمة الطاهرين وُعِدنا بحصة ليس لها مثيل ففيها انهار من خمر وعسل ولذة للشاربين ووعِدنا بان الطفل الرضيع ستصله حصته من بيع نفط العراق (مسكين ياعراق) ووعِدنا بمجمعات سكنية عملاقة ووعدنا بمركبات للاساتذة والموظفين وبدور ورواتب للمساكين وهذه هي ابسط واجبات الدولة اذ عليها ان توفر السكن وواسطة النقل والحماية لمواطنيها وهذا ما اقره خاتم النبيين محمد (ص) بحديثه (على كل صاحب عمل ان يوفر للعامل مسكناً يؤويه ومطعماً يسدُ جوعته ومشرباً يروي غُلته وثوباً يسترُ عورته ) وقال (ص) (من كان اخوه يعمل تحت يده فليطعمه مما يأكل ) فهل اكل المسؤولون مما ناكل ياسيدي يارسول الله؟! ونتيجة للظروف العصيبةالتي يمر بها العراق قررت الدول الاوروبية الغاء قرارها باعادة العراقيين الى وطنهم اي ان الاجنبي حَنَّ وتعاطف مع العراق الجريح عراق الشهداء والجرحى والمفقودين والمهاجرين والمُهَجَرين . فسلامٌ عليك ياعراق الاباء سلامٌ عليك ياعراق الانبياء والاولياء والائمة الطُهر الطاهرين وسلامٌ على وزارة التجارة وسلامٌ على زمن (تراب حنطة) . انه مقترح لوزارة التجارة ان توزع (تراب حنطة) على المواطنين بدلا من مساحيق الغسيل والصوابين التي هاجرت نتيجة التفجيرات والاغتيالات وبذلك نوفر ملايين الدولارات . ! (رَبَّنا افرغ علينا صبرا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكفرين).